الأربعاء، 25 مايو 2022

25 أيار هو بداية النهاية

 يصادف اليوم ذكرى تحرير لبنان من العدو الصهيوني بتاريخ 25-5-2000 وهو يوم كما لن ينساه اللبنانيون ولن ينساه الصهاينة أيضا لان هذا اليوم يمثل صفعة مدوية للاحتلال ولكل من وقف معه وكل من سانده من الغرب ومن العرب المتصهينين حيث وصلوا الى النتيجة النهائية للمغامرة في الشرق الاوسط وللمشروع الاستعماري ككل،وهي ان كل ما تم التخطيط له قد أسقط وأن ما تبقى هو مسألة وقت بما فيه كيان العدو الصهيوني. وقبل ان نبدأ بالمقال يجب ان نستعرض ذلك التاريخ والذي اقتبسته من ويكيبيدبا:

بداية الاقتباس :"احتلت إسرائيل جنوب لبنان عام 1978، ضمن سلسلة أمنية بعيدة المدى. وفي عام 1982 دخلت إسرائيل إلى بيروت ثم انسحبت وبقيت في الجنوب حتى عام 2000. لكنها اضطرت للانسحاب من معظم هذه الأراضي تحت ضغط هجمات المقاومة اللبنانية الناجحة. وبدأت المقاومة من قبل القوات الوطنية اللبنانية مثل الحزب الشيوعي وحركة أمل إلا أن نهايات الثمانينات أظهرت المقاومة الإسلامية المتمثلة بحزب الله وجود فاعل وقوي بعد قيامه بعمليات فعالة وموجعة ضد الجيش الإسرائيلي وقوات جيش لبنان الجنوبي.
بدأت عملية التحرير يوم 21 أيار/ مايو 2000 حيث أعلنت كتيبتان تابعتان لميليشيا جيش لحد العميل لإسرائيل في القطاع الأوسط استسلامهما. ثم قام الأهالي باجتياح بشري مدعوم من قبل ما يصطلح عليها بمجموعات المقاومة الإسلامية لتحرير القرى، ولم تمنعهم الاعتداءات والقصف التي قام بها الجيش الإسرائيلي.
بدأ التحرير من بلدة الغندورية باتجاه القنطرة حيث دخل اللبنانيون عبر مسيرة ضمت حوالي مائتي شخص يتقدمها عضوا كتلة الوفاء للمقاومة النيابية النائبان عبد الله قصير ونزيه منصور، ودخلوا إليها للمرة الأولى منذ سنة 1978. في وقت كانت ميليشيا جيش لحد قد انسحبت من مواقعها المتاخمة للبلدة. وكان ذلك مدخلاً لعودة الأهالي إلى البلدات الأخرى كالطيبة ودير سريان وعلمان وعدشيت.
وفي 22 ايار/ مايو 2000 تم تحرير القرى التالية حولا ومركبا وبليدا وبني حيان وطلوسة وعديسة وبيت ياحون وكونين ورشاف ورب ثلاثين. وفي 23 ايار/ مايو 2000 تحررت بلدات بنت جبيل وعيناتا ويارون والطيري وباقي القرى المجاورة. وفي هذا اليوم اقتحم الأهالي معتقل الخيام وفتحوا أبوابه وحرروا الأسرى مع رحيل الاحتلال وعملائه. وفي 24 ايار 2000 تقدم الأهالي والمقاومون إلى قرى وبلدات البقاع الغربي وحاصبيا وقراها،[4] اما في ليل 24 ايار 2000 فكان الاندحار لآخر جندي إسرائيلي من الجنوب والبقاع الغربي حيث اعلن 25 ايار 2000 عيدا للمقاومة والتحرير على لسان رئيس مجلس الوزراء الأسبق اللبناني الأسبق سليم الحص. وتخليداً لهذا العيد قام أحد المهندسين بدراسة مشروع المجمع الفكري الثقافي المقاوم في منطقة اللويزة الذي نفذ وأصبح اسمه معلم مليتا للسياحة الجهادية." نهاية الاقتباس

هذا التحرير جاء نتيجة تحضيرات لعمليات عسكرية ضد العدو الصهيوني ومن معه أعقبها مجموعة من الضربات المتلاحقة للعدو لم يستطع معها الاستمرار باحتلاله فقد شعر بالكلفة الكبيرة في الارواح والاموال مما اضطره للانسحاب بكل ذل وهزيمة. في ذلك اليوم كتبت تريسي ويلكنسون مراسلة لوس انجلوس تايمز للشؤون الخارجية " تحت جنح الظلام وغارات سلاح الطيران انسحب ارتال دبابات ومدرعات الجيش الاسرائيلي من جنوب لبنان وكان جيش لبنان الجنوبي(العميل) قد ترك مواقعه ودباباته واسلحته الثقيلة يوم الثلاثاء التي تناثرت على بقعة كبيرة تبلغ 9 أميال وقد هرب هذا الجيش والذي يقدر تعداده ب 5000 مع عوائلهم الى فلسطين المحتلة". عباراتان استوقفتاني في مقال الكاتبة، الاولى حين كتبت " عند شروق الشمس سمعت الراديو الاسرائيلي يقول : لقد أفقنا اليوم على فجر جديد وحقيقة جديدة" والثانية حين كتبت " لقد كانت الفرحة تغمر الجنود الاسرائيلين المغادرين رغم عدم الانتصار لقد كان الارتياح واضحا عليهم فقد خلعوا دروعهم وهنؤا وعانقوا بعضهم بعضا بل ان احدهم قد تمكن من هاتف محمول وسمعته يصرخ " أمي انا قادم الى المنزل" "

ما قاله راديو العدو هو ادراك للموقف ، فبعيدا عما قاله السياسيون الصهاينة ذلك اليوم الا ان كل واحد منهم أدرك حينها ما يحصل تماما       " انها بداية النهاية" للكيان المحتل فتحرير لبنان كان الفجر، والمقاومة هي الحقيقة الجديدة القادمة، انه فجر التحرير الكلي  الذي أشرقت شمسه على كل أرضنا المحتلة بعد طول ظلام ومع شروقها نشرت أجنحة المقاومة وهي الحقيقة الجديدة أجنحتها في كل مكان لتعيد الارض والكرامة والعزة. وما فرحة الجنود الصهاينة بالانسحاب الا بداية ايمانهم بعدم جدوى مقارعة المقاومة، فالنتيجة حتمية بهزيمتهم فهم لم يتمالكوا أنفسهم فرحا  بالخروج من المستنقع اللبناني أحياء وذلك يعتبر نصرا لهم.  

على كل العرب المتشوقين للتحرر من براثن العدو الصهيوني ان يحتفلوا اليوم بهذه الذكرى العطرة التي ستذكرنا دوما ان القدس باتت أقرب.

    

  

السبت، 5 فبراير 2022

هل نحن مع عرب المقاومة او المساومة او الموائمة؟؟؟

 راقبت مؤخرا ولفترة لا بأس بها التغريدات المحلية بل وغرف كلب هاوس وتويتر فخرجت بنتيجة ان أحدا لا يعنيه ما يحصل في الخليج او الاقليم أو حتى العالم وتركزت المناقشات على الاشخاص وكل همهم ماذا فعل عبيد والبراك وفيصل اكثر من القوانين والتنمية بل بلغت حدا اسمع فيه تكرارا لما سمعته في الغرفة الاخرى او تغريدات عدة متشابهة. غياب النقاشات عما يحصل في المنطقة والدور الكويتي فيها هو أمر مرعب لاننا وان كنا لا نناقش الاوضاع السياسية والاستراتيجية والتحالفات في المنطقة الان، فسيأتي الوقت الذي يجب ان نكون فيه مستعدين لنقرر في أي جانب نحن من هذه التحالفات أو نفرض أنفسنا في خانة الحياد، وما هو موقفنا تجاه هذه القضية أو تلك والتي تعم المنطقة كلها. إنه مصير وليس ترف فلذا انا من هذا المقال أحفز الاخوة المعنين بهذه الدراسات والمناقشات ان يفتحوا وسائل تواصلهم لعلاج هذه الافة وهي غياب الوعي والثقافة في العلوم السياسية والاستراتيجية.

حروب المنطقة تعنينا جدا ان كانت في سوريا او اليمن او العراق أو فلسطين المحتلة وكذلك الاوضاع في السودان وتونس ولبنان كما يعنينا بروز الاقطاب الجديدة في كل من روسيا والصين وأمور عدة كملف النووي ومستقبل المنطقة وغيرها ، فكل هذه الامور سيتمخض عنها شيء في النهاية وسنتأثر بها شئنا أم أبينا. لأعطي مثالا مبسطا جدا كي تتضح الصورة ، سنوات الصراع الماضية تمخض عنها محور أسمه محور المقاومة ويضم سوريا وجزء من اليمن وجزء من العراق وجزء من لبنان، هذا المحور يملك قوة عسكرية استطاع بها ان يفرض كلمته على المنطقة تحت شعارين وهما تحرير فلسطين وإيقاف الهيمنة الامريكية في منطقتنا، يقابله محور اسمه محور المساومة الذي مد يده لكيان العدو الصهيوني وشكل معه محورا اقتصاديا وعسكريا يواجه به محورالمقاومة بالتعاون مع الامريكي. مع هذا التبسيط الشديد ، أين نجد الكويت علما ان هذين المحورين هما على أرض الواقع وليسا قيد التأسيس؟؟؟

لا يمكن للكويت ان تكون جزءا من محور المساومة لان لها مبادىء راسخة ضد التطبيع وتؤمن بالحق الفلسطيني وعدم التدخل في شؤون الاخرين  وهذه العناصرهي شروط أساسيية للعضوية في هذا المحور، ومن جانب اخر فالكويت يصعب عليها أن تكون من محور المقاومة وذلك لعلاقاتها الوثيقة مع الجميع، ولتأثرها الكبير بالرأي العام لدول مجلس التعاون. هذا يضعنا امام خيار أخير وهو محور الموائمة أو الحياد فالموائمة باللغة تعني الموافقة اوعدم الاختلاف، فالكويت تجمعها علاقات متميزة مع الجميع ودون ان نكون مع محور ضد الاخر كما أنها فرصتنا الكبيرة لاستعادة أمجاد الدبلوماسية التي أسسها الشيخ صباح الاحمد رحمه الله والتي بدأنا نفقدها مؤخرا  ويتمركز هدفها في إيجاد الحلول ونزع فتيل اية مشكلة قد تظهر على السطح بين الفريقين.

فإذا بنينا على أن الكويت من عرب الموائمة والحياد عندها نستطيع ان نبني استراتيجيتنا الخارجية ونحدد أهدافنا القائمة على عدم التطبيع والايمان بالحق الفلسطيني وعدم التدخل في شؤون الاخرين مع المساهمة الفعالة لانهاء اي نزاع في المنطقة عن طريق تقريب وجهات النظر كما بالامكان اضافة أركان أخرى نستطيع ان نضمها للأهداف الاستراتيجبة. ولعل أفضل عمل يتماشى مع هذه الاستراتيجبة هو إنهاء حرب اليمن التي احرقت الاخضر واليابس ونالت من الدم العربي ما نالته وهي في تفاقم وتوسع، وهنا لا أقصد الهدنة وانما ايقاف للحرب يبدأ بالهدنة وينتهي بالتفاوض العميق مع جميع الاطراف المتنازعة ولا تنتهي المفاوضات الا بالاتفاق وبغض النظر عن تغير الاحداث. الكويت لها من الاحترام والمحبة بين أشقاءها العرب ما يؤهلها للقيام بهذا الامر ولا بأس بل من الجيد ان نجد دول عربية اخرى لها نفس الاهداف الاستراتيجية الخارجية كالجزائر مثلا والتي تقارب في سياساتها الخارجية الكويت وتقاربها في المبادىء الثابتة والاهداف الاستراتيجبة.

ان فتح نقاش كهذا وإنشاء مراكز للبحوث الجيوسياسية لا يساعد الحكومة في اتخاذ قراراتها بناء على دراسات معمقة فحسب وانما سينمي الوعي والراي العام في البلد وسيخرجنا من البصم على تحليلات سياسية تنشر على مواقع الانترنت او القنوات الفضائية الاخبارية.  فكل ما ذكرت من وسائل تواصل وغيرها قد يبعدنا عن الحقيقة ، فلما لا تكون استراتيجيتنا في الشؤون الخارجية معلنة بوضوح ولما لا يكون لنا متحدث في وزارة الخارجية بخبرنا عن التوجه الحقيقي للدولة تجاه كل القضايا التي تعصف بهذا الوطن العربي والشؤون الاقليمية والعالمية كما أنها وسيلة للتخاطب مع العالم عن طريق ابراز هويتنا الوطنية التي تعبرعن ما يشعر به المواطنون ويؤمنون فهي كالروح التي تسري في جسد كل الشعب فتضامننا مع الشعوب او تخاصمنا يعكس هويتنا الوطنية وما تمثله سياساتنا مع الخارج ذا أهمية عظيمة لانها تقول للعالم من نحن وما هويتنا.


   



الأربعاء، 2 فبراير 2022

الصيني للأمريكي "نحن وروسيا اما نقف سويا أونسقط سويا"

 كثر الحديث في الاعلام عن العقوبات الغربية تجاه روسيا في حالة اجتياحها لاوكرانيا ولعل أفضل ما كتب هوتحليل لصحيفة الفاينانشل تايمز البريطانية تحت عنوان " كيف سيعاقب الغرب روسيا اذا اجتاحت اوكرانيا" وتحدثت عن 4 اتجاهات مختلفة قد يتبعها الغرب:

1 - اطلاق عقوبات على المقربين من بوتين وأصحاب المال والنفوذ وهم نخبة الاقتصاد الروسي عن طريق تجميد ودائعهم في الغرب وبالخصوص بريطانيا وأمريكا وهذا ما صرح به عضو بارز في ادارة بايدن زأن هناك تنسيقا مع البريطانيين على أعلى مستوى، ويذكر ان بريطانيا بصدد اصدار تشريع بهذا الخصوص الاثنين القادم.

2 - البنوك: العمل على إخراج روسيا من النظام المالي العالمي وهو ما يبحثه الامريكيين مع الاوروبيين حول اخراج روسيا من نظام "سويفت" وهي شبكة دفع الاموال العالمية مما سيعقد عمل البنوك الروسية ولكن في هذا الأمر لم يحصل الامريكان على موافقة أوروبية كاملة لأنه سيعقد الأمور على الكثير من الدول ولكنهم أي الاوروبيين لا يمانعون من استخدام هذه الورقة في وقت لاحق بحيث تكون الورقة الاخيرة على ان يتم تطبيق قبله قانون منع الروس سحب الاموال من صندوق النقد الدولي.

3 - التكنلوجيا: ناقش الامريكان الاوروبيين بفرض عقوبات صارمة على صادرات تكنلوجيا الغرب وذلك لإلحاق أكبر ضرر ممكن على الصناعة الروسية وقدرتها على الابتكار . وعلقت شخصية بارزة في ادارة بايدن اننا نعني التكنلوجيا المتطورة التي صممناها وأنتجناها والتي يحتاجها بوتين لطموحه الاستراتيجي.

4 - الطاقة: علما ان الاوربيون يعتمدون على الروس بمقدار 40% من اجمالي طاقتهم المستهلكة الا أن الروس يعتمدون يعتمدون بشكل كبير على مبيعات المحروقات وهنا سئل الامريكان عن كيفية تحقيق ذلك فكانت الاجابة بتعطيل خط السيل الشمالي 2 للغاز الروسي الذي يصل لالمانيا الا ان الامريكان مازالوا يبحثون عن بدائل لانهم يعلمون ان هذا الامر سيؤذي ألمانيا كما ان بروكسل متحفظة على ذلك لان ذلك سيؤدي الى انهيار سوق الغاز في اوروبا وستكون تداعياته وخيمة.

  الحقيقة أن الروس أعلنوا أكثر من مرة انهم لن يهاجموا اوكرانيا ولا نية لهم لذلك، بل ان الرئيس الاوكراني زيلينسكي قد أبلغ الاوروبين والامريكان بعدم التهويل وأن القضية عادية فهو يعلم تماما ان استمرار الاستفزاز الغربي لروسيا سيجعله أمام فوهة المدفع الروسي وهو أمرلا يريده وقد تقدم بطلب للروس بسحب قواتهم والبدء بالمفاوضات، فإذا كان الامر هكذا فلما يصر الغرب على ذلك؟ وهل ستبقى الصين صامته؟ وهل العقوبات التي صاغتها أو لخصتها الفينانشل تايمز واقعية؟

منذ تولي بايدن لمقاليد الرئاسة وهو يسعى بشدة لانزال أشد العقوبات بروسيا فالديمقراطيون منذ زمن وهم يصرحون انهم معنيين بإيقاف طموحات بوتين الاستراتيجية وسعوا بجميع محركاتهم الاعلامية لاظهاربوتين بصورة سيئة وعلل بعض المحللين سبب تنامي النقمة تجاه روسيا الان هو بسبب انتخابات الكونغرس النصفيه وهي من الاسباب الرئيسية والمهمة  في السياسة الامريكية حيث تهاوت شعبية بايدن في استطلاع للرأي يوم 26 يناير الماضي الى 45% وهو أمر يحتاج معه ان يقوم بعمل ما لتحسين وضعه قبل الانتخابات ، وآخرون يقولون ان تحسين روسيا لعلاقاتها مع اوروبا الشرقية يعني تفوقا روسيا استراتيجيا وهو من طموجات بوتين، فبولندا مثلا التي كان يعول عليها الامريكان كثيرا اتخذت موقفا مقاربا للموقف الروسي في الازمة الاوكرانية نتيجة ذلك. ولكن بغض النظرعن الاسباب وصحتها فكل ذلك لا يعني شيئا اذا تحركت بكين بثقلها لمؤازرة موسكو، ولمعرفة طبيعة الموقف الصيني ربما لن يكون أبلغ من معرفة ما جرى في المكالمة بين انتوني بلينكن وزير الخارجية الامريكي ونظيره الصيني وانغ يي في 27 يناير الماضي والذي وزعته الصين كتقرير للمكالمة على كل سفاراتها في العالم ليبلغوا حكومات العالم بموقف الصين.

بدأ بلينكن بالحديث بقوله "اننا نريد الصينيين أن يعلموا ان عقوبات شديدة ستطال روسيا اذا اجتاحت اوكرانيا وان الصين ستتأثر اقتصاديا وبقوة اذا حدث ذلك"، (الواضح ان بلينكن يعلم ان الصين تعلم هذا مسبقا ولكنه أراد استطلاع الرأي الصيني وان يستكشف ان كان هناك شرخا في علاقتها بروسيا ليستطيع استغلاله). فجاء الرد الصيني صاخبا " أذكرك بالمكالمة الافتراضية التي تمت بين الرئيسين الصيني والامريكي في نوفمبر الماضي وفيها اتفق الطرفان على امور 3 وهي الاحترام النتبادل والتعايش السلمي والتعاون كي نصل الى صيغة رابح رابح للطرفين، ولكن ما يراه العالم هو تبدل في الالتزام الامريكي فبايدن لم يلتزم بالاتفاق ونحن نسمع التصريحات العدائية التي تخرج من واشنطن وهي لا تبحث عن التعايش السلمي فكلما ازددتم عدائا يزداد الشعب الصيني توحدا والصين قوة فابتعدوا عن التدخل في شؤون الصين وتايوان والالعاب الشتوية ، هنا تدخل بلينكن ليؤكد التزام بايدن وذكره بالموضوع الروسي فرد عليه " عليكم بالعودة الى اتفاقية مينسك 2 (2015 بين روسيا واوكرانيا والمانيا وفرنسا ومن أهم بنوده ان تقوم اوكرانيا باصلاحات دستورية تنتهي بنهاية العام تعطي فيها صلاحيات دستورية اكبرلاقليم دونيتسك ولوهانسك) والى وقف التصريحات الاعلامية المستفزة وتكتيكات الحرب الباردة وأن تأخذوا المخاوف المشروعة الامنية الروسية بجدية بإيقاف توسع الكيان العسكري(الناتو) شرقا لان هذه هي مشكلة اوروبا الكبرى، وهكذا انتهت المكالمة.

 يعطينا رئيس تحرير غلوبال تايمز الصينية الرسمية تفسيرا للمكالمة في مقاله "اذا استفزالامريكان الصين أو روسيا فرد الاخر لن يكون مختلفا" قال فيه " ان الغطرسة الامريكية تضغط على الصين وروسيا ولكن على الروس بشكل أشد فلن يجد الروس أنفسهم وحيدين بل سيجدون الصين وشعبها بجوارهم لأننا نعلم تماما إذا سقطت روسيا فذلك سيضرنا كثيرا فنحن والروس لسنا حلفاء بل أكثر من ذلك بكثير.   

يتضح من هذا السرد ان العقوبات التي سيشنها الامريكان ولو بشكل جزئي الان وبشكل كلي بعد الاجتياح الذي تصرأمريكا أنه سيحدث، سيحتاج فيه الى اجماع أوروبي وهو أمر غير متوفر الان خاصة بما يتعلق بالطاقة حيث حاول الامريكان ان يدفعوا قطر لالغاء جزء من عقودها لاجل تعويض اوروبا بالغاز الروسي فأجاب القطريون بدبلوماسية أنهم لا يستطيعون ذلك فهنا معضلة كبرى، وأما النقاط الاخرى فاذا وقفت الصين بجوار روسيا بهذه الطريقة فلن تجدي هذه العقوبات نفعا بل ان الاوروبيين سيكونون اكبر المتضررين ولن تستطيع امريكا تعويضهم بل ان الشعب الامريكي ستسمر معاناته مع التضخم الكبير وان اسعار المحروقات ستتضاعف مما سيضعف شعبية بايدن أكثر وأكثر. 



الجمعة، 28 يناير 2022

لنكون شركاء مع الشرق ونبطل تبعية الغرب

 لفت انتباهي خبر زيارة وزير الخارجية للولايات المتحده في اطار الحوار الاستراتيجي الامريكي - الكويتي في دورته الخامسة ويشمل كافة القطاعات كالتعليمية والامنية والتجارية والاقتصادية وغيرها مع اننا لم نسمع عن الدورات الاربعة الماضية بل اننا لم نشهد لها واقعا على الارض. سؤالين طرحتهما في عقلي فورا وهما لماذا تريد الولايات المتحده تعاونا استراتيجيا مع دولة نفطية صغيرة لا يتعدى تبادلها التجاري مع الولايات المتحده 0.02% من الناتج الامريكي السنوي وتملك علاقات متميزة معها كما انها تملك قاعدة عسكرية ضخمة فيها ؟ وهل مازلنا في الكويت حقا نعتقد ان الامريكي هو القطب الاوحد في العالم والافضل للقيام بحوار استراتيجي معه؟ 

رغم النوقيع على اتفاقية الحوار الاستراتيجي مع الامريكيين عام 2016 الا ان حوارا لم يحصل عام 2018 وهو العام الذي ذهب فيه الامير الراحل صباح الاحمد رحمه الله مع وفد كبير ورفيع المستوى الى الصين لابرام اتفاقيات موسعه في مجالات الاقتصاد والتجارة والطاقة والمال ضمن مشروع الحزام والطريق لتحويل الكويت لمركز مالي واقتصادي. بعدها لم يتأخر الامريكان للجولة الثالثة من الحوار والتي عقدت في الكويت في مطلع يناير 2019 والتي ترأس فيها الوفد الامريكي مايك بومبيو وزير الخارجية الامريكي حينها ليذكرنا بالدور الامريكي في تحرير الكويت ثم اختتم بالملفات السورية واليمنية والايرانية والتي وصفها بتبادل الاراء. يسعى الامريكان بقوة لنقض الشراكة الاستراتيجية الكويتية الصينية التي قال عنها السقير الصيني في الكويت لي في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء ((شينخوا))، إن الصين والكويت تتمتعان بالصداقة التقليدية، مشيرا الى أن "الكويت هى أول دولة خليجية عربية ارتبطت بعلاقات دبلوماسية مع الصين، وأول دولة في منطقة غرب آسيا وشمال إفريقيا توقع على الاتفاقيات المعنية بمبادرة الحزام والطريق مع الصين!! فأين أصبحت تلك المبادرة التي كنا اول من وقعها مع علمنا الان ان مبادرة الحزام والطريق اصبحت تمر في ايران ثم العراق فسوريا ؟؟؟ نعم لقد نجح الامريكي في فرملة الاتفاقية الكويتية الصينية وفيها خسرت الكويت فرصة ثمينة للتنمية بل وذهبت فكرة تحويل الكويت لمركز مالي ادراج الرياح. فالصينيون ليسوا كالامريكان فبمجرد ان فعل الايرانيون اتفاقيتهم الاستراتيجية مع الصين حتى بدأ 22 ألف صيني من مهندسين وعمال يستعدون للسفر الى ايران للبدء بتأهيل مصافي النفط والبنى التحيتية لايران وبناء المصانع وغيرها ،،، فلماذا راهنا على الامريكان وهم الان الحصان الخاسر ؟؟؟؟

يقول الاسكتلندي المولد الامريكي الجنسية نيال فرجسون في كتابه كولوسوس: صعود وهبوط الامبراطورية الامريكية والذي أصدره عام 2004 :" ان علامات الافول والتراجع للامبراطورية الامريكية تشبه تماما تلك التي حصلت لبريطانيا فضمور النفوذ والقوة يتمثل بأمور 4 وهي:

1 - الديون الهائلة ،فبريطانيا كانت قد بلغت ديونها عام 1934 200% من ناتجها الاجمالي واليوم الولايات المتحدة ترزح تحت ثقل الديون التي بلغت 134% من ناتجها الاجمالي.

2 - تراجع القوة النسبية ، فبريطانيا في القرن 19 لم يضاهيها احد في جبروتها الاقتصادي حتى تجاوزتها الولايات المتحده عام 1870 ثم المانيا واخيرا الاتحاد السوفيتي والان الامريكان يعانون من ذات الشيء فالصين قد  تجاوزت الولايات المتحد بالقوة الشرائية بالنسبة للناتج الاجمالي للدولة منذ عام 2017 (   based on GDP , Purchasing power parity أو PPP

3- عدم الرغبة في مواجهة خصومها: فبريطانيا رغم رؤيتها الواضحة لبزوغ النجم الالماني قبل الحرب العالمية الاولى بل والثانية كذلك الا انها كانت لفترة طويلة تغض النظر عنها لتثاقلها بالديون الكبيرة  وكذلك الامريكان فبعد انسحابهم المذل من فيتنام وافغانستان وقريبا العراق فهم يتغاضون عما يحصل هناك بل انهم بعد اغتيالهم للجنرال سليماني امطرتهم ايران بالصواريخ على قاعدتهم في العراق فما كان من الرئيس الامريكي حينها دونالد ترمب سوى ان قال " الحمد لله لا خسائر بشرية" واكتفى بالصمت ولم يفكر مطلقا بأية ردة فعل بل أمعن الايرانيون باهانتهم  للامريكان بابعادهم عن المفاوضات النووية المباشرة فالامريكان لم يجلسوا في غرفة أخرى من ذات الفندق بل أصر الايرانيون ان يجلس الوفد الامريكي في فندق آخر، ومع ذلك لم ينسحبوا من المفاوضات. وما يحصل بين اوكرانيا وروسيا لعله مثال آخر وجلي، فالامريكان رغم جعجعتهم الاعلامية لن يرسلوا جنديا مقاتلا واحدا لاوكرانيا واكتفوا بارسال السلاح بل لم يجرؤ الامريكان بإدخال اوكرانيا في حلف الناتو رغم رغبة الاوكرانيين بذلك.

4 - الامريكان ينقسمون على أنفسهم: أكثر من 40% من الامريكيين يعتقدون جازمين ان بايدن ليس الرئيس الشرعي للولايات المتحده وان الانتخابات قد تم تزويرها وبالتالي فالكثير منهم لا يبالون بقرارات بايدن بل ويستهزؤن به وبقراراته وهذا العدد الكبير ما زال يلتف حول ترمب ولا أبلغ من هذا الالتفاف حين اقتحمت مجموعة كبيرة منهم مبنى الكونغرس وعاثوا فيه فسادا بل مازال الامريكيون يتباحثون الامر مما دعا النيويورك تايمز الشهيرة لدعوة مجموعة كبيرة من السياسيين والاكاديميين والكتاب لبحث نفطة مهمة جدا وهي " ما هوية امريكا ؟ هل هي دولة ديمقراطية حرة أم بلد عنصري قائم على العبودية؟، هذه الاسئلة العميقة تظهر مدى الانقسام في المجتمع الامريكي.

كخلاصة ، الولايات المتحدة لم تعد الدولة العظمى التي ما زلنا في الكويت نريد ان نعتقدها كذلك، ولا هي الدولة التي يجب وضع مقدراتنا ومستقبلنا فيها، فهي نجم آفل ذاهب للضمور والانتهاء كقطب واحد فعلينا الالتفات للشرق وإعادة التعاون مع الصين ولا نخشى مما سيفعله الامريكان ولا نلتزم بمواقفهم ولا قراراتهم التي غالبا ما تصب في مصلحتهم فقط فهم لا يستطيعون سوى الجعجعة ، فقد مضت 5 دورات على الحوار مع الامريكي فهل تهيىئت عودة الكويت لتكون مركزا ماليا او معلما تعليميا أو.... ؟ فالعالم تغير ونحن بدورنا يجب ان نتماشى معه

 لقد حان الوقت لنكون شركاء مع الشرق لا تبعاء للغرب.

 

الاثنين، 24 يناير 2022

فشل جديد للدبلوماسية الكويتية

 كنت قد كتبت مقالا في اكتوبر الماضي عن تراجع الدبلوماسية الكويتية الى الصفر استعرضت فيه فشل الدبلوماسية الكويتية المعهودة لحل الصراعات العربيه-العربية وكيف نأت بنفسها خاصة عن الصراع الجزائري المغربي وحرب اليمن وغيرها وهو ابتعاد كبير عن الخط الذي رسمه مؤسس الدبلوماسية الكويتية الشيخ صباح الاحمد رحمه الله. ليعود تارة أخرى وزير الخارجية الشيخ احمد ناصر الصباح ليغرس رمحا جديدا في قلب الدبلوماسية الكويتية برحلته الاخيرة الى لبنان عندما قدم ورقة الى الحكومة اللبنانية تمثل افكارا كما قال لاعادة الثقة بين لبنان والخليج، وتمثلت كلماته ب 3 مواضيع

1 - التضامن مع الشعب اللبناني

2 - وقف الاعتداءات اللفظية والفعلية على دول الخليج

3 - الامتثال للشرعية الدولية

لا أعرف كيف تضامن وزيرنا مع الشعب اللبناني الذي يعاني في كل أموره المعيشية ولن ألتفت لهذه النقطة لانها لم تمثل شيئا يذكر على أرض الواقع ولا تعدو كلاما انشائيا لا يخفف من معاناة اللبنانيين اليومية سوى انها تعني اننا نراقب الوضع ولن نفعل شيئا حتى ترضخ لبنان للافكار المقدمة وهو أمر غير معهود بتاتا من الدبلوماسية الكويتية التي عادة تقدم حلولا قبل الاقدام على المبادرات السياسية فلذا كنت أتمنى من وزيرنا الشاب الا ينطق بتلك العبارة لانها تسيء لأي جهد دبلوماسي.

النقطة الثانية كانت مستغربة اكثر من الاولى حيث اني كمتابع للأخبار والمقابلات التلفزيونية والتغريدات اللبنانية لم أسمع أحدا منهم يقول كلمة سوء بحق الكويت وشعبها بل على العكس تماما فان اللبنانيين يكنون كل الاحترام والتقدير للكويت قيادة وشعبا ، فاذا كان اللبنانيون قد أساؤا لدولة خليجية ما، كان الاجدر بتلك الدولة ان تحمل الرسالة وليست الكويت وهذا أيضا أمر يبين الانحراف الكبير بالدبلوماسية عن المسار الذي عهدناه !!! لقد ارتضى الوزير الشاب ان تكون الكويت بوزا للمدفع في أمر ليس للكويت فيها ناقة ولا جمل ووضعنا في خانة لا نريد ان نكون فيها وهي خانة المواجهة مع اللبنانيين!!! فاللبنانيون أنفسهم قد تباحثوا بينهم لسنين حول الجدل ما بين الاساءة لدول عربية وحرية التعبير ولم يتوصلوا الى حل وسط بينهم ، ثم يأتي وزيرنا من الخارج ليفرض عليهم هذا الشرط؟؟؟ أقل ما يقال عن تصرف الوزير أنه إما لا يعرف بخبايا السياسة اللبنانية ولا يعرف تلك القواعد الداخلية التي تنضم العلاقات والتصريحات بين الاحزاب المختلفة، وإما كان يعرف جزءا بسيطا عنه فهو مرة أخرى انحراف عن مسار السياسة الخارجية لدولة الكويت كما عهدناها وهو أمر يجب ان يتناوله نواب مجلس الامة بمسائلته عن الانحراف بسياسات الدولة الخارجية وان يكون النواب على قدر المسؤولية لتصويب هذا الانحراف وإعادة الدور الكويتي القومي لسابق عهده. 

اما النقطة الثالثة فقد كانت الاغرب!! فقد دعا لبنان الى الالتزام بقرارات الشرعية الدولية وهو يقصد بوضوح تام القرارين الاممين 1559 و 1701 ولعل الوزير الشاب لا يعرف تلك القرارت جيدا ولا يعرف ان طائرات العدو الصهيوني تنتهك الاجواء اللبنانية كل يوم وان الصهاينة لولا معرفتهم بصمود الشعب اللبناني لغزا لبنان منذ أمد. وما لا يعرفه الوزير او تجاهله عن عمد هو القرارات الدولية التي تجاهلها العدو الصهيوني بحق لبنان العربي وهي :  

 القرار 279 لسنة 1970 والقرار 285 لسنة 1970 والقرار 313 لسنة 1972 والقرار 316 لسنة 1972 والقرار 332 لسنة 1973 والقرار 374 لسنة 1974  وكل هذه القرارات تطالب بالانسحاب الفوري للقوات المسلحة الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية والتوقف الفوري عن أي عمليات عسكرية ضد لبنان وإدانة انتهاك إسرائيل لوحدة وسيادة الأراضي اللبنانية، لكن إسرائيل لم تذعن لأي منها. فالوزير لم يكن فظا فحسب ولكنه لم يكن منصفا كذلك وعرض مستقبل العلاقات الكويتية - اللبنانية الى فجوة لا يريدها الشعب الكويتي الذي اعتاد على حكمة سمو الامير الراحل الشيخ صباح الاحمد والى التقارب مع كل العرب دون استثناء كما أنه نسي المطالبات الكويتية المتكررة لاذعان كيان العدو الصهيوني في المحافل الدولية لقرارات مجلس الامن المتعلقة بكل الاراضي العربية السليبة فكان الاجدر به مطالبة العدو الصهيوني بالالتزام بتلك القرارات بدل لبنان.

ان رحلة وزير الخارجية محكوم عليها بالفشل الحتمي فهو لم يعالج الامور بحكمة وبصمت كما اعتدنا ولكنه فرض شروطا تعجيزية لن يقبلها كل اللبنانيين فكانت رحلته فيها من الضرر ما يفوق كثيرا فوائدها والمستغرب انه يتوقع اجابة ايجابية من لبنان في نهاية الشهر الجاري ويكون بذلك قد أعطى مهلة 10 أيام للبنانيين للأتيان باجابات عجزوا عن حلها بأنفسهم لسنين. 


الجمعة، 21 يناير 2022

مستقبل منظومة مجلس التعاون

مضى أكثر من اربعين عاما على تأسيس منظومة مجلس التعاون الخليجي وتحديدا في 25/5/1981 حيث جاء في مقدمة النظام الاساسي لها مجموعة من الاهداف الثانوية والرئيسية وهنا أنقل بتصرف تلك الاهداف " تحقيق التنسيق والتكامل والترابط ما بين الدول الاعضاء في جميع الميادين " وتضيف المقدمة " واستكمالا لما بدأته من جهود في مختلف المجالات الحيوية التي تهم شعوبها وتحقق طموحاتها وصولا الى وحدة دولها"  هذه كانت الاهداف الثانوية للمنظمة اما الاهداف الرئيسية التي تاتي نتيجة لتحقق الاهداف الثانوية فهي " انما يخدم الاهداف السامية للأمة العربية" ثم تضيف" وتوجيها لجهودها الى ما فيه دعم وخدمة القضايا العربية". فهل نجحت منظومة مجلس التعاون في تحقيق أهدافها الثانوية او الرئيسية ؟ وان لم نحقق ذلك فهل غربلت هيكلها لتخرج بأهداف جديدة ومعاصرة للاوضاع الحالية؟

قبل الاجابة على تلك الاسئلة يحب ان نضع السياق التاريخي للمنظمة والتحديات التي مرت بها وكيف تعاملت مع تلك التحديات.أولى تلك التحديات كانت منذ اليوم الاول للتأسيس وذلك لان الحرب العراقية=الايرانيه كان قد مضى عليها 8 أشهر حيث بدأت الحرب في 22-9-1980 ولم تلتزم المنظومة الحياد بل وقفت بقوة خلف نظام صدام حسين وسخرت له أموالها ومرافئها وكل الدعم المعنوي من خلال الاعلام وغيره طوال السنوات الثمانية للحرب الضروس وما كادت المعارك تضع أوزارها حتى بدأ نظام صدام حسين يتوعد المنظومة حتى نفذ وعيده بغزو الكويت في 2-8-1990 وكان التحدي الثاني للمنظومة التي دخلت الحرب فعليا مسخرة لها كل قدراتها المالية والمعنوية حيث كان الخطر وجوديا بعد دخول القوات العراقية لمدينة الخفجي السعودية ودخلت حينها القوات الغربية لتنقذ الموقف وانتهت المعارك بهزيمة صدام هزيمة نكراء عاش بعدها العراق بسنوات من العزلة والعقوبات.

هذين التحديين في بداية حياة المنظومة خلفا هواجس لديها من بعض الدول العربية حتى كفر البعض بالعروبة ومفهوم العروبة فوجدت المنظومة نفسها لا تثق بمن حولها فنظام صدام حسين كان لا يزال في السلطة وقد بدأ التعاطف العربي معه ومع الشعب العراقي . كل هذه الامور ولدت عزلة لمنظومة مجلس التعاون بين أشقاءها العرب مما حدا بها لتوقيع اتفاقيات أمنية مع الولايات المتحدة الامريكية.

بعد سقوط نظام صدام حسين والفوضى العارمة التي حصلت في العراق بعدها لم يشأ مجلس التعاون الخليجي في تحديه الثالث التدخل، وترك العراق في برك من الدماء والتي ساهم الامريكي في معظمها حيث ترك الحبل على الغارب ليصول ويجول من يشاء وبيده السلاح لينتقم ممن أراد دون رادع ، فعاش العراق فترة عصيبة فيها الكثير من الصراعات بل وتعدى الامر لحياة الناس فاستشرى الفقر ونقصت الخدمات ورغم كل ذلك أبى مجلس التعاون التدخل سياسيا او دبلوماسيا لحل الاوضاع الداخلية.

نقطة التحول جاءت في التحدي الرابع وهو اندلاع الربيع العربي ابتداءا من تونس في 17/12/2010  هذا الربيع الذي أضحى خريفا على الامة فسقطت أنظمة وحلت فوضى كما هو مبين في الصورة


  التتدخل لبعض دول الخليج في ازمات الربيع العربي لبعض الدول كان ملفتا حيث دعمت ماديا ومعنويا واعلاميا بعض الفرقاء المختارين وأخذت تمارس دورا غير معهود بالتدخل في شؤون المنطقة وأصبحت هذه الدول في سباق مع التركي الذي يحلم باعادة السطوة العثمانية والايراني الذي شكل حلفا عريضا في سوريا والعراق.وجدت بعض هذه الدول الخليجية نفسها امام تخارج امريكي من المنطقة وامام عملاقين هما التركي والايراني فلجأت بعض تلك الدول الى كيان العدو الصهيوني لتخلق توازنا للقوى وبتشجبع من الامريكي الذي كان يرى كيان العدو يتهاوى اقتصاديا ويزداد عزلة امام عينيه. 

كخلاصة فقد فشلت منظومة مجلس التعاون الخليجي في المحافظة على أهدافها الرئيسية كما فشلت في اهدافها الثانوية ايضا عندما اتخذت 3 دول أعضاء موقفا عدائيا من احد الاعضاء  وهي قطرعام 2017 فضربت بذلك لب الاهداف وهو تحقيق الترابط والتكامل بين الاعضاء، كما فشلت المنظومة في تحدياتها السالفة الذكر عندما جنحت بالاختيارات الخاطئة نظرا لسوء التحليل تارة وتارة اخرى بسبب الضغط الامريكي.

 المنظمة الان بحاجة الى اعادة لهيكلها عن طريق
 1- التراجع عن مواقفها المتقاربة مع كيان العدو الصهيوني
 2- العودة لاهدافها الثانوية باعادة الروح للتنسق والترابط بين الاعضاء والاهداف الرئيسية بدعم القضايا العربية واولها فلسطين
3 - التعاون اكثر مع القطبين الصاعدين الصين وروسيا وهكذا تكون قد خلقت توازنا مع الضغط الامريكي
4 - قراءة دقيقة ومتأنية في كيفية التعامل مع جيرانها وتحالفاتهم الاقتصادية الصاعدة فالتعاون الاقتصادي الايراني العراقي السوري هو نجم صاعد يملك من المقومات ما يمكنه من ان يكون قوة اقتصادية معتد بها وذلك بعدم خلق الخصومة معها وجعلها نقطة للتحدي وانما بكيفية المساهمة في هذه الفرصة المتميزة 
5 - وقف حرب اليمن التي تمثل استنزافا للدم والموارد العربية



الجمعة، 14 يناير 2022

الحرب الاعلامية... سلب لمنطق العقول

 لا يختلف اثنان من المتابعين للمشهد الاقليمي والدولي ان حلقة الصراعات في أوجها وكأنه مخاض عسيرلما سيلحق وما ستسفر عنه هذه الصراعات وماذا سيتشكل بعد كل هذا العناء والمعاناة التي يعيشها العالم بدأ من اليمن فالعراق وسوريا والارض المحتلة والاتفاق النووي ووووو..... كما لا يختلف اثنان ان المحركات الاعلامية تعمل بشكل دؤوب لتبث الانتصارات وهو أمر مفهوم، ولكن الغير مفهوم هو عندما تتواجد الهزائم على الارض مصحوبة بالصور والافلام يبقى أكثر الناس رهينة وأسرى لتلك المادة الاعلامية الكاذبة!!!فماذا تأمل من عملها الغير مهني هذا؟ وعلى ماذا راهنت هذه الوسائل الاعلامية رغم الفضاء المفتوح لللانترنت الذي نادرا ما يستطيع حجب كل شيء؟ 

هذه المحركات الاعلامية لها من التمويل ما لها تقدر بالمليارات مسخرة لفريق اعداد يعمل ضمن اطار محدود لا يتجاوزه يهدف من خلال عمله وأحيانا يأمل الى أن يصل الى النتائج التالية:

1 - الهيمنة على الرأي العام

2 - ترسيخ بعض الصور في الذاكرة وذلك بتكرارها كل يوم

3 - ترسيخ مفاهيم جديدة وذلك بتكرارها

4 - استخدام مصطلحات معروفة ومتواترة ثم يفرغها من معناها ليسبغ عليها مفهوما جديدا

يتم كل هذا بعدة وسائل  منها:

1 - التعبئة والتوجيه لبعض الاعلاميين والمحللين المغمورين الذين لا يستخدمون الحجة والمنطق وفتح كل القنوات لهم

2 - الاعتماد على الذاكرة القصيرة للناس

3 - عدم تغطية الاحداث التي تناقض تصريحاتهم والتعتيم عليها 

4- قلب الحقائق ان كشف المستور عن تعتيمهم

5 - الاستهزاء بتصريحات خصومهم دون تحليل تلك التصريحات ثم ان صحت يتم تحويلها من نسقها الى نسق جديد بعيد كل البعد عن هدفها الاصلي

6 - الانقلاب 180 درجة على المبادىء دون خجل واعادة توجيه الاعلاميين على النمط الجديد.

7 - اثارة النعرات العصبية لمكونات البلد الواحد

  رغم وضوح معظم هذه النقاط للمتابع البسيط الا ان الملايين من العرب يقعون فريسة هذه القنوات الاخبارية ووسائل التواصل المسمومة وهو امر غير مستغرب فهذه القنوات ووسائل التواصل تعتمد على

1 -  العصبيات القبلية والعرقية والطائفية والمذهبية ، فتلك القنوات تردد ما يود سماعه البعض فتدس سمومها بين ثنيات خبر ما وتكون بذلك قد حققت عددا من أهدافها الذي من أهمها أبعاد متابعيها من الولوج الى قنوات الخصم والاستماع لها وتكريس التباعد العصبي بين مكونات البلد الواحد

2 - عدم تحقق المتلقي للخبر اما لضيق الوقت والاعتماد على النشرات المعلبة واما لحهله واستسلامه لكل ما ينقل له على تلك القنوات

في هذا المقال لا نريد من المواطن العربي ان يكون محللا سياسيا او خبيرا في الشؤون الاستراتيجية ولكن فقط ان يغلب صوت العقل والمنطق الذي تم سلبه من قبل هذه القنوات وان يكون مطلعا ومنفنحا للاستماع الى الطرف الاخر وفي مرحلة اخرى ربما الحوار معه ولكن بعقل منفتح يتقبل الحقائق كما هي قبل ان تبدي رايك بتغريدة تكون بها عونا للمضلل الذي يريد بامتنا الهزيمة والتخلف.كما لا بد الى الالتفات للسموم التي تدس في الحوارات فحسن الخبر لا يعني حسن ناشره لانه يعد العدة لكي يصطحب عقلك الى كل ما هو يضعف العزائم ويجدد الروح في عزة أمتنا، فتلقى الخبر بعقل منفتح يحلل تلك الكلمات والعبارات وتمعن في هدفه الذي يريد ان يصل اليه والحقيقة ان لا عناء في ذلك لان كلما اراد المتحدث قول الحقيقة سيقاطعه المقدم ولن يسمح له بالاستمرار لاكمال الفكرة لان هناك من يهمس في اذن المقدم يذكره بالاطار الذي يجب الا يخرج منه.

ان ما اثارني لكتابة هذا المقال هو خطرالتطبيع على أمتنا الذي يفوق كل وصف وهو أكبر مما يتصور البعض حيث تعمد هذه المحركات الاعلامية لاظهاره بثوب الحمل الوديع الذي سيضفى على مجتمعاتنا الرخاء والتقدم والسلام معتمين بذلك على كنه هذا المشروع الاستعماري البغيض وعنصريته البالغة ومحولين مصطلح العزة الى الاستسلام والكرامة بقبول الامر الواقع بل انهم ذهبوا الى أبعد من ذلك يتحويل مفاهيم دينية مسلم بها الى مفاهيم دين ابراهيمي جديد وسيدنا ابراهيم عليه السلام منه يراء، يكتبون فيه ما يشاؤون ويسطرون فيه ما يريدون من أهداف خبيثة. انهم يريدون سلبنا عزتنا وكرامتنا وعقولنا لنكون روبوتات يفعلون بنا ما يخدم أسيادهم.