الاثنين، 28 مارس 2016

المتروغيت اظهر جهلنا

تصدرت فضيحة المترو غيت العناوين في العشرة ايام الماضيه، ولم يبقى من لم يتكلم عن هذا الحدث، وتابعت ردود الافعال في الصحف وخاصة تصريحات بعض نواب الامه لاستطيع ان أصل الى نتيجة وهي كيف سيكون رد الفعل لممارسة مواطن تقدم ببلاغ للنائب العام مع المستندات في قضية فساد مالي سياسيا واعلاميا. ومن تحليلي للاحداث اكتشفت اولا مدى الجهل بمعطيات وثيقة مكافحة الفساد وقوانينها وردود الافعال السلبيه في التعاطي مع الموضوع برمته .
فوثيقة مكافحة الفساد التي تمت بموافقة مجموعة من الدول من بينها الكويت ضمن اطار الامم المتحده، تنص على ان تقوم الدوله بوضع استراتيجية متكامله لمكافحة الفساد ومن اهم موادها الماده 13 والتي تقضي ان على الدول تشجيع المجتمع على المشاركة النشطه في منع ومحاربة الفساد. وجاء في مذكرتها التفسيريه ان مكافحة الفساد تتكون من
1 - منع الفساد
2 - محاربة الفساد
3 - اذكاء وعي الجمهور بمخاطر الفساد واسبابه واشكاله  

فكيف نمنع الفساد؟ من العنوان يتضح المعنى وهو منع الفساد اي قبل وقوعه وهو ما تعتبره الوثيقه من التدابير الوقائيه لمكافحة الفساد، لذا عجبت من تصريح النائب عدنان عبدالصمد حين قال ان كلام علي الراشد غير صحيح مع ان النائب العام قد استلم المستندات التي تدل على التدليس في الارقام وتورط اشخاص في قضية فساد ، فماذا فعل النائب عدنان عبدالصمد فعلا؟ اولا شبهة الفساد ليست من اختصاصه ليطلب احضار المستندات له ليبت فيها فأصحاب الاختصاص هم النائب العام وهيئة مكافحة الفساد ، ولما تم حل الهيئة يصبح النائب العام هو صاحب الاختصاص، وثانيا كان الاجدر بالسيد عدنان عدم التعليق بعدم صحة حديث علي الراشد ما دام لا يملك المستندات وثالثا كان يجب ان يتعامل مع الحدث على انه مانع للفساد كما جاء بوثيقة الامم المتحده، واخيرا كان الاجدر به مراجعة بنود المناقصة التي تغيرت مع السنين بدل التركيز على نزولها كمناقصة من عدمه، فمتى ما نزلت المناقصه تكون قد نزلت المصيبة.
فوثيقة الامم المتحده لمحاربة الفساد واضحة في مادتها 28 ونصها " يمكن الاستدلال من الملابسات الوقائعيه والموضوعيه على توافرعنصر العلم أو النيه أو الغرض بصفته ركنا لفعل مجرم" فالملابسات الموضوعيه هي في المستندات التي قدمها علي الراشد للنائب العام وهي ركن لفعل مجرم وهوالاستيلاء على المال العام. والماده 41 من قانون الجزاء الكويتي تؤيد هذا بنصها" يعد القصد الجنائي متوافرا اذا ثبت اتجاه ارادة الفاعل الى ارتكاب الفعل المكون للجريمه" بمعنى اذا استطعنا اثبات الملابسات الوقائعيه استطعنا اثبات القصد الجنائي وهو ارتكاب الجريمه .
فهل من أفتى بعدم دقة علي الراشد في اتهامه لمن دلس بالارقام ووضع شروطا يثقل بها كاهل الدولة لمصلحة منفذ المشروع قد اطلع على القوانين والاتفاقية الدوليه الملزمه للكويت؟ 
ما قصدته من هذه المقاله هو اننا يجب ان نشجع من يقدم على تقديم مستندات تدين فاسد حتى بقصد منع وقوع الجريمة بدلا من ان نهاجمه ونلتمس الاعذار لمن يريد الاستيلاء على المال العام ، هذا من جانب ومن جانب اخر هل حققنا تقدما يذكر في منع الفساد حتى وان كان من جانب اعضاء مجلس الامه الذين طلبوا المستندات ليبتوا فيها، مع علمنا ان الكثير من الفساد يمر من امام اعينهم وغضوا البصر عن ملاحقته وفضحه ومحاسبته ، الا تعتبر هذه سابقة يجب الاخذ بها وتشجيعها لتجنبنا كوارث ماليه اخرى؟ والم يكن الاجدر بالنواب تطوير الماده 41 من قانون الجزاء لتماثل تلك التي بالاتفاقيه لتوضح ان الاتجاه قد يعني النية او الغرض او العلم كاركان للجريمه من خلال الوقائع او استحداث قانون لا يجيز الاثراء غير المشروع حسب الماده 20 من الاتفاقيه والتي لا يقابلها قانون في الجزاء الكويتي؟
هل نجن جادون في تطوير تشريعاتنا وتنفيذها في سبيل منع ومحاربة الفساد؟ الوقائع تظهر عكس ذلك تماما. 

الجمعة، 11 مارس 2016

المصالحة الوطنيه ..ضرورة ام ترف؟

دعوة رئيس المسار المستقل السيد علي الراشد للمصالحه الوطنيه الاسبوع المنصرم يجب أن تؤخذ بقليل من العمق وليس مجرد خبر سياسي وذلك لاهميته البالغه، فمعنى المصالحه يعني ان هناك قطيعه وهو أمر واقع ويجب الا ندفن رؤوسنا في التراب ونقول عكس ذلك أو ان نتغاضى عن حقيقة وجوده فلذا من الواجب ان نعترف بوجود هذه القطيعه اولا كي نستطيع ان نشخصها وان نجد لها الحلول، لان مصلحة الوطن تتطلب ذلك عن طريق سد الطريق لمن يتجاوز بالفساد بين ثغرات القطيعه ولمن ينفذ مصالحه الشخصيه بالمرور بين الشقاقات الوطنيه. ربما يكون الامر قد التبس على البعض انها مصالحه سياسيه فهذه رغم اهميتها الا انها لا تعدو ان تكون جزءا من المصالحة الوطنيه وغالبا ما تكون المصالحه السياسيه لاهداف سياسيه تجمع فريقين او اكثر للبحث عن امر وسطي بين مبادئهم للوصول الى تفاهم مشترك يخدم تلك التيارات بالتحديد ، الا ان المصالحة الوطنية أعم وأشمل فهي تضم جميع الشرائح والشخصيات الوطنيه فلذا هي لا تحمل في طياتها سوى الاجماع على مبادىء تخدم جميع الكويتين ولا تستثني احد بالاضافة الى انها معادلة يكون فيها الجميع رابحا وعلى رأسهم الدوله.

ورغم أهمية مبادرة السيد علي الراشد الا اني بدأت أتساءل، كيف بدأت هذه القطيعة الوطنيه ؟ومن أججها؟ ولمصلحة من؟وهل تتفاقم؟ وكيف الحل؟
مجموعة أسئلة أعادتني الى ما بعد التحرير عندما أصبحت الحكومات المتلاحقه تستخدم اسلوب المحاصصة بين القبائل والطوائف وبدأ عهد جديد بعيد كل البعد عن استغلال الكفاءات الوطنيه لوضع الاستراتيجيات المستقبليه وخطط العمل والمراقبة والمحاسبة لكل من تسول له نفسه بالتعدي على حقوق الاخرين والمال العام ، بل وتعدى الامر بالحكومه الى عشوائية تنفيذ الاحكام والقوانين لتنال البعض وليس الكل وكذلك تقريب بعض التيارات السياسيه واقصاء الاخرين، كل هذه الامور دفعت المواطن البسيط الى الالتفاف حول قبيلته وطائفته ليضمن مساواته وتحصيل حقوقه فارتفع النفس القبلي والطائفي ، وبدلا من ان تصحح الحكومات الامور ازدادت في دفع الوضع الى ما هو أسوأ بمساعدة اعلامنا الموجه الذي يخدم البعض وأغراضهم ، وازداد الوضع سوءا بوجود مجلس أمه يخدم مصالح ضيقة ولا ينظر الى المواطن البسيط ولا مستقبل الدولة ككل.

كل هذا الشرح المختصر لفترة طويلة يؤدي بنا الى ان المصالحة الوطنية ليس ترفا بل ضرورة قصوى نعي من خلالها حقيقة ما يحصل أولا وثانيا ان نتسامى على جراحنا التي تسببت بها الحكومات والمجالس المتعاقبة وثالثا أن نفكر بكل جدية في المشاركه بهذه المبادره لاني كما اراها هي خلاصنا الوحيد، فمن خلال استيعاب استمرار الحكومه والمجلس بتعميق هذا الجرح يتطلب الامر منا كمواطنين بكل قبائلنا وطوائفنا ان نشترك في أمر واحد فقط لا غير " الكويت ". ولكن كيف؟
طريق العشرة الاف ميل يبدأ بخطوة وهي الاستعداد للتغيير والقبول ان الكويت قبيلة واحدة وطائفة واحدة وعشق واحد ومستقبل واحد، هذه الخطوة اذا ما تمت ستصنع تاريخا جديدا لدولتنا، ومجدا قادما ان شاء الله . تليها خطوات اخرى تتعلق بالعمل الجماعي والتنسيق ما بين القوى السياسيه وغيرها وربما حوار وطني شامل، وهنا لا بد لنا من العودة لصاحب المشروع وسؤاله عن السبل التي ستصل بنا الى المصالحة الوطنية واني متأكد متى كان هذا التفاعل حقيقيا سيتم التنسيق لحوارات ولقاءات مهمة تؤدي بنا الى اذابة الثلوج. اصنعوا مستقبلكم بأيديكم وشاركوا بمحبة الكويت واعتبارها الهدف الاسمى وأعلنوا مشاركتكم بالمصالحة الوطنية الشامله فتغيير النهج الحكومي لن يأتي الا من خلال اصراركم على التغيير.
حفظ الله الكويت وشعبها