السبت، 11 يونيو 2022

سياسة الاحلال الامريكي الصهيوني في الخليج

 لم يمضي سوى عام على اعلان الولايات المتحدة سحب أنظمة الباتريوت من الخليج والعراق والاردن حتى سمعنا الان عن تركيب أنظمة رادارية لكيان العدو الصهيوني في الامارات والبحرين، أي أن الامريكي لم يتخارج من منطقتنا الا كي يحل بديله الصهيوني منفذا نفس المهمات، وهذا ما كنت أكتب عنه لسنوات ان الصهيوني لا يعدو كونه امبرياليا صغيرا يسعى للنفوذ والتمدد ويحمل مشروعا استعماريا مكملا للدور الامريكي بل في الاونة الاخيرة بدأ يحل محله وهو ما لا يترك مجالا للشك عند بعض الكتاب الذين يدعون الثقافة والمتذاكين على الكلمات في خلق المبررات للامريكي، ان الصهيوني هو الامريكي والامريكي هو الصهيوني.

ان سياسة الاحلال الامريكية هذه أجبرت دولا بعينها للتطبيع ودولا أخرى لتطوير علاقاتها مع الكيان الصهيوني كي يكتمل   الدورالصهيوني في المنطقة من جهة ولكي يتفرغ الامريكي للصين وروسيا من جهة أخرى، وهنا أطرح سؤالا: " ما هو مستقبل القواعد العسكرية الامريكية في الخليج والدول العربيه،  هل ستنالها سياسة الاحلال أيضا؟ هذا وارد جدا، وهو يعني ان الاتفاقيات الامنية بين الدول العربية والولايات المتحدة ستتحول بالاحلال الى اتفاقيات أمنية مع كيان العدو الصهيوني وهو ما يجري الان فعلا وان كان غير معلن.

هذه الاتفاقيات الامنية رغم تكلفتها الاجبارية العالية الا ان كل الدول التي تملك قواعد امريكية قد وقعتها منذ زمن وهي باختصار لحفظ الامن من ايران أولا ومن بعضها البعض ثانيا رغم ان السبب الاخير لم يثبت فاعليته مطلقا خاصة وقت الازمة الخليجية حيث وقفت الاتفاقيات الامنية على الحياد من قطر ومن يواجهها ولولا التدخل الكويتي في الوقت المناسب لحصل ما لا يحمد عقباه. أما السبب الاول فهو غير مقنع مطلقا، فكل الدول الموقعة على اتفاقية أمنية مع الولايات المتحده لها علاقات مع ايران بل ان بعض هذه العلاقات وثيقة جدا لدرجة ان التبادل التجاري بينهما يقدر بالمليارات !!!!! فأين المنطق اذن؟؟؟ المنطق هو ما يحصل الان بعد سياسة الاحلال، فهذه المنظومات الرادارية والاتفاقيات الامنية والاستخباراتية مع كيان العدو الصهيوني هي لحماية أمن الكيان فقط لا غير!!! فأصبحت تلك الدول المطبعة معنية بأمن الكيان وهي بذلك تعتبر منصة للانذار المبكر بكل ما من الممكن أن تفذفه ايران على كيان العدو وان تراقب كل صغيرة وكبيرة في الخليج بل وربما التدخل لتعديل السياسات الداخلية بما يتوافق مع امنها، أي بالمختصر هو استعمار جديد، فما ان انتهينا من العثماني حتى جاء الاوروبي وما ان ترك الاوروبي حتى جاء الامريكي والان كيان العدو الصهيوني، وكل هؤلاء لهم اهداف محددة لم تتغير من تغير الزمن وهي منع اية نهضة وطنية وفكرية، قمع العقول الوطنية والقومية ومصادرة الثروات الطبيعية وبالهدف الاكبر ان لا تقوم لنا قائمة تهدد اهدافهم الشريرة.

. سؤال أخير يطرح نفسه هنا " ماذا تستفيد تلك الدول العربية (بالاسم فقط) من كل هذا؟؟"

ان كانت تعي او لا تعي فان تلك الدول المطبعة تملك شعوبا تكن للكيان الصهيوني كراهية كبيرة فهم شعوب مسلمة وعربية تعتز بدينها وعروبتها ولا يمكن ان تقبل بالتواجد العسكري للكيان على أراضيها حينها سيصبح كل جندي للكيان هدفا مما سيضطر الصهيوني لزيادة عديده للحفاظ على أمنه وهو ما سيفاقم الوضع ويصبح أمن هذه الدول مهددا من الداخل. أما من الخارج فان قامت هذه المنظومات الرادارية بضرب مصدر الصواريخ حينها ستصبح هذه الدول مهددة بالرد من جانب ايران وهو ما سيجرها الى صراع مباشر كانت في غنى عنه لولا ادخال قوات الكيان الى اراضيها، وهنا لا بد ان نفرق ما بين امريكا كقوة امبريالية كبرى لها حساباتها مع العالم وبين الكيان الصهيوني الامبريالي الصغير الذي لا يضع اعتبارات لما يفكر به الامريكان، فما يتوانى عنه الامريكي لاسباب عديدة عالمية لن يتوانى عنه الصهيوني وبذلك تصبح الدول التي أقرت بنصب تلك المنظومات في دائرة الخطر الكبير من الداخل والخارج. 

لقد آن الاوان لكي نغلب لغة العقل وان نفتح قنوات للتفاهم مع ايران حرصا على مستقبل المنطقة وأن نتيقن ان الامريكي لم يكن يريد لنا الخير أبدا كما تدعي بعض النخب والاقلام، وان الخطر في ازدياد مع التدخل الصهيوني في الخليج، وان تتصالح الدول المطبعة مع شعوبها بطرد الصهيوني من اراضيها ورمي معداته في البحر ......

 فهل تنتصر لغة العقل والحكمة على لغة التطبيع والارتهان؟

  


الخميس، 2 يونيو 2022

خطر التطبيع والمواجهة المحتملة بين العرب لمصلحة الكيان !

 تتزايد المسيرة التطبيعية وتنمو يوما بعد يوم بأشكال ووجوه مختلفة ولكن ما حصل مؤخرا ما بين الامارات وكيان العدو الصهيوني فاق كل التوقعات وخرج عن المنطق ضاربا بعرض الحائط كل القيم الانسانية والدينية والقومية، فلقد وقعوا على ما يسمى بالاتفاقية التجارية الشاملة مع كيان العدو، هذا الاتفاق الذي رأسماله النقود الاماراتيه من جانب والدم والمعاناة الفلسطينية من جانب اخر، نعم لقد وقع الصهيوني بحبر من الدماء الفلسطينية التي سالت منذ 74 عاما بل وكل الشهداء الذين ارتقوا من أجل القضية المركزية والكرامة والعزة. ولالقاء الضوء اكثر على التعامل التجاري بين الامارات والكيان الصهيوني سأنقل لكم بتصرف ما كتبه دوف ليبر مراسل الوول ستريت جورنال في الارض المحتلة بتاريخ 31/5 الماضي تحت عنوان الامارات توقع اتفاقا للتجارة الحرة مع اسرائيل  كتب فيه: " انها اتفاقية فريدة من نوعها بين دولة عربيه واسرائيل  انها توطد التجارة بينهما، فالاتفاقية ستغطي 96% من التبادل التجاري الذي سيصل الى مليار دولار ومن المرجح ان يزيد هذا الرقم الى 10 مليار دولار في الخمس سنوات القادمة. ولقد وقعت الامارات هذا الاتفاق في خضم وقت عصيب بين  اسرائيل  والفلسطينين ولكن هذا الامر لم يثني الطرفين من التوقيع وذلك بسبب العلاقة الوثيقة بينهما.

في عام 2021 لم تتجاوز التجاره بين الاردن  واسرائيل  358 مليون دولار وبين مصر  واسرائيل  189 مليون دولار بينما تجاوزت التجارة مع الامارات من سبتمير 2020 وحتى مارس 2022 مبلغا قدره 2.5 مليار دولار وهي لا تشمل التجارة النفطية، بل ان التجارة بين الطرفين في الاشهر الثلاث الاولى من هذا العام بلغت 1.06 مليار دولار وهو 5 أضعاف الرقم في نفس الوقت من عام 2021. يقول جون ميدفد مدير شركة أوركراود وهي شركة تسهيلات ائتمانية ومالية  اسرائيلية "ان هناك آمال كبيرة لشركات اسرائيلية لتأسيس مصانع في الامارات لتخدم اسواق اسيا وافريقيا وهو ما كانت تعانيه سابقا، ولهذا الغرض قامت مجموعة من هذه الشركات بالاستثمار بمكاتب جديدة في كل من دبي وأبوظبي"، وأضاف "بل اني مهتم بالاستثمار المباشر في شركات اماراتية، ان هذه الاتفاقية ستفتح افاقا جديدة ستتجاوز التبادل التجاري في الالماس والنفط" 

السيولة المالية تدفقت أيضا من الامارات لاسرائيل فقد قامت شركة مبادلة للاستثمار ومركزها ابوظبي بضخ 100 مليون دولار في قطاع التكنلوجيا كما قامت شركة مبادلة بتروليوم وهي الجناح النفطي والغازي لمبادلة بالاستثمار بما قيمته 1.1 مليار دولار في أكبر شركة اسرائيلية للتنقيب عن الغاز في البحر. ( انتهى النقل)

3 أمور ملفته في هذا المقال:

الامر الاول هو سرعة انجاز الاتفاقية، فالاحرف الاولى كتبت في نوفمبر الماضي اي ان الاتفاق تم في 6 أشهر فقط علما ان هكذا اتفاقيات تأخذ في بعض الاحيان سنوات للانجاز فهي تضم مبالغ هائلة وتتجاوز التعريفات الجمركية ولها اثار اقتصادية واجتماعية. السرعة بالاتفاق من جانب كيان العدو مبرر فهو لم يحلم بهكذا اتفاقية تفتح له اسواق افريقيا واسيا وتضخ في اقتصاده مليارات الدولارات في فترة وجيزة، اما الجانب الاماراتي فتسرعه غير مفهوم ولا أستطيع سوى أن أتكهن به، فمن الجانب الاقتصادي ربما يعود ربما للسيطرة على تجارة الالماس المصنع بعد ان سيطر على انتاج السودان من الذهب وبدأ ببيعه الى روسيا وغيرها، فيكون بذلك مركزا للذهب والالماس. ومن الجانب السياسي، فهو يدفع بقوة باقي الدول العربيه للتطبيع عن طريق السير على خطاه وإيهامهم ان بامكانهم ان يكونوا مثله حين اصبح مركزا ماليا وتجاريا مهما في الشرق الاوسط وكي يكونوا وقودا لتنفيذ دوره بما تبقى من صفقة القرن المشؤومه واتفاقية ابراهام وشروطها الخيانية.

الامر الثاني هو استثمار الكيان في الشركات الاماراتية مما يعني ان المنتجات الاماراتية من اليوم فصاعدا اصبحت مختلطة تماما مثل مال الشبهة المخلوط ما بين الحلال والحرام مما يستدعي المقاطعة وكذلك عدم المشاركة في اسهم الشركات الاماراتية او الاستثمار فيها بطريقة مباشرة او غير مباشرة، فحجم الاختلاط المالي هائل بينهما ولا مناص من المقاطعة لتلك السلع الاماراتية المنشأ.  

الامر الثالث وهو خطير جدا، الا وهو الاستثمار المالي الضخم بأكبر شركة تنقيب تابعة لكيان العدو عن الغاز في البحر المتوسط، فلا أعرف ما الذي استدعى الاماراتيين لهكذا فعل رغم علمهم بالنزاع اللبناني مع الكيان في ترسيم الحدود البحرية والمخاطر العالية لهذا النوع من الاستثمارات والتي أحجمت عنها العديد من الدول الغربية !!!! فالاماراتي اصبح طرفا قي الترسيم البحري ولكنه في الجانب الخطأ من المعادلة وهنا يكمن خطر التطبيع مع الكيان فهو بالاضافة لكل ما ذكر في مقالات متعددة وتحليلات الا ان أحدا لم يتطرق ان التطبيع قد يجرك الى مواجهة مع دولة عربية أخرى لمصلحة كيان العدو الصهيوني، ومن يدري أية صفة قد تأخذ هكذا مواجهة فربما تأخذ صفة قطع العلاقات السياسية او الاقتصادية بحجة انهم يدافعون عن استثماراتهم الضخمة. في كل الاحوال سيكون الكيان الصهيوني سعيدا بأي مواجهة كانت بين دول عربية تكون احداها تدافع عن مصالحه في المنطقة.

ان الغرق العربي في بحر التطبيع سيجر المنطقة كلها الى قعره وسيسحب بعضهم بعضا املا في النجاة ولكن الوقت يكون قد مضى ولا امل بالنجاة الا اذا تراجع الجميع عن ذلك وهو مستبعد ليبقوا ذرة من كرامة هنا او هناك.