السبت، 2 ديسمبر 2017

ترمب اخو اوباما لوتعلمون!!!

كتب جون الترمان مدير برنامج الشرق الاوسط في مركز الدراسات الاستراتيجيه والدوليه بواشنطن بتاريخ 27 نوفمبر 2017 الماضي مقالا بعنوان " الاهمال الحميد " جاء فيه :

في الاول من مارس عام 1970 كتبت نيويورك تايمز على صفحتها الاولى تصريحا لمستشار الرئيس نيكسون وقتها دانييل باترك موينيهان عن العنصريه في الولايات المتحده حيث قال " ان سنوات الاهمال الحميد لمشكلة العنصريه كانت أفضل من تركيز الولايات المتحده على ما هو حاصل الان فالتركيز الحالي قد فاقم الوضع العنصري"
ثم يكمل
في الوقت الذي شعرت به حكومات الخليج بالارتياح لمساندة الرئيس ترمب بعد 8 سنوات من برود العلاقه مع الرئيس أوباما ، الا انه يبدو ان استراتيجية ترمب لا تختلف كثيرا عن تلك لاوباما وفي الحقيقه انها لا تختلف عن مقاربة منهج موينيهان للعنصريه(الاهمال الحميد) . فبالرغم من فهم البعض مضاعفة العلاقه بين ترمب والخليج الا ان من الدقه رؤية استراتيجية ترمب في نزع العلاقات الحميمه قد صمدت مقابل منفعة الخليجيين ورغم النبرة المختلفه عن اوباما الا ان ادارة ترمب تمثل استمرارا لتباعدها عن الخليج وليس العكس.

في نظر العديد من الامريكان ان تلاشي علاقة الولايات المتحده بالشرق الاوسط تأتي ضمن استراتيجية " أمريكا أولا " والتي طال انتظارها. فالحرب مع العراق كلفتنا أكثر من ترليون دولار وتسببت بمقتل 4400 جندي امريكي وكل هذا دون الحصول على حل نهائي ومكتمل بل على العكس فقد أعطت الفرصة للمتطرفين كما أعطت ايران نفوذا أكبر في المنطقة وأخيرا حكومة عراقية ضعيفه ، ولا أبلغ من تمثيل ذلك من سفر المسؤولين الامريكان الى العراق بعد 15 عام دون الاعلان المسبق لدواعي أمنيه. وفي المقابل ما يحصل في سوريا ليس بأقل من ذلك فقد أدت هذه الاستراتيجيه الى دخول القوات الروسية والايرانيه لسوريا لمساندة الرئيس السوري. وفي الصراع الفلسطيني الاسرائيلي بعد 7 عقود ما زال الحل مفقودا والعديد من المحللين الامريكان لا يرون حلا للصراع ، وأخيرا ثورة 2011 في مصر لم تكن بمستوى ما تطمح اليه الادارة الامريكيه وهذا الاحباط ينطبق على لبنان كذلك.

ادارة اوباما حاولت بشدة دفع حكومات المنطقه الى القيام باصلاحات وكانت ثقة الادارة بنفسها كبيرة في الوقت الذي اعتبر الحكام العرب انها سذاجة من الجانب الامريكي وأحسوا ببرود العلاقه معهم شخصيا . حاول ترمب قلب هذه المشاعر وبعكس اوباما لجأ الى اقامة علاقة قوية مع القادة وكان ذلك ملاحظا اثناء زيارته للسعوديه مايو الماضي وتغريداته المسانده للقيادة السعودية وكانت بالنسبة للجميع هي اعادة العلاقه الى الفترة ما قبل اوباما. هذه القراءة لم تكن دقيقه على مستويات عده
 فأولا حرارة لقاء ترمب لا تعني اعادة حسابات الاستراتيجية الامريكية ولكنه من الواضح أنه يعيد لهم حفاوة الاستقبال وكمثال على ذلك العلاقه الحميمه بين ترمب والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي التي لم تمنع الحكومة الامريكيه في أغسطس الماضي من تقليص حجم الدعم الامريكي لمصر بأكثر من 95 مليون دولار وتقرر التحفظ على 195 مليون دولار اخرى الى ان تقوم الحكومة المصرية بالنظر الى سجل حقوق الانسان وتطبيق الديمقراطيه ،ونفس الشيء ينطبق على علاقة ترمب مع بنيامين نتنياهو، فترمب لم يفعل شيئا لتخندق ايران قبالة الحدود الشماليه لاسرائيل.
ثانيا : ادارة ترمب سحبت نفسها خارج نطاق ايجاد الحلول لصراعات مهمة في الشرق الاوسط وكمثال فما زال الامريكان ينأون بنفسهم من نقاشات حول مستقبل سوريا والقليل من التوسط لحل أزمة اليمن وعدم فاعلية حل الازمة القطرية مع جيرانها.

اذا ما جادلت الادارة الحاليه بأنها تركز على الوضع الايراني، ترى انه يجب عليك الاعتراف ان تمدد المصلحة الايرانيه ونفوذها قد جاء على حساب المصلحة الامريكية ونفوذها في المنطقه، او اذا جادلت ان الادارة الحالية تركز على الحل للصراع العربي الاسرائيلي فيجب ان تفكر بما عسى ان تكون عناصر الاتفاقية ، وهل الولايات المتحده تعتبر ضامنا لهكذا اتفاق ؟ وهل نجح الرئيس ترمب بتوقيت جهوده جيدا ؟ كخلاصة ، ترى إنه من الصعب رؤية أي عمل مشجع لأي من هذه التساؤلات والنقاط .

عمليات بيع السلاح تحصل وبقوة وعلى الاغلب انها ستستمر ولكن تجميع السلاح لصالح حكومات الخليج لن يوقف ايران عما تقوم به رغم ان معظم السلاح الايراني يعود لحقبة الشاه  ، هذا النموذج نراه جليا في اليمن ففي الوقت الذي يصرف العرب المليارات سنويا،  لا يتعدى الانفاق الايراني على السلاح 100 مليون دولار سنويا وفي نفس الوقت تشعر دول الخليج بالتهديد فيما تشعر ايران بالامان. السبب في ذلك ان الكثير من دول المنطقه تأخذ الوعود الامريكيه على محمل الالتزام والحقيقه أنها لا تمثل ذلك فحكومات المنطقه يشعرون ان لهم الحرية في التحركات العسكريه وان أمريكا ستساندهم كما جرت العاده ولكنها استراتيجية " أمريكا أولا " التي ساهمت في تخفيض التواجد العسكري الامريكي وزادت رغبتها بالانابة للمسؤوليات واطلاق الحريه واليدين لحلفاءها حتى وان كانت النتائج غير مرضية، فاذا ما ارادت امريكا القتال هناك فانها ستبيع المزيد من الاسلحة لهم .

مشاكل المنطقه لا تحل الا بالتفاوض وقد كانت معظم المفاوضات ناجحه عندما كانت الولايات المتحده جزءا منها، وهذا يتطلب من الولايات المتحده أمرين الاول الايمان الراسخ بأهمية المنطقه والثاني الالتزام الامريكي بالمفاوضات وعدم اطلاق الحريه واليدين لحلفاءها ولكن للأسف هذين الامرين غير محققين.  انتهى

في اللهجة الكويتيه عندما نقول فلان اخو فلان فذلك لا يعني الاخوة بالدم والنسب وانما ان الاثنين متماثلين وهذا ما قصدته في العنوان، واذا ما سلمنا بالتحليل المذكور فان السياسات الامريكيه تجاه العرب متماثلة ما بين اوباما وترمب وعليه يجب ان ننظر الى خلاصة الكاتب في النهايه ان المفاوضات هي الحل وان مزيدا من جمع السلاح والقتال لن يفضي الى شيء وانما الى المزيد من هدر المال والدم في الوقت الذي يتفرج علينا العالم دون حركه، قد حان الوقت لنأخذ مصيرنا بأيدينا وان يكون قرارنا مستقلا وان نعدم ثقتنا بالامريكان لنقول كفى لما يحدث في سوريا وليبيا والعراق واليمن.