السبت، 8 يوليو 2023

خواطر كويتية.... أقليميا

 هذا الجزء الثاني من خواطر كويتية والذي فيه أكرر أهمية تفاعل وسائل التواصل مع الاحداث هذه المرة اقليميا لما لها من أثر محتوم على الكويت في ظل غياب واضح لاي تفاعل حكومي لما يجري في المنطقة فهي تفضل الصمت لذا أصبح من المهم أن يتم نقاش الاحداث الاقليمية في وسائل التواصل وأن نبدأ فعليا باقامة مراكز للدراسات الاستراتيجية والاقليمية تعنى بالبحث والتحليل لمنع الشبهات والاعلام المغرض والمعادي. ولنضرب مثال على ذلك وليس أبلغ مثال من الربيع العربي الذي اندلع في تونس ديسمبر 2010 وانتقل الى مصر في يناير 2011 ثم ليبيا في فبراير وكنا طوال هذا الوقت ننظر دون سؤال أنفسنا ، هل سيصيبنا هذا الداء ؟ لم يأخذ الوقت طويلا حتى وجدت الكويت نفسها مصابة بهذا الداء عام 2011-2012 ولن أتطرق في هذا المقال لمن دعم تظاهرات كرامة وطن وصبغتها بشعار القبضة ، ولكن ما أريد قوله ان الكويت كانت مستهدفة ومشمولة بخطط التغيير ولكن لطف الله تعالى وحكمة القيادة انذاك منع عن الكويت ما هو خطر جدا. لذا فمن المهم ان نعرف ونحلل ونتخذ الاحتياطات لمنع حدوث هكذا امر مجددا. لقد ترك الربيع العربي جرحا غائرا تعاني منه بعض الدول حتى الان فهذا الربيع كان مخططا له ان يعيد رسم حدود الدول واعادة رسم توازن القوى بدعم أمريكي - غربي قوي وهو ما يصرح الامريكي دوما دون خجل وهو الشرق الاوسط الجديد، وهنا نستطلع ابرز ما حدث بالاقليم ومدى تفاعل الكويت معه.

الازمة السورية : مهوسة بأحلامها العثمانية استمرت تركيا بتجهيز ونقل المقاتلين المدعومين من كل أصقاع الارض الى سوريا ولم يكن يهم تركيا توجهات هذه المجموعات طالما انها ستحقق أهدافها في السيطرة على سوريا طالما الدعم المادي بالترليونات لم يتوقف. توسعت تلك المجموعات المسلحة في عملياتها واستولت على الكثير من الاراضي السورية والحقيقة انه لولا تركيا لما تمكن احد من دخول سوريا خلسة مع التدريب والنقل. الدعم  المالي الامريكي والخليجي لم يتوقف طوال تلك السنين رغم انتهاج هذه المجموعات لاساليب ارهابية ومقززه. ثم جاء عام 2013 والذي معه حصل انقلاب في المسيرة العسكرية حين هزم المسلحين هزيمة قاسية في القصير القريبة من الحدود اللبنانية ، هذه المعركة كانت فاصلة في التوقيت ففي تلك المرحلة كان حتى العدو الصهيوني موجودا وله فرق دعم للمسلحين الذين تحصنوا بشكل جيد ولكن ذلك لم يمنع هزيمتهم فلنا ان نتخيل شراسة المعارك ولكن اصرار الجيش السوري وحلفاءه بطرد المسلحين من المدينة اتى بنتائج باهرة. تبع هذا حدث هام عام 2015 عندما تدخل الروسي بالته العسكرية المعروفة وبدأت معاقل المسلحين تتهاوى الواحدة تلو الاخرى.

اليوم انتصرت سوريا وما دعوتها لاجتماعات الجامعة العربية في الرياض الا توثيق لهذا النصر وعودة تطبيع العلاقات مع معظم الدول العربية. لم تتفاعل حكومتنا مع  الحدث بل لم نسمع لها صوتا وهذا معناه انها لا تملك خطة واضحة ليكون لها دورا بارزا في تطبيع العلاقات والمساهمة باعادة اعمار سوريا . هذا قصور غير مسبوق في الدبلوماسية الكويتية التي كانت دوما سباقة لجمع الشمل العربي وذات الامر ينطبق على وسائل التواصل التي لم أرى لها دورا فاعلا في نقاش وتحليل الوضع الجديد ومستقبل سوريا.

فلسطين البوصلة: منذ أن تم التوقيع الاتفاقية الابراهيمية المشؤومة في 13-8-2020 حتى بدأنا نرى تطبيعا مع العدو الصهيوني بنكهة جديدة تختلف كليا عن اتفاقيات السلام مع كل من مصر والاردن فالاتفاقية الابراهيمية أخذت بعدا سياسيا وتجاريا واقتصاديا بل وحتى ثقافيا ودينيا ورغم هذه المصيبة الا اننا لم نرى تفاعلا حكوميا وشعبيا ضد هذه الاتفاقية بل وحتى بخجل شجبها وربما يعود ذلك لعدم الرغبة في التدخل في الشؤون الداخلية لبعض دول مجلس التعاون ولكن في الحقيقة ان تلك الدول تدخلت بالشؤون الداخلية لكل الدول العربية التي لها تحفظات كبيرة على العلاقة مع الكيان ورسمت مسارا يعارض الاجماع العربي. ورغم اننا في الكويت ما زال موقفنا ثابتا ضد الاحتلال والتطبيع الا اننا ما زلنا نردد شعارا ميتا وهي المبادرة العربية لان كلمات السلام والعدل غير موجودة في قاموس الكيان الصهيوني وان شعار السلام الشامل والعادل هو امر لن يقبله الصهاينه مهما بلغ الامر. ان من يؤمن بالمبادرة العربية لا يعرف سبب قيام هذا الكيان ومشروعه فما دامت هذه الغدة السرطانية موجودة في منطقتنا فلن ننعم لا بالهدوء ولا بالسلام فهي اداة استعمارية بامتياز وتمثل اهداف الغرب فلا علاج لهذة الغدة الا الاستئصال.

إيران : على مدى سنوات تمكنت مجموعة من القنوات الفضائية من رسم مجموعة من الصور لاظهار ايران بصورة العدو بدل كيان العدو الصهيوني ونجحت بذلك نجاحا باهرا.الخلل كان يكمن بعدم وجود وسائل اعلامية تحلل وتناقش، وغياب مراكز دراسات استراتيجية، وتبني وسائل التواصل للاخبار التي كانت تبثها تلك القنوات دون التأكد من مصداقية تلك الاخبار وتم أخذ تلك الاخبار كمسلمات. خلال هذا الوقت تمكنت ايران من ان تكون جزءا من منظمة شنغهاي الاستراتيجية ووقعت عقدين استراتيجين مع كل من  الصين الشعبيه وروسيا الاتحادية واصبحت جزءا مهما من طريق الحريرفادخلت الكثير من الصناعات حتى باتت تصنع كل ما تحتاج تقريبا. ان موقع الجارة ايران اصبح موقعا جيوسياسيا مهما لا نستطيع تغافله والواجب ان نتباحث فيه في نقاشاتنا وكيفية التعامل معه بل والاستفادة منه وان نبحث لانفسنا موقعا في هذا الوضع الجديد يضمن لاجيالنا القادمة نموا اقتصاديا يبتعد قليلا فقليلا عن النفط.

في الختام قد يختلف القارىء الكريم مع أغلب ما كتبت وهذا لب الموضوع فالاختلاف لا يفسد للود قضية ، وأود جدا سماع وجهة نظرك لان النقاش فيه تبادل للمعلومات وبحثا معمقا لصحة الخبر او صحة الاستنتاج ، فاذن التفاعل مع الاحداث ودراستها وتحليلها هو لصالح الكويت بل ان نتيجة النقاش قد ترسم خطط مستقبلية للدولة.  ان النقاشات تبعدنا عن عدم مصداقية بعض القنوات الفضائية ذات اجندات مشبوهة كما تبعدنا عن ادخال العواطف والتحزبات السياسية او الطائفية لنقاشاتنا وهي التي طالما شكلت حجابا عن الرؤية الصادقة او الحقيقة.