السبت، 2 أبريل 2016

علاج الخلل يكون من جذوره

انتهت السنة الماليه 2015-2016 في 31 مارس 2016 ولم نسمع من الحكومه تحليلا للمصروفات او الايرادات او شيء يتعلق بالميزانية العامه، لذلك لا باس ان أتقمص الدور الحكومي لنطلع الناس على ما حدث وما قد يحدث. فحسب تقرير الشال ان المعدل لسعر النفط الكويتي بلغ 42.7 دولار للسنة الماليه بمعدل انتاج 2.7 مليون برميل يوميا مما يجعل الايراد السنوي للنفط ما يعادل 12.6 مليار دينار أضف اليها 1.5 مليار دينار ايراد غير نفطي يصبح الكلي 14.1 ملياردينارواذا اخذنا 10% لصندوق الاجيال القادمه من الايراد وقيمته 1.4 مليار يصبح الايراد الفعلي 12.7 مليار دينار مقابل 19.1 مليار دينار مصروفات اي عجز قيمته 6.4 مليار دينار.
مجمل هذه الارقام تقريبيه ولكنها ليست بعيده وهي ليست بأهمية ما ستفعله الحكومه ازاء هذا العجز. فسحب 10% لصندوق الاجيال في هذا التوقيت قد يكون عبثا !!! ولكن كيف سيتم تجاوز القانون؟ هذا الامر لم يلتفت اليه نوابنا الافاضل في مجلس الامه ولم يناقشوه او يدرسوه،فلم يستبقوا الوضع الراهن لانهم مشغولين في امور اخرى ككيفية معاقبة النائب عبدالحميد دشتي وامور تافه اخرى تصب في مصلحة التاجر من خصخصة وغيرها. ويبقى السؤال لو ان النواب تنبهوا واستبقوا الوضع ، أين ستذهب هذه الاموال او لتسد أي عجز أو اذا استمر الوضع هكذا لسنين ، فما مصير هذا الصندوق الذي لا نعرف ما هي عائداته وما هو حجمه؟
ولو كان العجز 6.4 مليار دينار فعلا ، فهل الاجراءات التقشفيه كافيه لسد العجز السنوي؟ فإن كانت كافيه فيجب الا نرى اية استدانه قادمه للحكومه من البنوك او غيرها وان كانت ليست بكافيه فماذا الاجراء؟ الم يكن الاجدر بالحكومه تقليص انفاقها وهي ترى هذا الرقم في العجز قادما لا محالة؟
 كل ما سردته حتى الان تساؤلات متعدده لا ترقى لان تكون استراتيجية تسير عليها الدولة فهي ردود أفعال ليس الا، ورغم ان الحكومه قدمت اجراءات داعمه لتصحيح المسار الاقتصادي كخطة متكامله الا انني شخصيا لست متفائلا جدا، فكم من هذه الخطط قرأناها خلال السنين الماضيه كانت تنمويه او حتى رياضيه لم يتحقق شيء منها، ولعل اوضح مثال هو عدم خروج متحدث رسمي ليظهر لنا الميزانية وما عانته وكيفية الحلول للعام القادم وسعر البترول المتوقع للبرميل خاصة بعد اتفاق مبدئي بين دول اوبك حول تثبيت الانتاج وكم المتوقع ان يؤثر ذلك على اسعار العام القادم؟
في عالم الطيران حين يتم البحث عن خلل ما ،يكون دوما البحث عن المسبب الجذري ROOT CAUSE وليس المسبب المباشر للخلل بحيث يتم تتبع اعماق الخلل الى نقطة لا يوجد بعدها خلل فتكون النقطة الجذرية التي يتم اصلاحها، فمتى ما تم ذلك يكون الاصلاح قد تم في باقي الجسد. فالفشل الحكومي في تطبيق او تنفيذ الخطط قد يبدا من الخطة نفسها لانها بالاساس لم تنظر الى الامكانات المتاحه فكان سقفها عاليا جدا او لم تتم دراستها من كل الابعاد ورغم ذلك ينبغي من المنفذ او الوزارة ان تكون جزءا ممن يخطط بالاساس وان لم تكن فيجب ان ترفض الخطة لعدم واقعيتها، او ان الحكومه لا يوجد لها مؤشرات لقياس الاداء وهذا واضح او لا يوجد لها قرار حاسم بغض النظر عن المتنفذين الذين يعرقلون خطط الحكومة لمصلحتهم الخاصة ولكن كل هذه الامور مسببات مباشرة وليست جذريه بمعنى لو رجعنا فقط خطوة واحده للوراء لتقصي سبب الخلل نجد هذه الامور الغير جذريه فلا بد من التعمق لتبيان سببها الى ان نصل الى المسبب الجذري لكل هذه الاختلالات وهو قيادات وفكر وارادة الحكومه ولذلك لن يتحقق شيئ مطلقا وكل ما يطرح من حلول لا يعدو كونه وقتي وغير قابل للتنفيذ، او قابل للتنفيذ ولا تتم متابعته لينتهي كما يجب دون دخول عنصر الفساد اليه، خاصة وان المجتمع المدني منقسم بين طائفي وقبلي وفئوي مما بسهل على الحكومه الاستمرار فيما هي عليه.

ويبقى السؤال : كيف نعالج هذا الخلل من جذوره؟ ولتمثيل من نحتاج اليه فقد يكون تماما كمؤجر جديد يملك فكرا متطورا واردة للتغيير لبيت مستعمل انهكه الاستعمال السيئ ، ليبدأ بالتخطيط لما يريد ثم يبدأ باخراج كل الاثاث ثم يعالج الكهرباء والماء والارضيات والطلاء وغيره ثم يضيف احتياجاته قبل ان يعيد ما يحتاج فقط من الاثاث الذي سيخدمه السنين القادمه باداء جيد وتحمل، وما أن يسكن حتى يضع جدولا للصيانه يوفر عليه الضرر اذا حدث وكذلك الكلفة الغير محسوبه ويحسب كلفة كل امر في المنزل الجديد ويستمر بمراقبة الاوضاع فهو يعرف تماما ماذا يريد وكيف يصل اليه دون تدخل من احد.