الثلاثاء، 21 أبريل 2020

يجب تغيير خريطة مجلس الامة

وضع دستور الدوله بناء على الحالة التي كانت تعيشها الكويت لسنين مضت من ترابط وتعاون بين الحاكم والمحكوم ، ولكي يتم تثبيت هذه المفاهيم، نص الدستور في مواده على الدور الذي سيلعبه مجلس الامة في ترسيخ للديمقراطية من خلال التشريع والمرقابة والمتابعة للأداء الحكومي وأن ينتقل بهموم المواطن ليصيغها بقوانين تضمن حقوقه وحريته.  إلا أن أداء المجلس بدأ بالهبوط  فابتعد عن الدور المناط به وأخل بالكثيرمن مسؤولياته الدستورية، لذا بات التغيير في خريطة المجلس ضرورة للعودة الى الاهداف التي وضعها كاتب الدستور وأقرها أمير البلاد حينذاك الشيخ عبدالله السالم الصباح رحمه الله.

ربما يكون التغيير الأهم هو زيادة عدد النواب،،، وقبل أن استمر في كتابة هذا المقال اريد ان أنوه أني لا أتبع حزبا ولا تيارا ولا أي توجه لأي مجموعه كي لا يقال ان الزيادة في عدد النواب قد تخدم هذا التوجه او ذاك وإنما سأطرح ما هو من الدستور وتحديدا من المذكرة التفسيرية للدستور في النقطة 4 " عدد أعضاء مجلس الأمة (وهم خمسون عضوا) تبعا لعدد السكان " (نقلا حرفيا) كان هذا عام 1962 عندما كان عدد السكان 370 الفا . هذه العبارة في فحواها تبين ان المقياس في اختيار الرقم 50 لتمثيل عدد الاعضاء هو تعداد السكان وما يترتب عليه مستقبلا تغيير العدد ان لزم وذلك لسبب بسيط وهو ان عدد نواب المجلس الحالي لا يمثل الشعب بتعداد سكانه الحالي وانما اقل من ذلك بكثير فيصبح مجلسا لا يمثل الشعب.

فما هو الرقم المثالي لتمثيل الشعب بتعداد سكانه الحالي؟ وما الفوائد المرجوة ؟ وما خطر الزياده الكبيرة في عدد النواب عن الرقم المثالي؟
التوزيع النسبي اللوغاريتمي ما بين عدد المواطنين وعدد ممثليهم طرحت فيها عشرات الدراسات ولكن الدراسه الشامله للموضوع كانت من (Taagepera & Shugart, 1989) وهما عالما إحصاء أمريكيان قدما دراسة في كتابهما الشهير الاصوات من المقاعد (VOTES FROM SEATS) أثبتت نجاحا كبيرا , وكان أول من استعمل الدراسة فعليا هما الولايات المتحدة وبريطانيا، ومنها خرج التعديل البيريطاني الذي طالب بتخفيض عدد الممثلين من 650 الى 600 ليتناسب مع الدراسه. الرسم البياني المرفق وضعت فيه اسم الكويت لتتضح الصورة ويظهر التناسب ما بين عدد المواطنين وعدد الاعضاء، كما سترى ان بريطانيا في الاعلى بعيدة عن خط الدراسة بفارق 50 ممثل.
الخط الوسطي يمثل الرقم المثالي ولكن الدول تعمد الى اختيار فوارق ال 5و10% من الخط الوسطي طبقا للحالة السياسية التي تعيشها. قكما يظهر في الرسم البياني ان الكويت بعد مواطنيها الحاليين (عدد المواطنين 1،5 مليون نسمه) بحلجة الى 110 ممثل لتكون عن عمد -10% من الخط الوسطي او المثالي لانها لا تملك نظاما حزبيا يحدد عدد المقاعد لكل حزب . وهكذا يصبح  النائب ممثلا لكل 15،000 مواطن..

التغييرات المرتقبة بزيادة 60 عضوا على الوضع الحالي هي :
1 - يمكن للحكومه الحصول على 36 وزيرا (ثلث عدد الاعضاء مادة 56) وبها تستطيع انشاء وزارة الاقتصاد واخرى للتنمية البشرية والتنميه وغيرها مخففة العبء على بعض الوزاء الذين يتحملون وزارتين او ثلاثه.
2- تحقيق النقطة 3 من المذكرة التفسيرية " وليس يخفى أن الرأي إن تراخي والمشورة إن تأخرت ، فقدا في الغالب أثرهما ، وفات دورهما في توجيه الحكم والإدارة على السواء ". فزيادة عدد السكان على مر اكثر من 50 عام واتساع الدولة والتعقيدات الحديثه تستوجب مشورة سريعة تناسبها.
3 - اهتمام واضع الدستور بالاعداد، كعدد الاعضاء وما يقابلهم من عدد الوزراء نابع من النقطة 3 في المذكرة التفسيريه "اقتضى الحرص على وحدة الوطن واستقرار الحكم أن يتلمس الدستور في النظام الديمقراطي الذي تبناه طريقا وسطا بين النظامين البرلماني والرئاسى" ، فتوزيع هذه الارقام كنسبة المواطنين الى الاعضاء ونسبة الاعضاء الى الوزراء مهمة جدا كي يضمن النظام الديمقراطي تمثيلا مناسبا للشعب وكذلك لكي لا تستأثر الحكومة في القرار داخل المجلس ويصب هذا كله في خانة وحدة الوطن واستقرار الحكم
4-  استحداث لجان جديدة مؤثرة ;كلجنة الطاقة والبترول ولجنة التكنلوجيا والبحث العلمي ولجنة المرأة والطفل ولجنة التنمية الخ...

وغيرها من الايجابيات التي لا يسعها هذا المقال ، كما انه في المقابل الزيادة المفرطة في عدد مثلين الشعب سيقود حسب دراسة البروفسور روبرت بوبو والبروفسورة ايمانيويل أويول الى التأخير في اتخاذ القرار ومناقشة امور غير ضروربة وزيادة في الفساد والتكلفة الغير مناسبة.

أصبح لزاما ان يستعيد المجلس دوره الحقيقي الذي رسمه واضع الدستور، فالتحديات القادمة كبيرة تستوجب بالمقابل عملا يتناسب معها ، لذلك فإن زيادة عدد أعضاء المجلس الى 110  هو تثبيت لروح الدستور واعادة الامور الى نصابها .

اذا تحب الكويت خلك بالبيت وحارب تجار الاقامة والمفسدين.













الاثنين، 13 أبريل 2020

ما سر فشل قانون ال20 مليار دينار؟؟

أحالت الحكومة الى مجلس الامه بتاريخ 1 أبريل مشروع قانون بصفة استعجال للدين العام بمبلغ وقدره 20 مليار دينار لأجل 10 سنوات ، وكما جاء في جريدة الراي بتاريخ 5/4/2020 وذلك لسد فجوة العجز الواسعة بدلا من الاعتماد فقط على السحب من صندوق الاحتياط العام لتمويل العجزوأكملت الصحيفة قائلة "أن المشروع المقدم يندرج ضمن التحركات الإنقاذية، السريعة والحزمة التحفيزية التي تقودها الحكومة لتقليل ضغوط السيولة.

في نفس البوم يظهرخبر من كونا وفيه تصريح لوزير المالية براك الشيتان قائلا " ان القانون لا علاقة له اطلاقا بالحزمة الاقنصادية او تداعيات أزمة كورونا وانما 8 مليارات لتمويل عجز الميزانيه و12 مليار مشروطة للمشاريع الراسماليه المسجلة في الميزانية فقط.
الى هنا اعتقدت ان الجريدة اضافت بعض البهارات على الخبر فادخلت قصة الحزمة الاقتصاديه التحفيزية، ولكن طالعتنا السياسه بتاريخ 5 ابريل وهو يوم حافل بالتصريحات، وفيه أقوال لنواب الامه، هذه بعضها:
المطيري: استغلال أزمة كورونا لتمرير المشروع أمر مرفوض إذ يعطي صورة تشاؤمية

عبدالله الكندري: يخلو من تحديد أوجه الصرف وبلا خطة لكيفية إدارة الدين وسداده

العتيبي: المشروع يستهدف تنفيع من لا يستحق وإعطاء الفتات للشعب

السبيعي: بدلاً من إسقاط قروض المواطنين جاءتنا الحكومة بالاقتراض الملياري!

الحجرف: عندما كانت الديون على المواطنين وضعت العراقيل

السويط: لن نسمح باستغفالنا في الأزمة القائمة لتمرير القانون وسنقف في وجه العبث

العدساني: لن نسمح للحكومة بتمرير مشروعها الملياري وسنتصدى له بكل الأدوات

عاشور: الدولة أكبر الخاسرين في أزمة كورونا وحل مشكلة التجار ليس مسؤولية الحكومة

عبد الكريم الكندري: من لم يحاسب فاسداً أو مقصراً لن يستطيع إدارة أموال الدين العام

الهاشم: هناك خطة إنقاذ كاملة… وتشكيل اللجنة العليا للحزمة الاقتصادية قرار حكيم

نحن كمواطنين نقف حائرين أمام هذا الكم الهائل من التصريحات المتناقضه في فهم القانون، ونتسائل ما هي نية الحكومة وما يدور في خلد النواب ، واذا كانت الحكومة بينها وبين النواب هذا البون الشاسع  وهم يلتقيان تحت قبة البرلمان فكيف بنا ونحن بعيدون الا  عن تصريحات الجميع ولا ندري من نصدق ، فما الذي يجري؟؟؟؟

ان سر نجاح الحكومة في احتواء وباء الكورونا هو ذاته سبب فشلها في تمرير قانون الدين العام ، فحين قررت الحكومة مكافحة الوباء كان سر نجاحها ثلاثة أشياء:
1 - الخطة الواضحه والمعلنه وتوزيع المسؤوليات 
2 - القرارات الحاسمة والحكيمة
3 - المتحدث الرسمي لوزارة الصحه مطلعا المواطنين على خطر الوباء والفقرة القادمة لمكافحة الوباء

اما فيما يتعلق بمشروع قانون الدين فكانت تنقصه العناصر كلها ، فلا وجود لخطة لاقناع النواب، ولا متحدث يسوق لاهمية القانون ويشرح كيفية تنفيذ الخطة، ولا قرار حاسم وحكيم تفرض من خلاله ضغطها على النواب بدل رميه دون تقديم شرح مقنع ووافي.

فرسالتي الى وزير المالية المحترم، نحن اليوم نمر بظروف استثنائيه ويتطلب منك عملا استثنائيا ، فأنت وزير اقتصاد وماليه في آن واحد الى ان الله يهدي الحكومه وتنشأ وزارة اقتصاد فعليك ان تطلع الجميع عما سنتوقعه للفترة القادمه وبناء على هذه المعطيات لهذا التوقع تفند الحاجة لهذه المبالغ الطائلة مع تبيان استحالة تنفيذ حلول بديلة فأنت مجبور ان توضح للجميع ان كل الخيارات قد طرحت وتمت مناقشتها وانها غير مجدية خاصة انك تضع الدولة امام تسديد للديون لمدة عشرة سنوات الواضح انها سنوات عجاف، فعليك توضيح كيف ستتم الاستدامه في الاستقطاعات وما أثرها على مستقبل الكويت والمواطن.
كما ان عليك ان توضح للجميع لماذا سحبت الحكومة مشروع القانون في نهاية يناير الماضي بعد بيان البنك المركزي مع صندوق النقد الدولي بشكل سريع دون التطرق لتوصيات ذلك البيان وهي 1- ضرورة التسعير العادل للخدمات الحكومية عند مستويات استرداد التكاليف، 2-وترشيد عمليات التحويلات إلى المؤسسات المختلفة من خلال الضبط والتنفيذ الجاد، 3-وزيادة الاستثمارات العامة المعززة للنمو وتحسين كفاءتها 4- ومن شأن فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة %5 توسيع القاعدة الضريبية، وتحقيق إيرادات ثابتة للموازنة العامة،5- والمساعدة في رفع مستوى القدرة على إدارة الضرائب، وتوسيع تغطية ضريبة الدخل وفرض الضرائب على السلع الكمالية. (القبس 27يناير 2020)

اذا تحب الكويت خلك بالبيت وحارب تجار الاقامات وكل المفسدين.







الخميس، 9 أبريل 2020

التركيبه السكانبه،المشكلة المتجددة!!

مشكلة التركيبة السكانيه رغم تعقيدها الا انها كان من المفترض ان تكون قد حلت وذلك لانها اخذت وقتا وجهدا وبحوثا مستفيضة ولكن حركة الحكومة كحركة المد والجزر، فما ان تراها قادمة بقوة موجها حتى تراها بعد سويعات مدبرة بعيدا عن شاطىء الحل.
ففي 21-8-2008 عرضت جريدة الوطن على صفحتها الاولى بيانا لوزارة الداخليه يبين خطة تهدف الى ابعاد 800 الف عامل هامشي من العام 2008 وحتى 2012 وتضمن البيان جدولا يبين عدد المتوقع إبعادهم كانوا من الجنسية العربيه او الاسيويه.  




هذه الخطة لم تنفذ!!

في 14-3-2010 طالعتنا جريدة القبس صفحة 15 ، بتصريح للعميد(انذاك) عبدالله الراشد مدير عام الادارة العامة للمباحث حيث قال :" ان الحرب على الشركات الوهمية وتجار الاقامات والبشر قد سارت وفق محورين الاول رصد العمالة السائبة والتوصل الى كفلائهم والثاني التنسيق مع الشؤون والتجارة لضبط المخالفين والمزورين والمرتشين وقد ضبطنا 1100 شركة وهمية مسجل عليها 6000 عامل هامشي فضلا عن 800 ترخيص تجاري مزور .

في 20-3-2013 طالعتنا جميع الصحف  بتصريح لوزيرة الشؤون انذاك السيدة ذكرى الرشيدي قائلة :" ان استراتيجية الوزارة في هذا الشأن تفضي بتقليص العمالة الوافدة بواقع 100ألف عامل سنويا ولمدة 10 سنوات بمجموع مليون عامل."

ومع كل هذا التخطيط والتنفيذ الا ان الحكومة أخفقت اخفاقا ذريعا حيث يتبين من الارقام الحالية ان الاعداد في ازدياد، فيا ترى لما أخفقت الحكومة؟ وهل من الممكن أن تعيد نفس تلك العوائق نفسها مرة أخرى لتخفق مرة أخرى؟؟؟

لعل تقرير القبس في 26-6-2013 بعنوان "تجار الاقامات أول المستفيدين" قد لخص جزأ مهما  للموضوع حين قال" رغم الجهود المشكورة لوزارة الداخليه الا ان هذه الجهود تذهب سدى اذ ان العلة وهم تجار الاقامات مازالوا طلقاء يترقبون أعداد المغادرين ليحل مكانهم مخالفون جدد وبمبالغ تزيد عن الالف." 
وهذا ما حصل فعلا!!!  
المشاكل الحقيقية تتلخص فيما يلي:
1 - عدم القاء القبض على تجار الاقامات وفضحهم في الصحف 
2 - عدم اكتمال الربط الالي بين جميع الوزارات 
3- لم نتعرف على الجناة في وزارة التجارة الذين أصدوا التراخيص الوهمية
4 - لم نتعرف على الجناة في وزارة الشؤون ممن لم يدخل اسم الشركات في النظام الالي
5 - لم نتعرف على الجناة الذين زوروا وارتشوا كما عبر العميد في تصريحه
معظم هذه المشاكل مذكورة في دراستين لادارة البحوث في مجلس الامة (2014).

يتضح من السرد السريع للسنوات ال12 الماضية ان الحكومة تعرف تماما أبعاد هذه المشكلة ولكنها توقفت مقصرة عن أداء دورها رغم خطورة الموضوع وتفاقمه لذا في الاوضاع الحاليه الخاصة بعالم الكورونا والبطء الاقتصادي المتوقع يجب ان تتعامل الحكومة مع تصحيح التركيبه السكانيه بجدية بل وكما اشار اللواء عبدالله الراشد قبل 10 سنوات بأنها حرب على تجار الاقامات  فالمرحلة القادمة ولبطء الاقتصاد والاعمال ستضطر العماله الهامشيه وهم دون عمل الى ان يتجهوا للسرقة وهذه طامة أمنيه لذا وجب كجزء من الامن الوطني بل والاجتماعي كذلك حل جذور هذه المشكلة وذلك بحل المشاكل الخمسه المذكورة آنفا وزد عليها:
6 - فصل المادة 18 لقانون الاقامات الذي بشمل العاملين في القطاع الخاص وهم أغلبية العمال الى:
أ- اقامه 18أ  وتشمل الموظفين المهاريين كالاطباء والمهندسين والمحاسبين ومن في حكمهم
ب- اقامه 18ب  وتشمل العماله المستمرة في عملها تحت كفالة الشركة الحقيقية مع التحقق من ذلك عن طريق تقديم الشركة لمشاريعها القائمة كل عام مع تقديم التبريرات لحاجتها من العماله..
ج- اقامه 18ج  والتي تشمل العماله المتعاقده والتي تتم عن طريق مكاتب هيئة الاسنثمار في الخارج على ان تكون الاقامه محددة بمدة المشروع وفرض غرامة كبيرة اذا بقي في البلاد وان يتم شطب الاسم من التعاقد مرة أخرى.
بهذه الطريقه نكون قد استثنينا ارقام الوافدين المهاريين لتكون الدراسة حقيقية ولا نخلط بين الفئتين وان نكون قد شددنا الرقابة على العماله المتعاقدة .


اذا تحب الكويت خلك بالبيت واعلن الحرب على تجارالاقامات والبشر



الثلاثاء، 7 أبريل 2020

كورونا جيوبوليتيكا بين الصين وأميريكا

كل العالم يتوقع ويحلل ماذا سيحدث بعد انتهاء أزمة الكورونا، فالعالم كما عرفناه في بداية العام لن يستمربل لن يكون شبيها بما مضى بسبب ما يمر به الان من أزمة اقتصادية وصحية وأمنية. فالخسائر التي تمنى بها الشركات والتي تقدر بالمليارات سببت بطالة فاقت أزمة 2008 واذا استمرت الاوضاع لعدة أشهر قادمة سيكون أثرها كارثيا من الناحية الاقتصادية بل وحتى من الناحية الاجتماعيه والديمغرافية فالخسائر البشرية الهائلة والهجرات المتوقعه بسبب البطاله وندرة الوظائف بعد الازمه ستغير الكثير من تحضيرات الدول بعدالازمه التي ستحاول جاهدة خلق نوع من التوازن للوضع ما قبل وما بعد كورونا. 
ويعمد المحللون لدراسة اوضاع الدول الكبرى الصناعية ودورها لقيادة الاقتصاد الجديد وماهو المتاح لها حيث يعتقد ان العالم لن يشهد اي نوع من النمو خلال هذا العام وان انتهت ازمة كورونا في مايو او يونيو مما سيبقي اسعار النفط دون ال40 دولار لفترة تعجز فيها دولنا عن الصراع مع العجز الكبير المتوقع ولن يعوض هذا العجز الا النفط + الاحتياط + الضريبة الحتمية مع نظرة لما ستقوم به الدول الصناعية الكبرى لاحياء أسواقها ورفعة اقتصادها فبدون نمو اقتصادي عالمي لن يرتفع سعر النفط.

 كل أنظار العالم بما فيها العيون الامريكيه تنظر الى الصين التي انهت أزمتها مبكرا وبدأت فعليا تشغيل عجلتها الاقتصاديه رغم الخسائر البشرية الهائله التي قدمتها والتي شخصيا لا أثق بالارقام التي قدمتها ولكن رغم ذلك بينما العالم يرزح تحت ضغط الكورونا نرى الصين تمد يدها لكل العالم دون استثناء بما فيها الولايات المتحده تعبيرا عن قدرتها وتسيدها للموقف العالمي. فهل حسبت امريكا هذا الحساب ؟؟؟؟
الحقيقة ان الولايات المتحده بعد ان حطت الحرب العالمية الثانيه اوزاها لم تحفل بالصين مطلقا كقوة عظمى فالاحتلال الياباني كان قد دمرها تماما ولكن مع انتهاء الحرب كانت الصين قد أثمرت ثورة شيوعية لقائد عسكري جديد اسمه ماو تسي دونغ والذي لم يعدو كونه عسكريا في ظل نظام شيوعي لم تثبت فاعليته الاقتصاديه بل على العكس لم يثبت سوى فشله كما في الاتحاد السوفيتي. لذا ركز الامريكان كل طاقاتهم امام الاتحاد السوفيتي الذي بدأ يظهر كقوة عسكرية وتكنولوجية وبدأت الولايات المتحده تحشد الحلفاء لمقارعة السوفيت فقط.  في ذلك الوقت كانت الصين بقيادة ماو تعد لثورة زراعية عام 1949 وهي أولى كوارث ماو حيث سلم الفلاحين الاراضي للزراعة وركز على الانتاج دون دعم تكنلوجي وبعمالة تتضمن حتى طلبة المدراس حيث كان يخرجهم من المدارس ليعملوا في الحقول ساعات طويله . والرجال كانوا يعملون على فتح منافذ مائية لري الاراضي التي لم تعالج بطريقة علمية فكانت النتيجة سيئة للغايه. وما ان انتهى من هذه الفكرة حتى بدأ بثورة الحديد حيث اراد انتاج كميات هائله منه لتساعده في خطوته القادمه وهي الثورة الصناعيه فاضظرللاستعانة بالفلاحين مرة أخرى فانتجوا كميات هائلة من الحديد الفاسد ، ولكن الطامة الكبرى ان الاراضي الزراعية والتي باتت لا ترى العناية بارت كما فسدت المزروعات فعانت الصين من مجاعة اودت بحياة 40 مليون صيني عام 1960ولم تخف مصائب الصين حتى توفي ماو في عام 1976 الذي قاد الصين من خلال نظام قمعي شرس اودى بحياة الملايين في المعتقلات ومن الجوع.
في المرحلة ما بعد ماو كان رجل الساعة دونغ جياوبنغ والذي أدخل العديد من الاصلاحات الاقتصاديه ومنها الاستثمار الخارجي عندها فقط بدأ العالم يعرف الازمة الصينية عن كثب، ولم يتسنى لدونغ ان يستلم السلطه الا عام 1980 حيث زاد وتبرة الاصلاحات والانفتاح الاقتصادي. الامريكان كانوا مازالوا ينظرون للاتحاد السوفيتي الذي بدأ يشيخ ويحتضر حتى انتهى تماما عام 1991 حينها فقط أحس الامريكان انهم اصبحوا القطب الاوحد في العالم وبدأت أنظارهم تتجه نحو الصين ولكن دون تركيز كما حصل مع السوفيت لان العالم وطريقته تبدلت. واستمرت الصين بعدها بنهجها الى ان توفي دونغ عام 1997فيما استمر خلفه بنفس النهج وبدأت الصين تعلن عن نفسها كقوة عظمى اقتصاديه وعسكرية. 
الصينيون راقبوا عن كثب تلك السنوات في الحرب البارده والجدار الحديدي الذي وضعه السوفيت والذي لم يمنع الامريكان من دكه في النهاية وادركوا ان فتح علاقة وثيقه مع الامريكان ضرورة قصوى فكانت الزيارة التاريخيه لدونغ الى واشنطن عام 1979 بداية لفتح علاقات وتبادل تجاري بين البلدين وبداية لشراء ضخم لسندات الخزينه الامريكيه وفتح الحدود والتسهيلات التجاريه لكل الشركات الغربيه العملاقه كي تؤسس مصانعها في الصين مستغلة العمالة المهارية والرخيصة هناك. ما استفاده الصينيون هو التكنلوجيا الغربيه التي انتقلت الى بلادهم والتي افتقدوها منذ تأسيس الصين الجديدة فدرسوها وتعلموا كل جوانبها ، كيف لا وهم يصنعون كل الادوات  والحاسبات الالكترونيه للغرب وبلغ الصينيون مبلغا في انهم تفوقوا على الغرب في بعض الاحيان وهو أمر بداأ يقلق الغرب ولكن قد فات الاوان لأن الصين اصبحت جزءا مهما ورقما صعبا في التجارة العالميه وأي انهيار لها يهدد الاقتصاد العالمي ، ورغم ذلك استمر الغرب بوضع القيود ومنها اتفاقية الترانس باسيفيك والتي دخلت فيها الولايات المتحده في عهد اوباما وهي اتفاقيه للدول المحيطة بالصين والتي كلها حليفة للولايات المتحده ودورها يختصر في تحجيم الصين من بسط نفوذها وسيطرتها على الاقتصاد العالمي كرقم واحد.
ثم جاء فيروس كورونا ليقلب الموازيين ففي الوقت الذي اعتقد كل العالم ان الصين ستنهار، رأينا كيف احتوت الفيروس وبدأت تشغل عجلة الاقتصاد في الوقت الذي يبدو فيه الارتباك الشديد في الولايات المتحده من ناحية مكافجة المورونا والتخبط في التصريحات للرئيس ترمب في كل مقابلة وتصريح رسمي وهو ما يعكس الحالة الصعبة التي تعيشها الادارة الامريكية. فرغم كل ما فعلته مع الصين الا انها تقبلت المساعدات الصينيه وهو ادراك منها لصعود نجم الصين وستسمر الصين في العمل في الوقت الذي يجلس فيه الامريكان في منازلهم. نعم، الصينيون يدركون تماما ان الامريكان مازالوا يحملون اوراقا رابحة في شتى المجالات الاقتصادية منها والاعلامية ولكن الكل يدرك الان ان الصين قبل كورونا وما بعدها امر مختلف ويجب ان يتم التعامل معها على هذا الاساس، ومن هنا على دولنا ان تدرك هذا ايضا وان ميزان القوى بدأ يتغير ، فكيف يا ترى نستطيع الاستفادة من ذلك ؟؟؟