السبت، 27 يونيو 2020

التركيبة السكانية بمدخل علمي

قد تكون التركيبة السكانية من أهم القضايا وأكثرها جدلا في زمن الكورونا ،ورغم ذلك للأسف لم يتطرق أحد للموضوع من زاوية علمية والتي لا تخضع للأهواء او وجهات النظر الشخصية . فكان الاجدر بهيئة القوى العاملة والادارة المركزية للاحصاء ان يتدخلا باسلوب علمي لتوضيح أهمية العمالة في كل قطاع  بناء على الخطط الحالية والمستقبليه ، والعدد المفروض تواجده، وعلاج للاعداد المتزايدة من العمالة الهامشيه.

دول العالم تنظر الى التركيبة السكانية او الديموغرافيا كأساس لاي خطط مستقبلية وليس العكس ، ثم تبتكر الوسائل لايجاد الحلول،
 فمثلا اليابان المعروفة باستخدام الروبوتات والتي لا تنفك من تطويرهذا العلم  ، فلماذا هذا العلم بالذات أبدعت فيه اليابان؟ ولماذا لم نتساءل ماذا سيحل بالبشراذا سيطر الروبوت على اليد العاملة؟ الحقيقة ان اليابان من الدول التي تدرس الديمغرافيا بعناية كبيرة لان اعداد السكان تناقصت بعد الحرب العالمية الثانية نتيجة القنبلة الذرية التي ألقتها امريكا على مدنهم الرئيسية فراحت تدرس وتبحث عن الحلول ووجدت الحل في الروبوتات لتعويض اليد العاملة. وما زالت هذه المشكلة اي الديمغرافيا قائمة وهذه الخريطة الديمغرافية التي توضح ذلك
هذه الخريطة توضح اعداد الاناث باللون الزهري والرجال باللون الازرق والاعمار في الوسط والاعداد في الاسفل، فالمخطط الاستراتيجي الياباني ينظر الى اعمار 69 و45 ويرى فيهم الزياده وهم مواليد 1951 اي بعد الحرب الثانيه ومواليد 1975والتي بعدها يرى التناقص الحاد في عدد السكان الى مواليد العام الواحد يستنتج حينها ان السنوات القادمة ستكون صعبه فتناقص الاعداد يعني تناقص جباية الضرائب في المستقبل وكذلك ضعف اعداد اليد العاملة وأضف الى ذلك ان عمر 35 الى 40 هم من يصرفون على شراء بيوت او جامعات ابنائهم فمساهمتهم بالاقتصاد كبيرة بينما اعمار ال60 الى 80 فهم يدخرون لما تبقى من حياتهم فمساهمتهم في الاقتصاد ضعيفة. التناقص القادم للفئة العمرية 30 الى 50 خلال 10 الى 15 سنة القادمة ستولد هبوطا في الناتج الاجمالي وبالتالي للاقتصاد ككل ، كما ان التناقص في الاعمار من 20 ال30 عما كانت عليه قبل 15 سنة يبين تناقصا في اليد العاملة.

مثال اخر هو المانيا التي ادهشت العالم بتعاطفها وايوائها لللاجئين السوريين وفتحها ابواب الهجرة لهم، متناسين ان الخريطة الديمغرافيه لالمانيا تبدو هكذا
هنا ينظر المخطط الاستراتيجي الالماني بشوق لرؤية الفتية والفتيات السوريون اللاجئون باعمار 9 الى 20 عام، فالتناقص في هذه الاعمار في ألمانيا الان تنذر بخطر حين يكبر الاطفال ذوي عمر ال 9 سنوات، رغم ان الالمان يعلمون ان هؤلاء اللاجئين سيغيرون العادات والتقاليد بدرجة ما الا انهم يعلمون ان لا حل اخر وهم يضعون حلولا توفيقية لذلك ، وقد نجحوا فترى بداية الزيادة من عمر 0 الى 2 سنة وهذا المثال ينطبق على كنداايضا.

اما الكويت فاذا نظرت الى خريطتنا السكانية فترى العجب ( كل مواقع الانترنت تظهر هذه الخريطة)

فلو اعطينا هذه الخريطة لاي باحث استراتيجي سيقول الاتي
1 - لا يوجد تناغم بين عدد الاناث والرجال بالفئة من 20 الى 35 عام مما سيؤثر على الحالة الاجتماعية للبلد 
2- الخريطة تظهر تناقصا من سن 8 سنين فما دون ومن سن 15 الى 22 سنة 
3 - مما يعني ان انكماشا سكانيا قادما خلال السنوات 15 القادمه مما يعني انكماشا في الاقتصاد والناتج الاجمالي

****** هنا تكمن المشكلة فهذه الخريطة تمثل كل سكان الكويت الوافدين والمواطنين*****فأين الخلل؟

1 - هذه الخريطة السكانية معتمده دوليا فكل مستثمريرى ديمغرافيتنا منكمشة او متناقصة، هو امر لا يشجعه على الدخول في سوق الكويت للمدى الطويل
2 - حركة الوافدين غير منضبطة فمتى ما رأى الوافد فرصة افضل في دولة اخرى غادرك او رأى فيك فرصة افضل قدم إليك خلال سنوات قليلة مما يجعل الحساب الاستراتيجي صعبا
3 - التناقص الحاد في الفئات العمرية من 15 الى 21 سنه تنذر بقلة الاستثمار المحلي خلال ال 20 سنة القادمه


اما الخريطة الهرمية لديمغرافيا الكويتين فقط فلن تجدها في اي مكان فقمت برسم خريطة هرمية لديمغرافيا الكويتين استنادا الى ارقام الادارة المركزية للاحصاء

  شكل هرمي رائع متزايد مما ينبىء بتنامي القوى العاملة وتنامي الايراد الضريبي ان وجد وقدرة على بناء اقتصادي جيد جدا وهو شكل ما شاء الله تحلم به الدول التي ذكرت سابقا.
 ومن هنا يجب علينا الاهتمام بديمغرافيا السكانيه واستخدام كلتا الخريطتين لاعطاء صورة صحيحة عن القوى العاملة ومستقبل الاقتصاد والحالة الاجتماعيه.
 وفي النهاية يجب تشذيب خريطة ديمغرافيا الكويت الكاملة تدريجيا لتلحق بالشكل الهرمي لخريطة الكويتيين الديمغرافيه كما يجب اعطاء ادارة الاحصاء مقعدا في التخطيط الاستراتيجي للدولة ،وعلى كل وافد ان يعمل بعقد بحيث يتم تجميع هذه العقود واجالها وتقدم للمخطط لحساب حركة الوافدين بدقة. 


الجمعة، 12 يونيو 2020

إقتصادنا يستغيث ، لكن بمن؟؟؟

دعت اللجنة البرلمانيه المالية والاقتصادية الى حوار ثلاثي بين المجلس والحكومه واصحاب الاعمال الصغيرة والمتوسطه وهي سابقة جيدة نتمنى الا تتوقف على ذلك رغم استياء بعض اصحاب الاعمال كما شاهدتهم في فيديو كليب لعدم اعطاءهم الفرصة للحديث عن المصاعب التي يواجهونها في حين اخذ الرئيس والوزراء راحتهم في الحديث واسهبوا متناسين ان المشاكل التي بحوزة اصحاب الاعمال هي التي تحتاج الى تشريعات وادوات تحفيزية لحلها، ولكن على العموم كانت خطوة في الاتجاه الصحيح.

الغرض من كتابة هذا المقال هو التوضيح مع الامثلة ان غياب وزارة الاقتصاد يجعل الكل يدلي بدلوه من جانب الانقاذ الوقتي وليس النظر الى الصورة الكامله والتي تاخذ الاقتصاديين لحسابات السنين القادمه وبذلك يكون الحل أشمل معتبرين بأن اية خطوة سيئة الان قد تلقي بضلالها علينا في السنوات المقبلة فندخل في انقاذ أخر كنا في غنى عنه، فالاقتصاديين عندما يراقبون الارقام يضعون مجموعة من الخطط ولكل خطة نموذج مبني على الاحتمالات والارقام اخذين بالحسبان وضع الاسواق المحلية والعالمية

المثال الاول: في معرض حديث محافظ البنك المركزي عن الاعمال الصغيرة والمتوسطة قال :" كما نفتقر لبيانات دقيقة عن المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وهذا عيب يجب معالجته"، مبينا أنها "ثغرة في البيانات، إذ تختلف من جهة إلى أخرى، وواجهنا صعوبة فيها" ثم يضيف بعد ذلك:"المشروعات الصغيرة والمتوسطة تساهم بـ 3 في المئة فقط، في حين دول الخليج ودول العالم أعلى منا بكثير، كما أن إنتاجية العامل في المشروعات الصغيرة 2100 دينار، في حين الناتج الإجمالي للفرد في القطاعات الأخرى 8600 دينار، ما يعني أن بقية القطاعات تغطي على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، لأن إنتاجية الفرد فيها متدنية".

فإذا كان المحافظ يفتقرللبيانات من أين أتى بهذه الارقام وان كان اجتهادا فهومجرد اجتهاد ولا يبنى عليه لغياب الارقام !! وأنا هنا لا ألوم الدكتور الهاشل ولكن اطرح هذه الاسئلة ، لماذا نفتقر الى البينات عن الاعمال الصغيره؟ ومن يجب ان يتابعها ويحدثها؟ وما هو علاج التدني في الانتاج ؟ كل هذه الاسئلة لا تصب في مسؤوليات محافظ البنك المركزي رغم انه طرحها.

المثال الثاني :  الوزيرة مريم العقيل صرحت :"حماية للعاملين الكويتيين فقد صدر قرار مجلس الوزراء بمضاعفة دعم العمالة الوطنية في القطاع الخاص، تدفع لرب العمل شريطة الحفاظ على الكويتيين الموجودين لديه.

والسؤال هنا لما المضاعفة؟ لما ليس 1.5 او 1.25 او 2.5 ما هي الدراسة والمفاوضات التي تمت مع القطاع الخاص؟ وما هي الكلفة الاجمالية للمضاعفة؟ وما اثرها على الميزانية؟ وهنا ابضا لا ألوم الوزيرة فحسابات ودراسات الجدوى هي من اختصاص الاقتصاديين

المثال الثالث:تصريح لرئيس الوزراء أثناء لقاءه مع رؤساء تحرير الصحف والذي نشر في الصحف الرسميه بتاريخ 3-6-2020 قال:
"لا بد من اعادة هيكلة الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل"

الواضح هو فقدان الارقام والخطة والفترة الزمنيه أي بعبارة أخرى لم يستفد احد مطلقا من هذا التصريح ولا حتى الحكومة نفسها ناهيك انه لربما بنفس الكلمات تحدث أنس الصالح قبل سنين عندما كان وزيرا للمالية ولم يحدث شيء لان احدا لا يريد تحمل مسؤولية جسيمة كهذه بسبب غياب وزارة للاقتصاد التي يفترض ان تخطط وتتابع وان أخطأت تحاسب كباقي الوزارات.

الحقيقة ان القرارات والخطوات القادمة يجب ان تكون مدروسة وليست تلقائية وهذه أمثلة
1 - سعر النفط قد لا يتجاوز ال 40 دولار مما يعني ان الميزانية ستواجه من 13 الى 14 مليار دينار عجز، وحتى الان لم نسمع خطة الحكومة في كيفية سداد العجز مما يولد ضعف ثقة عند المستثمرين
2 - ما تفضلت به الوزيرة من مضاعفة بدل العماله وكذلك الدعومات للبنوك وغيرها من الانفاقات القسرية هل تم حصره وما هو الحد؟خاصة ان الحكومة يجب عليها ترشيد الانفاق لمكافحة العجزالقادم
3 - عدم التصريح او على الاقل دراسة اطروحات او افكار لمصادر دخل جديده يزيد من الارتياب والشك بخطط الحكومة ويضعف ثقة المستثمرين خاصة ان كل ما يطرح الان هو الانقاذ وليس تدوير عجلة الاقتصاد ومنع رؤوس الاموال من الهجرة.
4 - تسهيل الاقتراض للقطاع الخاص والاعمال الصغيرة قد يدفع الاسعار الى التضخم ، فما هي المعدلات والنسبة المئوية المسموح بها ومن سيراقبها ثم ما هي الاجراءات لكبح جماحها؟
5 - المواطنين عموما تم ايقاف اقساطهم مما يعني انهم ادخروا وان السوق سيتحرك ما ان يبدأ لنقصان مجموعة من السلع الغير غذائية والتي سيقدم المواطنون على شراءها، فهل وضعت الحكومة نسبة الانفاق الاسري المتوقعه في الحساب لانعاش السوق؟؟


كل هذه التساؤلات يجب ان يكون عليها دراسات وارقام احصائية متوقعة، فهل سنرى خطة اقتصادية متكامله؟