الثلاثاء، 27 يونيو 2023

خواطر كويتية...عالميا

 هذه سلسلة من ثلاث مقالات تستعرض ما يدور حول الكويت عالميا واقليميا وداخليا ، نسأل فيه كيف لنا ان نجد لنا دورا بكل ما يحيط بنا خاصة بعد الانكفاء الكويتي الدبلوماسي الذي كانت تشتهر به الكويت بل وحتى الدور العربي البارز الذي كانت تقوده الكويت ، على امل ان نستعيد ذلك الدور المهم على المستوى الرسمي اولا ثم على المستوى الشعبي الذي تقوقع في دائرته المحلية فأصبح لا يرى الا ما يجدث في كواليس مجلس الامة والقرارات التي لا تخرج عن حدود الدولة.أهمية هذا الامر هو ان العالم يتغير ويتحول بسرعة وعدم الفهم والتفاعل مع حقيقة ما يجري يتركنا امام معضلة عندما لا نملك خيارات اذا ما واجهنا المحتوم من الامور السياسية او الاقتصادية او غيرها ونكون غير  مستعدين  لتقبلها رغم ان مؤشرات وقوعها  كانت واضحة لمدة من الزمن الا اننا نأينا بأنفسنا بكل ما يدور حولنا. لذا انا أناشد اصحاب الرأي وكتاب المقالاات والناشطين على وسائل التواصل انه قد حان الوقت للتفاعل أكثر مع الاحداث الخارجية لزيادة الوعي والفهم للاحداث المتسارعة وكيف باستطاعتنا ان نحصن انفسنا بثوابتنا من رياح التغيير السلبية واخذ زمام المبادرة للتقدم وفرض واقع جديد على الخارج الذي لا يرانا شيئا يذكر, 

مقدمة عالميا: اكتملت عناصر الامبراطورية الامريكية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية فأصبحت تملك البحار وطرق التجارة وبفضل احتلالها لالمانيا وسيطرتها المطلقة على غرب اوروبا استطاعت الحصول من تلك الدول على العقول والتكنلوجيا وركزت كل طاقاتها التكنلوجية على السلاح والاقتصاد ، فنما اقتصادها بشكل هائل بفضل هيمنة الدولار الذي كان شرطا اساسيا للتداول به على كل الدول التي باتت تحت سيطرتها. كان الاتحاد السوفيتي هاجسها الوحيد حتى سقوطه في 26 ديسمبر 1991 وبعد ذلك استغرقت امريكا وقتها للقتال في العراق وافغانستان وكلفها ذلك غاليا وما ان استفاقت من مغامراتها الفاشلة حتى رأت في الصين ماردا وعملاقا اقتصاديا يعمل بجد واجتهاد فبدأت من جديد معركتها الاعلامية والاقتصادية ضد الصين هذه المرة ولكن كان الوقت قد فات وبدأت الصين تسجل نموا اقتصاديا كل عام رغم كل الضغوط الامريكية. وفي عام 2014 احتلت روسيا القرم فرأت امريكا في روسيا قوة عسكرية يصعب قهرها فضاعفت العقوبات الاقتصاديةعليها ولكن ذلك لم يمنع الروس من دخول اوكرانيا عام 2022 وحتلال شرقها بالكامل.

لقد انتهت الاحادية القطبية للولايات المتحدة للابد وانتهى معها البترودولار بل وحتى هيمنة الدولار الذي كان يهيمن على 82% من مجمل المعاملات الدوليه عام 1972 حتى بلغ الان 58.8% وهو مرشح للنزول اكثر بسبب التسارع الاقتصادي الصيني والعسكري الروسي الذي يضع اوروبا واقتصادها يوما يعد يوم بين المطرقة والسندان، ولا ننسى مطالبة الكثير من الدول الانضمام لتحالف دول البريكس التي عمادها الصين وروسيا، ومنها ايران والارجنتين والجزائر والسعودية والذي من المنتظر ان يكون لهم عملة خاصة للتداول وهدفهم انهاء هيمنة الدولار والتعاون الاستراتيجي المشترك خاصة ان هذه الدول تملك من الموارد البشرية والمالية ما يجعلها تتفوق على الجميع.

بعد هذه المقدمة ، اين الكويت من هذا كله؟ تصر الحكومة في تعاملاتها الخارجية على عدم الالتفات لهذه الوقائع وتتجاهلها بالكامل وتستمر في وضع الولايات المتحده نصب أعينها عندما تتعامل مع الاخرين ففي الوقت الذي اتجهت فيه كل دول الاقليم لفتح شراكات مع الصين وهنا اقصد شراكة استراتيجيه نرى حكومتنا تجدد الحوار الاستراتيجي مع امريكا ولو دققنا النظر في عناصر هذا الحوار والذي فيه:" التعاون في مجال الدفاع والأمن السيبراني، والتجارة والاستثمار الثنائي، ومكافحة تحديات الصحة وتغير المناخ، وتسهيل السفر، ودعم الشراكات التعليمية والثقافية، وتعزيز حقوق الإنسان، وتمكين المرأة  والشراكة الدفاعية الثنائية الدائمة ودعم الكويت طويل الأمد من خلال استضافة القوات الأمريكية ". لوجدنا كل هذه العناصر هي لصالح جانب واحد فقط وهو امريكا في بنود التعاون الثقافي والتجاري والدفاعي اما بنود حقوق الانسان وتمكين المرأه فتنتظر امريكا من الكويت تطبيق مفاهيمها فقط. هذا ليس حوارا وليست مشاركة انه لا يعدو كونه سحب قدمنا من اتفاقية الصين التي وقعت عام 2014، فأصبحت الكويت أول دولة في منطقة الشرق الأوسط توقع مع الصين على وثيقة التعاون بشأن التشارك في بناء «الحزام والطريق». ويعمل الجانبان على تعزيز مواءمة مبادرة «الحزام والطريق» مع «رؤية الكويت 2035،،،،، فأين أصبحت هذه الشراكة الاستراتيجة ؟

لقد حان الوقت للتطلع لمستقبل الدولة بالشراكة مع الصين في كل جوانب التنمية لانها شراكة حقيقية على عكس الشراكة الوهمية مع الامريكي الذي لا يرى فينا الا موارد مالية وساحة لتطبيق مفاهيمه الفاسدة ونفوذه السياسي والذي بدأ يتلاشى يوما بعد يوم بل حتى قدرته العسكرية اصبحت في المركز الثاني بعد التحالف الصيني الروسي فلا جدوى من هدر المال على القواعد الامريكية ولا جدوى من اقامة حوارات مع الطرف الذي ما زال يرى نفسه قطبا احاديا وسيدا مهيمنا تتقاذفه الافكار الاستعمارية البائده متناسيا بل غير مباليا بوعي الشعوب ومعرفتها لحقيقته الشريرة.

في مقولة شهيرة لهنري كيسنجر:" ان تكون عدوا لامريكا هو امر خطر ولكن ان تكون صديقا لامريكا فذلك أمر مهلك". 

نراكم ان شاء الله في الجزء الثاني خواطر كويتية ....اقليميا