الثلاثاء، 11 أكتوبر 2022

خطة مارشال 2022

 ثلاث مقالات في صحيفة وول ستريت جورنال في يوم واحد وجدتها مثيرة للاهتمام وأردت ان أشارككم بها.

 الاول بعنوان " أمريكا تفرض قيودا جديده على تصدير أشباه الموصلات لاضعاف التفوق العسكري الصيني". وجاء فيه: من الان فصاعدا سيتطلب تصريحا خاصا من وزارة التجارة الامريكيه لتصدير نوعيات معينة من أشباه الموصلات الى الصين والتي تستخدم للحسابات المعقده والذكاء الصناعي ، ويضيف، ان هذه الصناعة ولدت في امريكا ثم انتقلت الى تايوان وكوريا ج فلذلك من الضروري ان نفرض نفس القانون على كل من تايوان وكوريا ج علما ان هذه الدول جل تصديرها هو الى الصين مما سيتسبب بخسائر كبيرة تشبه تلك الخسائر لشركة نيفيديا الامريكيه التي اعلنت ان خسائرها ستبلغ 400 مليون دولارجراء هذه القوانين وكل ذلك من أجل كبح جماح التفوق العسكري الصيني الذي بات واضحا للعيان.

الثاني بعنوان "إرتجال بايدن عن نهاية العالم". في حفل لجمع التبرعات صرح بايدن : فكروا فيها، لم نواجه خطرا لنهاية العالم منذ الازمة الكوبية والان لدينا شخص اعرفه جيدا اسمه بوتين يتكلم عن الاسلحة البيولوجيه والنوويه والكيماويه ، انه لا يمزح، فهي جزء من العقيدة الروسيه اذا كان الوطن الام في خطر فانهم سيستخدمون كل ما في وسعهم بما فيها الاسلحة النووية ونحن مازلنا لا نعرف كيف سينزلق بوتين خارج هذا المسار وأين ومتى !!!!!

الثالث بعنوان " بايدن، فنزويلا وديكتاتوري النفط" جاء فيه : ان جنون ادارة بايدن بملف الطاقة مرعبة للمشاهد فهي كتحطم سيارة وفيها الشعب الامريكي كركاب!! فالولايات المتحده بصدد رفع جزء من العقوبات عن فنزويلا والسماح لشركة شيفرون الامريكية بمعاودة العمل هناك مقابل انفتاح الحكومة الفنزويليه للمعارضة كما عبر أدريان واتسون المتحدث باسم مجلس الامن الوطني. وأضافت الصحيفة: ولكن فنزويلا لن تتنازل مطلقا للمعارضة من التجربة كما ان السعودية خفضت الانتاج وايران لم تعد تلتفت لامريكا وعقوباتها بما يخص الملف النووي!!! فذهبت وزارة العدل لرفع قضية عدم ثقة على دول اوبك+  ولعل ذلك سيزيد من تخفيض اوبك للانتاج مما سيرفع الاسعار اكثر وكل ذلك كان بالامكان تحاشيه لو ان ادارة بايدن لم تشن حربا على الانتاج النفطي المحلي في الولايات المتحده.

الواضح ان ادراة بايدن تسعى لتحقيق المعجزات قبل الانتخابات النصفية فأدخلت نفسها في ملفات معقدة في محاولة للخروج ببعض الغنائم فلم ترى نفسها الا وهي تغوص في الوحل أكثر فأكثر. فما حل بالامريكي ؟ ولما نراه في تخبط وضياع؟ رغم استغراب الصحافه الامريكيه ودهشتها من التصريحات الرئاسيه والقرارات الحكوميه الا ان الحقيقة هي ان الامريكي لم يتغير فهو يتبع نفس النهج الذي سار عليه سنين من نشر للفتن والاستكبار والبلطجه ولكن العالم تغير من حوله حتى أصبح أكثر وعيا وقوة وادراكا للدور الامريكي السيء في العالم. 

ونظرا لكل هذه التطورات لا يجد الامريكي بدا من التصعيد على كافة الملفات للحفاظ على مكانته في العالم رغم ان هذا التصعيد سيؤدي الى المزيد من التدهور في الاقتصاد الاوروبي وعملته اليورو كما أنها ستؤدي الى خسائر فادحة للشركات الامريكيه المعنية بمقاطعة التكنلوجيا للصين، أما تصريحات الرئيس الامريكي بخصوص نهاية العالم تؤثر سلبا على الاقتصاد العالمي ككل .

 الامريكي رغم هذه الاجراءات الصعبة والاوضاع الراهنه واستشارفهم للمستقبل يعلمون تماما ان قطبيتهم تزول مهما حاولوا ويعلمون ان نظامهم العالمي الذي كان متبعا لن يستطيع الاستمرار وان روسيا والصين بصدد ارساء نظام عالمي جديد يختلف تماما عما رسمه الغرب طوال القرنين الماضيين لذا هو يسعى جاهدا ان يعيد عقارب الساعه الى ما يشبه مرحلة ما بعد الحرب العالميه الثانيه حين كانت اوروبا مدمرة واعاد الامريكي بناءها حسب خطة مارشال وفرض عليها قيودا ومنها التسليم بالدور الامريكي في القارة العجوز سياسيا واقتصاديا لان هذا هو كل ما تبقى له في العالم في الوقت الحاضر، لذا نجد الامريكي مهتما بانهاء الاتحاد الاوروبي وهو ما بدأت تظهر ملامحه ليجعله تحت جناحه تماما كما حدث بعد الحرب العالمية الثانية ولكي ترسم هذه المنظومة نظامها العالمي الجديد منافسة الدور الروسي-الصيني.

 فلو بحثت الصحيفة الامريكيه ودققت فيما يحدث في العالم من تطورات بعيدا عن البروبوغاندا الامريكيه  لوجدت ان تلك الدولة الصغيره وهي فنزويلا ورغم المؤامرات الامريكيه والعقوبات المؤلمة عليها الا انها صمدت وأفشلت كل هذه المحاولات كما نجحت كل امريكا اللاتينية في الوقوف بوجه المؤامرات الامريكيه ولا يختلف الوضع في اسيا وافريقيا حيث نرى ان الدول بدأت تتهافت على منظمة شنغهاي وبلغ التنافس أشده بين الدول ليكونوا جزءا من مشروع الحزام والطريق الصيني.

ان حكومات منطقتنا مطالبة ان تحذو حذو دول العالم في التحرر من القبضة الغربيه والهيمنة الامريكيه فنجمهم قد أفل، وما ان تنتهي الحرب الروسيه الاوكرانيه حتى نجد النظام العالمي الجديد للمنتصرين في هذه الحرب امرا واقعا كما يحدث تاريخيا بعد الحروب العالميه وان ننفض تراب الاستعمار والى الابد.