الأربعاء، 16 يونيو 2021

سوريا ووجودها المفصلي

 شواهد نصر فلسطين بعد معركة غزة الاخيرة كثيرة آخرها كانت مسيرة الاعلام في القدس الشريف أمس حيث لم يشترك فيها أكثرمن 5 الاف بعد ان كان يشارك فيها ما لا يقل عن 50 الفا في الأعوام الماضية ، ناهيك عن تغيير مسارها كي لا تدخل الاحياء القديمة بل ان حكومة العدو طلبت من مصر التدخل لنزع  أي فتيل قد يؤدي الى معركة جديدة. ما قام به أهل القدس من مقاومة لهكذا نوع من المسيرات جعل العدو يفكر مئة مرة قبل ان يقدم على فعل أي شيء فاضطر العدو الى تغيير معالم القدس قبل المسيرة لتبدو كثكنة عسكرية مدججة بالشرطة وحرس الحدود في أول تحدي لحكومة العدو الجديدة بقيادة بينيت التي اتخذ كافة الخطوات التي ذكرناها لمنع التصعيد.

هذا النصر بحاجة الى دعم عربي ليستمر زخمه في وقت أعرف ان الكثيرين قد كفروا بالعروبة خاصة بعد موجة التطبيع العام المنصرم وهو نوع جديد من الاستسلام الكلي الذي جعل الضحية هي الجلاد والجلاد هو الضحية ، هذا صحيح ولكن دولا عربية مؤثرة لم تتخذ هذا الطريق كالكويت وسوريا ولبنان والعراق والجزائر واليمن وتونس وهي لا تقبل بهذا النوع من الانصياع. ومن بين هذه الدول تبقى سوريا رغم المآسي التي تتعرض لها كل يوم حاملة لهذه الراية، راية فلسطين والقدس ولن تتراجع عن خط المواجهة وربما لو كان هناك تنسيق بين هذه الدول لاصدار بيان شديد اللهجة تجاه العدو الصهيوني بالإضافة الى الصواريخ التي كانت تمطرها غزة على الكيان لما استمرت المعركة 11 يوما او على الأقل لفكر العدو مليا قبل القصف العنيف للابراج السكنية ولكان المقاومون شعروا بوقوف العرب الى جانبهم مما يكون له عظيم الأثر على معنوياتهم.

اذن هناك حاجة استراتيجية ماسة لعودة سوريا الى الريادة العربية، فلو استعرضنا الظروف الراهنة لوجدنا الاتي باختصار:

- من جانب العدو فهو مستمر بتنفيذ صفقة القرن باستقطاع أراض جديدة في الضفة، وتهويد القدس عن طريق تهجير الفلسطينيين  وما حي سلوان وحي الشيخ جراح الا مثاليين حيين لهذه السياسة الخبيثة والاستمرار بحصار غزة جوا وبحرا وارضا وممارسة العنصرية والاستفزاز بشكل جلي ضد الفلسطينين حتى من هم في الأرض المحتلة عام 1948 ناهيك عن الاعتقالات المكثفة والاهم هو الانتهاكات المستمرة للمسجد الأقصى المبارك.

- من الجانب الفلسطيني فقد شهدت المعركة الأخيرة توحدا رائعا بين غزة والضفة والقدس والداخل الفلسطيني غير مسبوق كما شهدت على التفوق الصاروخي لقوى المقاومة العسكرية كما شهدت المقاومة المدنية مواجهات بطولية أذهلت العدو حتى بات الارتباك سمتهم أثناء المعركة فهم اتخذوا قرارا بالقمع ثم تراجعوا ثم وضعوا الحواجز ثم أزالوها، وهكذا جر الوضع على حكومة العدو التي أصبحت تجتمع في الملاجىء خوفا من الصواريخ وفي غضون ذلك لم يجرؤا على اجتياح غزة بريا حتى جاء اليوم الذي سقطت فيه تلك الحكومة بقيادة نتنياهو والتي قادها ل 12 عام

- من الجانب الدولي شهدنا تلك المسيرات الكبيرة في عواصم أوروبا وامريكا وابرزها تلك التي كانت في ولاية ميتشيغان والتي بلغ تعدادها 220 الف متظاهر ينددون بممارسات العدو ويدعمون الموقف الفلسطيني. ولم تكن المواقف الرسمية ببعيدة عن ذلك فالجميع طالب الكيان بالتوقف عن القصف وبالذات الولايات المتحده التي اضطرت أخيرا بعد 60 مكالمة بين المسؤولين الامريكان والصهاينة باستدعاء بني غانتس للاملاء عليه اوامرا تقضي بوقف المعركة دون شرط او قيد والتنسيق مع الجانب المصري لاتمام وقف اطلاق النار.

- أما من الجانب العربي فقد كان استنكارا وإدانة وهو ليس بالامر الجديد ولكن الجديد انه لم يكن باجماع الدول العربية ، وهذا كل شيء !!!

لا يمكن للدول العربية المذكورة سالفا التي لم تقبل بالتطبيع بأي شكل من أشكاله المختلفة ان تكمل سكوتها وصمتها في ظل هذه الظروف الناضجة لقلب الطاولة على رأس المحتل الصهيوني بل حان وقت وضع استراتيجية موحدة للتعاون والتنسيق مبدئيا لأجل

- صنع جبهة دبلوماسية تدافع عن حقوق الفلسطينين ووضعهم المزري في وطنهم المحتل امام العالم والمنظمات الدولية بشكل جماعي وموحد

- تعزيز القدرات العسكرية والاقتصادية لسوريا لانها على خط النار ولوقف أي تمادي صهيوني بالاعتداء عليها

- وقف شبح التطبيع والعمل على تحصين هذه الدول من الضغوط الغربية والعربية ولكن بعمل جماعي

- إحياء الروح العربية بعد موتها نتيجة المؤامرات المتكرره 

هذه الديباجة تضع سوريا في المقدمة والمواجهة لذا لا بد من مساندة هذه الدول لها داخليا اولا وبشكل أساس لانهاء الوجود الامريكي والتركي وفصائلهما وتوحيد الأرض السورية بالدبلوماسية والجهد الجماعي العربي المستقل، فالامريكان بدأ ينفذ صبرهم واهتمامهم بمواصلة وجودهم كمحتلين على أرض سوريا ولا أبلغ من ضياع بايدن في تصريحه الأخير بعد اجتماع الناتو بين سوريا وليبيا الامر الذي فسر انه يبين ضعف الاهتمام الامريكي باستكمال الوجود على الأرض السورية وأخيرا بيان الناتو وهو وضع سوريا تحت المراقبة يشير إلى قبول الوضع كما هو عليه دون أية محاولة للاقتراب للحل، بل وأكثر من ذلك انهم لا يستطيعون ان يفعلوا ما يزيد على ما فعلوه في العشرة سنوات الماضية.