الأربعاء، 2 فبراير 2022

الصيني للأمريكي "نحن وروسيا اما نقف سويا أونسقط سويا"

 كثر الحديث في الاعلام عن العقوبات الغربية تجاه روسيا في حالة اجتياحها لاوكرانيا ولعل أفضل ما كتب هوتحليل لصحيفة الفاينانشل تايمز البريطانية تحت عنوان " كيف سيعاقب الغرب روسيا اذا اجتاحت اوكرانيا" وتحدثت عن 4 اتجاهات مختلفة قد يتبعها الغرب:

1 - اطلاق عقوبات على المقربين من بوتين وأصحاب المال والنفوذ وهم نخبة الاقتصاد الروسي عن طريق تجميد ودائعهم في الغرب وبالخصوص بريطانيا وأمريكا وهذا ما صرح به عضو بارز في ادارة بايدن زأن هناك تنسيقا مع البريطانيين على أعلى مستوى، ويذكر ان بريطانيا بصدد اصدار تشريع بهذا الخصوص الاثنين القادم.

2 - البنوك: العمل على إخراج روسيا من النظام المالي العالمي وهو ما يبحثه الامريكيين مع الاوروبيين حول اخراج روسيا من نظام "سويفت" وهي شبكة دفع الاموال العالمية مما سيعقد عمل البنوك الروسية ولكن في هذا الأمر لم يحصل الامريكان على موافقة أوروبية كاملة لأنه سيعقد الأمور على الكثير من الدول ولكنهم أي الاوروبيين لا يمانعون من استخدام هذه الورقة في وقت لاحق بحيث تكون الورقة الاخيرة على ان يتم تطبيق قبله قانون منع الروس سحب الاموال من صندوق النقد الدولي.

3 - التكنلوجيا: ناقش الامريكان الاوروبيين بفرض عقوبات صارمة على صادرات تكنلوجيا الغرب وذلك لإلحاق أكبر ضرر ممكن على الصناعة الروسية وقدرتها على الابتكار . وعلقت شخصية بارزة في ادارة بايدن اننا نعني التكنلوجيا المتطورة التي صممناها وأنتجناها والتي يحتاجها بوتين لطموحه الاستراتيجي.

4 - الطاقة: علما ان الاوربيون يعتمدون على الروس بمقدار 40% من اجمالي طاقتهم المستهلكة الا أن الروس يعتمدون يعتمدون بشكل كبير على مبيعات المحروقات وهنا سئل الامريكان عن كيفية تحقيق ذلك فكانت الاجابة بتعطيل خط السيل الشمالي 2 للغاز الروسي الذي يصل لالمانيا الا ان الامريكان مازالوا يبحثون عن بدائل لانهم يعلمون ان هذا الامر سيؤذي ألمانيا كما ان بروكسل متحفظة على ذلك لان ذلك سيؤدي الى انهيار سوق الغاز في اوروبا وستكون تداعياته وخيمة.

  الحقيقة أن الروس أعلنوا أكثر من مرة انهم لن يهاجموا اوكرانيا ولا نية لهم لذلك، بل ان الرئيس الاوكراني زيلينسكي قد أبلغ الاوروبين والامريكان بعدم التهويل وأن القضية عادية فهو يعلم تماما ان استمرار الاستفزاز الغربي لروسيا سيجعله أمام فوهة المدفع الروسي وهو أمرلا يريده وقد تقدم بطلب للروس بسحب قواتهم والبدء بالمفاوضات، فإذا كان الامر هكذا فلما يصر الغرب على ذلك؟ وهل ستبقى الصين صامته؟ وهل العقوبات التي صاغتها أو لخصتها الفينانشل تايمز واقعية؟

منذ تولي بايدن لمقاليد الرئاسة وهو يسعى بشدة لانزال أشد العقوبات بروسيا فالديمقراطيون منذ زمن وهم يصرحون انهم معنيين بإيقاف طموحات بوتين الاستراتيجية وسعوا بجميع محركاتهم الاعلامية لاظهاربوتين بصورة سيئة وعلل بعض المحللين سبب تنامي النقمة تجاه روسيا الان هو بسبب انتخابات الكونغرس النصفيه وهي من الاسباب الرئيسية والمهمة  في السياسة الامريكية حيث تهاوت شعبية بايدن في استطلاع للرأي يوم 26 يناير الماضي الى 45% وهو أمر يحتاج معه ان يقوم بعمل ما لتحسين وضعه قبل الانتخابات ، وآخرون يقولون ان تحسين روسيا لعلاقاتها مع اوروبا الشرقية يعني تفوقا روسيا استراتيجيا وهو من طموجات بوتين، فبولندا مثلا التي كان يعول عليها الامريكان كثيرا اتخذت موقفا مقاربا للموقف الروسي في الازمة الاوكرانية نتيجة ذلك. ولكن بغض النظرعن الاسباب وصحتها فكل ذلك لا يعني شيئا اذا تحركت بكين بثقلها لمؤازرة موسكو، ولمعرفة طبيعة الموقف الصيني ربما لن يكون أبلغ من معرفة ما جرى في المكالمة بين انتوني بلينكن وزير الخارجية الامريكي ونظيره الصيني وانغ يي في 27 يناير الماضي والذي وزعته الصين كتقرير للمكالمة على كل سفاراتها في العالم ليبلغوا حكومات العالم بموقف الصين.

بدأ بلينكن بالحديث بقوله "اننا نريد الصينيين أن يعلموا ان عقوبات شديدة ستطال روسيا اذا اجتاحت اوكرانيا وان الصين ستتأثر اقتصاديا وبقوة اذا حدث ذلك"، (الواضح ان بلينكن يعلم ان الصين تعلم هذا مسبقا ولكنه أراد استطلاع الرأي الصيني وان يستكشف ان كان هناك شرخا في علاقتها بروسيا ليستطيع استغلاله). فجاء الرد الصيني صاخبا " أذكرك بالمكالمة الافتراضية التي تمت بين الرئيسين الصيني والامريكي في نوفمبر الماضي وفيها اتفق الطرفان على امور 3 وهي الاحترام النتبادل والتعايش السلمي والتعاون كي نصل الى صيغة رابح رابح للطرفين، ولكن ما يراه العالم هو تبدل في الالتزام الامريكي فبايدن لم يلتزم بالاتفاق ونحن نسمع التصريحات العدائية التي تخرج من واشنطن وهي لا تبحث عن التعايش السلمي فكلما ازددتم عدائا يزداد الشعب الصيني توحدا والصين قوة فابتعدوا عن التدخل في شؤون الصين وتايوان والالعاب الشتوية ، هنا تدخل بلينكن ليؤكد التزام بايدن وذكره بالموضوع الروسي فرد عليه " عليكم بالعودة الى اتفاقية مينسك 2 (2015 بين روسيا واوكرانيا والمانيا وفرنسا ومن أهم بنوده ان تقوم اوكرانيا باصلاحات دستورية تنتهي بنهاية العام تعطي فيها صلاحيات دستورية اكبرلاقليم دونيتسك ولوهانسك) والى وقف التصريحات الاعلامية المستفزة وتكتيكات الحرب الباردة وأن تأخذوا المخاوف المشروعة الامنية الروسية بجدية بإيقاف توسع الكيان العسكري(الناتو) شرقا لان هذه هي مشكلة اوروبا الكبرى، وهكذا انتهت المكالمة.

 يعطينا رئيس تحرير غلوبال تايمز الصينية الرسمية تفسيرا للمكالمة في مقاله "اذا استفزالامريكان الصين أو روسيا فرد الاخر لن يكون مختلفا" قال فيه " ان الغطرسة الامريكية تضغط على الصين وروسيا ولكن على الروس بشكل أشد فلن يجد الروس أنفسهم وحيدين بل سيجدون الصين وشعبها بجوارهم لأننا نعلم تماما إذا سقطت روسيا فذلك سيضرنا كثيرا فنحن والروس لسنا حلفاء بل أكثر من ذلك بكثير.   

يتضح من هذا السرد ان العقوبات التي سيشنها الامريكان ولو بشكل جزئي الان وبشكل كلي بعد الاجتياح الذي تصرأمريكا أنه سيحدث، سيحتاج فيه الى اجماع أوروبي وهو أمر غير متوفر الان خاصة بما يتعلق بالطاقة حيث حاول الامريكان ان يدفعوا قطر لالغاء جزء من عقودها لاجل تعويض اوروبا بالغاز الروسي فأجاب القطريون بدبلوماسية أنهم لا يستطيعون ذلك فهنا معضلة كبرى، وأما النقاط الاخرى فاذا وقفت الصين بجوار روسيا بهذه الطريقة فلن تجدي هذه العقوبات نفعا بل ان الاوروبيين سيكونون اكبر المتضررين ولن تستطيع امريكا تعويضهم بل ان الشعب الامريكي ستسمر معاناته مع التضخم الكبير وان اسعار المحروقات ستتضاعف مما سيضعف شعبية بايدن أكثر وأكثر. 



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق