الجمعة، 25 أغسطس 2023

أصبحنا بلدا بلا طموح !!!

 قد يكون العنوان قاسيا نوعا ما ولكن من ينظر الى ماضي الكويت ونهضتها لا يملك الا الموافقة على العنوان المطروح فكويت الماضي كانت نموذجا للدولة الناجحة التي تسعى الكثير من الدول في المنطقة لتقليد نجاحها وبعبارة أخرى كان طموح العديد من الدول أن تصل الى ما وصلت اليه الكويت من نهضة. فما هو االطموح ، ولما هو أمر مهم؟ ولماذا انحرفت بوصلتنا؟

يعرف الطموح على انه الرغبة الشديدة لتحقيق انجاز او تميز وهي على المستوى الفردي عادة ما تكون رغبة جامحة لتحقيق النجاح بل والتفوق او الثراء او النفوذ، فهو أمر متأصل في الانسان حيث يسعى دوما لتحسين صورته امام الاخرين، وكل هذا من الجانب المادي والامر ذاته ينطبق على الجانب الروحي حيث يطمح الانسان ان يكون من افضل البشر نصيبا عند الله تعالى وهو ما يسمى بالسعي الى الكمال .

ما يميز الطموح انه محصور بهدف او أهداف ويقوم الانسان بالسعي له بطرق مختلفة وهذه الطرق وان كانت مختلفه الا انها تتشارك بعناوين رئيسية وهي زيادة 1- المعرفة 2 - والصبر 3 - والمهارات، فلا يمكن التقدم نحو هدف الطموح دون الزيادة في المعرفة لانها تساعد الانسان في اتخاذ القرارات بشكل اصوب وتعزز الثقة بالنفس وتفتح افاق الابداع ، اما الصبر فلولاه لسقطنا وتراجعنا من اول كبوة ولفقدنا طموحنا وهو السعي الى الهدف، اما المهارات التي نكتسبها اثناء السعي للهدف بسسب الخبرة وزيادة المعرفة فتتعاظم خبارتنا لنستطيع في النهاية تجاوز العقبات والوصول للهدف من طرق مختصرة واقصر بكثير.

4 أمور سقطنا فيها في الكويت حتى انعدم طموحنا وهي بشكل عام اعداء الطموح:

1 - الجمود وهو عكس الطموح تماما فالعالم أصبح فيه البقاء للاقوى وللاصلح وللذي يضع خططا حسب امكاناته ويسير عليها ولا يتوقف، ويحاول التطور دوما ويواكب مجريات العالم ولا يدور في حلقة مفرغة يضيع فيها الوقت والجهد. فالعالم الان بمجرد ان تصاب بالجمود استبدلك فورا وقدم الطموح والقوي الذي يستطيع ان يغطي عجزك فيفرد له مساحة بالمشاركة معه في كل صنوف العلم والتكنلوجيا والتقدم بشكل عام.

2 - الانانية المفرطة وهي الوصول الى الهدف ولو على ظهور الاخرين ولو سرق منهم افكارهم ولو كانت اهدافها شريرة انها التمهيد للنفس من خلال إيذاء الاخرين وهؤلاء الاشخاص عندما يمكنون من مبتغاهم لن تهمهم بيئتهم ولن يهمهم الكفاءات بل قد يقصيهم ليظهر نفسه.

3 - الرغبات الفردية وهي امور قصيرة المدى ومادية بحتة تجعل من العمل الجماعي اضحوكة ومن الاهداف السامية نكتة ، هؤلاء اذا اصبحوا في مناصب قيادية وهم كثر يسعون لرغباتهم وان تعارضت مع الاهداف العامة النبيلة .

4 - عدم استغلال الكفاءات وعدم الحرص على تأهيل القيادات بصورة جيدة لتصبح الواسطة هي المؤهل للوظيفة والنسب والانتماء السياسي هي الطريق للصعود الى المناصب العليا . 

جاء سقوطنا هذا بعد ان كانت الكويت في اعلى درجات الطموح فكانت تضم كل المبادىء والقيم في طياتها فقد كانت ترى ان مساعدة الاخرين بما حباها الله تعالى جزءا من شخصيتها وكينونتها، كانت ترى ان كل فرد مهم للوصول الى الاهداف العامة والخاصة ايضا فكانت تقدم كل سبل المعرفة والتوعية والتعليم الفاخر، كانت تبحث عن الابداعات في شتى المجالات وتقدم كل العون لكي ينمو ويستمر. كانت الكويت تنظر لاشقاءها بعين الاهتمام لذا كانت رائدة في التوفيق بين العرب فهو جزء أصيل من كينونتها، كانت بلد الحريات والصحف المرموقة صاحبة السقوف العالية في حرية التعبير والنقد البناء، كانت بلد الثقافة حيث تبنت مجلات المعرفة والثقافة وكانت تغدق عليها لرفع المستوى الثقافي للمواطن. فأين ذهب كل هذا ؟ وعلى أية صخرة تحطمت طموحاتنا ؟؟؟؟

الاغلب الاعم يحمل حربي الخليج هذا العبء حتى أصبحت هاتين الحربين شماعة تحمل اكثر مما تحتمل لانه أمر يسير ان تلوم الحروب فمعها يتعاطف الناس فورا عند سماعهم ذلك. ولكني اقول ان هذا محض هراء ومن غير الصحيح ان نعلق فشلنا على هذه الشماعة ، فما علاقة جودة التعليم والتخطيط الصحيح ونشر الثقافة وحرية الصحافة وغيرهم بهذه الحربين فهذا امر مرفوض عقلا وواقعا والحقيقة ان الحكومات المتلاحقة لم تكن تأبه باعادة الكويت لمبادئها الاصيلة ولم تكن جزءا من نظرياتها بل تركت امور البلد على البركة ليس الا.

اننا بحاجة لانتفاضة تصحيحية توقف المسيرة الحالية لنبدأ مسيرة جديدة تدريجيا بخطط مجكمة وواقعية نحو طموح الدولة مانعة كل العراقيل الداخلية والاملاءات الخارجية فننمو بالتعليم والثقافة ونستعيد دبلوماسيتنا وريادتنا ومبادءنا في الوقوف مع اشقاءنا في محنهم وخاصة اخواننا في فلسطين لنصدح كما كنا في كل المحافل لنصرة المظلوم. كما آن لنا ان تستعيد الدولة هيبتها لتخرس كل الاصوات المنحرفة التي تريد ان تشطح بنا الى شواطىء الابتذال والتأمرك وقيم الغرب القذرة، ولنخفف من قيود المرئي والمسموع لنسمع صوت الحقيقة من جديد فمن غير سماع الحقيقة لا تستطيع ان تبني خطواتك المقبلة ولا يمكن ان تفتح مراكز دراسات مستقبليه تبني على حاضر مغلوط ومقيد بخطوط حمر وهمية لتخرج بنتائج وهمية ومغلوطة لا نستشرف المستقبل بشكل دقيق. 

وفي الختام أقول ان الطموح هو أمل يحفز الانسان للمضي الى الامام فنحن نملك الشباب القادر لذا يجب ان نستعيده من اليأس والاحباط وان نضع الهدف امامه ونمهد له كل السبل كي يوظف طاقاته من اجل الوطن والمجتمع.   

 

السبت، 19 أغسطس 2023

إتباع الحق ومقاومة الباطل

 مصادر التاريخ تخبرنا عن الصراع الابدي بين الخير والشر كما ان الكتب السماوية كلها تعرض هذا الصراع الانساني على مدى الدهر، ولو ركزنا على المصحف الشريف تحديدا لوجدنا مجموعة كبيرة من القصص التي تسرد هذا الصراع بدأ من آدم عليه السلام وكل هذا العرض والسرد القرآني لهدف وهو استخلاص العبر والمواعظ والتعرف على السنن الالهية في الكون. وفي معظم هذه الايات الشريفة ينهيها الله عز وجل بقوله " عبرة لاولي الالباب" ، "وذكرى لاولي الالباب" ، "وما يذكر الا أولي الالباب" وهنا نلاحظ بما لا يقبل الشك ان من يتعض ومن يذكر هم "أولي الالباب" اي هناك تقييد بهم وتحديدا بهم ، فمن هم أولوا الالباب؟ يقول الله سبحانه وتعالى في سورة الزمر اية 17--18 " وَ الّذِينَ اجْتَنَبُوا الطغُوت أَن يَعْبُدُوهَا وَ أَنَابُوا إِلى اللّهِ لهَُمُ الْبُشرَى فَبَشرْ عِبَادِ (17) الّذِينَ يَستَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتّبِعُونَ أَحْسنَهُ أُولَئك الّذِينَ هَدَاهُمُ اللّهُ وَ أُولَئك هُمْ أُولُوا الأَلْبَبِ (18) فهم من اجتنب الطاغون واستمع القول اي سمعه بتعقل وفهم فاتبع احسن ذلك القول اي اذا كان هناك قولان حسنان اتبع الاحسن واذا كان هناك قول سيء وآخرحسن اتبع الحسن، بمعنى آخر يجب علينا اذا اردنا ان نكون من أولي الالباب ان نتعظ من سيرة السابقين ونتذكر ما جرى عليهم وان لا نقبل الامور على عوانيها ولكن يتطلب منا تفكرا وتعمقا باستماع الاقوال لاتباع احسنها.

هذا المقال لا يتناول المؤمن المرتبط بالقرآن الكريم والتعاليم الالهية ولا بالكافر المنافق الذي لا يرتبط بالكتب والتعاليم السماوية وإنما للاشخاص الذين يعانون من صراع في داخلهم بين الخير والشر وبالنتيجة ما يخرج من فمه وما يسعى اليه بالعمل. هكذا أشخاص يعيشون معاناة بين كيف يرضون الله تعالى في خضم سيطرة للنفس على كلامهم وفعلهم لتختلط عليهم الامور فلا يتبعون أحسن القول أحيانا.

لهؤلاء الاشخاص عليهم التفكر قبل القيام بالعمل او النطق بالكلمات بدوافع هذه الافكار وهذا أمر مهم لان كل عمل وكل كلمة لها نتيجة خيرا كانت أم شرا ولكل عمل او قول حساب إما أجرا وإما إثما ، فهذه الدوافع هي التي تحدد من هم أولوا الالباب فان كانت هذه الدوافع نابعة من النفس وجب علينا الحذر فالنفس أمارة بالسوء واما الدوافع النقية والطاهرة فهدفها ارضاء الله تعالى. هذا العمق في التفكر لاختيار الاصلح والاحسن يتطلب من الانسان ان يكون قادرا على المقاومة  أي مقاومة النفس والمغريات والصورالتي  صار المجتمع يعتبرها أمرا عاديا ومقبولا، فقوى الشر والظلام أصبحت أقوى من أي وقت مضى لذا يلزمنا جميعا أن نحصن أنفسنا وأهلينا منها.

المقاومة اذا ما عرفناها بكلمتين كي يسهل حفظها هي " عدم الاستسلام " فالاستسلام أمر يسير لا يتطلب جهدا لانه الانبطاح لقوى الشر والظلام مهما صغر فمعظم النار من مستصغر الشرر فعندما يتقبل الانسان الصغائر تصبح جزءا من وجدانه ليبنى عليها شخصيته وردود أفعاله لتصبح قاعدة ينطلق منها لاعمال وأفعال أكبر دون ملاحظته ان الانحراف قد وقع منذ الخطوة الاولى وكلما علا المبنى يصعب ازالته والبناء من جديد. فالمستسلم للشر لا يمكن بأي شكل ان يكون من ذوي الالباب فهو لم يفكر بأثر هذا العمل ولم يتذكر ان قوما سبقوه قاموا بنفس الفعل وزلت أقدامهم عن جادة الحق.

مقاومة الشر في المقابل تتطلب جهدا كبيرا فهي مبدأ الصراع مع الظلمة وهذا الجهد الذهني سيخرج بفكرة ولكي يطبقها سيواجه الانسان مصاعب كثيرة وسيتطلب منه تضحية لان الشر لن يتركه يطبق تلك الافكار. ولكن كلما كانت مقاومة الانسان أكبر استطاع ان يواجه هذه المراحل حتى تمام انجاز المهمة بعدها يستطيع ان يخرج منها بسعادة وهذا أمر مهم فالسعادة التي ينالها المقاوم لن تزول او تضمحل بينما سعادة المستسلم لحظية ووقتية تضمحل وتزول خلال ساعات او أيام كي يعود لانحرافه مرة أخرى.

 اطلاق لفظ المقاومة لغة لا يصح الا عندما تكون هذه القوة عكس التيار العام وعكس ما هو سائد اي هي ردة فعل لفعل باطل بحكم ان الشر والباطل هو السائد . فلا يصح ان يأتي هذا اللفظ الا عندما تكون ضد الشر والفساد ومع الخيروالاصلاح، فلا يجوز عقلا استخدام هذا اللفظ مثلا كمقاومة الحق!!! لذا تشن عليها قوى الشر والظلام حروبا ومعارك وقصدها واحد وهي ازالة هذه المقاومة تماما فوجود بذرة صغيرة من المقاومة تستطيع ان توقف نهرا من الشر.

في الختام لكي نكون من ذوي الالباب يجب ان نتفحص الاحداث وان لا نسير معها  كما يقول المثل حشر مع الناس عيد فهذا غير صحيح ويجب ان ان نعلم من الاحداث حقيقة الامر ومن هو الظالم ومن هو المظلوم ومن هو على حق ومن هو على باطل وان نتخذ قرارا بأن ننصر المظلوم والا نقف مع الظالم مهما كانت التضحيات لقوله تعالى " وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ " فمتى ما ركنت للظالم لن تنصر أبدا وهذا وعد الهي ومتى ما ركنت لله تعالى وكنت ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه فانت منتصر لا محاله. فليراجع الانسان نفسه دوما ويحاسبها كما بينا في الايات السابقة والا ينطق ويعمل بما يرضي قوى الشر والظلام من أجل هوى النفس وان ينصر المظلوم وصاحب الحق مهما بلغت التضحيات.


السبت، 8 يوليو 2023

خواطر كويتية.... أقليميا

 هذا الجزء الثاني من خواطر كويتية والذي فيه أكرر أهمية تفاعل وسائل التواصل مع الاحداث هذه المرة اقليميا لما لها من أثر محتوم على الكويت في ظل غياب واضح لاي تفاعل حكومي لما يجري في المنطقة فهي تفضل الصمت لذا أصبح من المهم أن يتم نقاش الاحداث الاقليمية في وسائل التواصل وأن نبدأ فعليا باقامة مراكز للدراسات الاستراتيجية والاقليمية تعنى بالبحث والتحليل لمنع الشبهات والاعلام المغرض والمعادي. ولنضرب مثال على ذلك وليس أبلغ مثال من الربيع العربي الذي اندلع في تونس ديسمبر 2010 وانتقل الى مصر في يناير 2011 ثم ليبيا في فبراير وكنا طوال هذا الوقت ننظر دون سؤال أنفسنا ، هل سيصيبنا هذا الداء ؟ لم يأخذ الوقت طويلا حتى وجدت الكويت نفسها مصابة بهذا الداء عام 2011-2012 ولن أتطرق في هذا المقال لمن دعم تظاهرات كرامة وطن وصبغتها بشعار القبضة ، ولكن ما أريد قوله ان الكويت كانت مستهدفة ومشمولة بخطط التغيير ولكن لطف الله تعالى وحكمة القيادة انذاك منع عن الكويت ما هو خطر جدا. لذا فمن المهم ان نعرف ونحلل ونتخذ الاحتياطات لمنع حدوث هكذا امر مجددا. لقد ترك الربيع العربي جرحا غائرا تعاني منه بعض الدول حتى الان فهذا الربيع كان مخططا له ان يعيد رسم حدود الدول واعادة رسم توازن القوى بدعم أمريكي - غربي قوي وهو ما يصرح الامريكي دوما دون خجل وهو الشرق الاوسط الجديد، وهنا نستطلع ابرز ما حدث بالاقليم ومدى تفاعل الكويت معه.

الازمة السورية : مهوسة بأحلامها العثمانية استمرت تركيا بتجهيز ونقل المقاتلين المدعومين من كل أصقاع الارض الى سوريا ولم يكن يهم تركيا توجهات هذه المجموعات طالما انها ستحقق أهدافها في السيطرة على سوريا طالما الدعم المادي بالترليونات لم يتوقف. توسعت تلك المجموعات المسلحة في عملياتها واستولت على الكثير من الاراضي السورية والحقيقة انه لولا تركيا لما تمكن احد من دخول سوريا خلسة مع التدريب والنقل. الدعم  المالي الامريكي والخليجي لم يتوقف طوال تلك السنين رغم انتهاج هذه المجموعات لاساليب ارهابية ومقززه. ثم جاء عام 2013 والذي معه حصل انقلاب في المسيرة العسكرية حين هزم المسلحين هزيمة قاسية في القصير القريبة من الحدود اللبنانية ، هذه المعركة كانت فاصلة في التوقيت ففي تلك المرحلة كان حتى العدو الصهيوني موجودا وله فرق دعم للمسلحين الذين تحصنوا بشكل جيد ولكن ذلك لم يمنع هزيمتهم فلنا ان نتخيل شراسة المعارك ولكن اصرار الجيش السوري وحلفاءه بطرد المسلحين من المدينة اتى بنتائج باهرة. تبع هذا حدث هام عام 2015 عندما تدخل الروسي بالته العسكرية المعروفة وبدأت معاقل المسلحين تتهاوى الواحدة تلو الاخرى.

اليوم انتصرت سوريا وما دعوتها لاجتماعات الجامعة العربية في الرياض الا توثيق لهذا النصر وعودة تطبيع العلاقات مع معظم الدول العربية. لم تتفاعل حكومتنا مع  الحدث بل لم نسمع لها صوتا وهذا معناه انها لا تملك خطة واضحة ليكون لها دورا بارزا في تطبيع العلاقات والمساهمة باعادة اعمار سوريا . هذا قصور غير مسبوق في الدبلوماسية الكويتية التي كانت دوما سباقة لجمع الشمل العربي وذات الامر ينطبق على وسائل التواصل التي لم أرى لها دورا فاعلا في نقاش وتحليل الوضع الجديد ومستقبل سوريا.

فلسطين البوصلة: منذ أن تم التوقيع الاتفاقية الابراهيمية المشؤومة في 13-8-2020 حتى بدأنا نرى تطبيعا مع العدو الصهيوني بنكهة جديدة تختلف كليا عن اتفاقيات السلام مع كل من مصر والاردن فالاتفاقية الابراهيمية أخذت بعدا سياسيا وتجاريا واقتصاديا بل وحتى ثقافيا ودينيا ورغم هذه المصيبة الا اننا لم نرى تفاعلا حكوميا وشعبيا ضد هذه الاتفاقية بل وحتى بخجل شجبها وربما يعود ذلك لعدم الرغبة في التدخل في الشؤون الداخلية لبعض دول مجلس التعاون ولكن في الحقيقة ان تلك الدول تدخلت بالشؤون الداخلية لكل الدول العربية التي لها تحفظات كبيرة على العلاقة مع الكيان ورسمت مسارا يعارض الاجماع العربي. ورغم اننا في الكويت ما زال موقفنا ثابتا ضد الاحتلال والتطبيع الا اننا ما زلنا نردد شعارا ميتا وهي المبادرة العربية لان كلمات السلام والعدل غير موجودة في قاموس الكيان الصهيوني وان شعار السلام الشامل والعادل هو امر لن يقبله الصهاينه مهما بلغ الامر. ان من يؤمن بالمبادرة العربية لا يعرف سبب قيام هذا الكيان ومشروعه فما دامت هذه الغدة السرطانية موجودة في منطقتنا فلن ننعم لا بالهدوء ولا بالسلام فهي اداة استعمارية بامتياز وتمثل اهداف الغرب فلا علاج لهذة الغدة الا الاستئصال.

إيران : على مدى سنوات تمكنت مجموعة من القنوات الفضائية من رسم مجموعة من الصور لاظهار ايران بصورة العدو بدل كيان العدو الصهيوني ونجحت بذلك نجاحا باهرا.الخلل كان يكمن بعدم وجود وسائل اعلامية تحلل وتناقش، وغياب مراكز دراسات استراتيجية، وتبني وسائل التواصل للاخبار التي كانت تبثها تلك القنوات دون التأكد من مصداقية تلك الاخبار وتم أخذ تلك الاخبار كمسلمات. خلال هذا الوقت تمكنت ايران من ان تكون جزءا من منظمة شنغهاي الاستراتيجية ووقعت عقدين استراتيجين مع كل من  الصين الشعبيه وروسيا الاتحادية واصبحت جزءا مهما من طريق الحريرفادخلت الكثير من الصناعات حتى باتت تصنع كل ما تحتاج تقريبا. ان موقع الجارة ايران اصبح موقعا جيوسياسيا مهما لا نستطيع تغافله والواجب ان نتباحث فيه في نقاشاتنا وكيفية التعامل معه بل والاستفادة منه وان نبحث لانفسنا موقعا في هذا الوضع الجديد يضمن لاجيالنا القادمة نموا اقتصاديا يبتعد قليلا فقليلا عن النفط.

في الختام قد يختلف القارىء الكريم مع أغلب ما كتبت وهذا لب الموضوع فالاختلاف لا يفسد للود قضية ، وأود جدا سماع وجهة نظرك لان النقاش فيه تبادل للمعلومات وبحثا معمقا لصحة الخبر او صحة الاستنتاج ، فاذن التفاعل مع الاحداث ودراستها وتحليلها هو لصالح الكويت بل ان نتيجة النقاش قد ترسم خطط مستقبلية للدولة.  ان النقاشات تبعدنا عن عدم مصداقية بعض القنوات الفضائية ذات اجندات مشبوهة كما تبعدنا عن ادخال العواطف والتحزبات السياسية او الطائفية لنقاشاتنا وهي التي طالما شكلت حجابا عن الرؤية الصادقة او الحقيقة.      

  

الثلاثاء، 27 يونيو 2023

خواطر كويتية...عالميا

 هذه سلسلة من ثلاث مقالات تستعرض ما يدور حول الكويت عالميا واقليميا وداخليا ، نسأل فيه كيف لنا ان نجد لنا دورا بكل ما يحيط بنا خاصة بعد الانكفاء الكويتي الدبلوماسي الذي كانت تشتهر به الكويت بل وحتى الدور العربي البارز الذي كانت تقوده الكويت ، على امل ان نستعيد ذلك الدور المهم على المستوى الرسمي اولا ثم على المستوى الشعبي الذي تقوقع في دائرته المحلية فأصبح لا يرى الا ما يجدث في كواليس مجلس الامة والقرارات التي لا تخرج عن حدود الدولة.أهمية هذا الامر هو ان العالم يتغير ويتحول بسرعة وعدم الفهم والتفاعل مع حقيقة ما يجري يتركنا امام معضلة عندما لا نملك خيارات اذا ما واجهنا المحتوم من الامور السياسية او الاقتصادية او غيرها ونكون غير  مستعدين  لتقبلها رغم ان مؤشرات وقوعها  كانت واضحة لمدة من الزمن الا اننا نأينا بأنفسنا بكل ما يدور حولنا. لذا انا أناشد اصحاب الرأي وكتاب المقالاات والناشطين على وسائل التواصل انه قد حان الوقت للتفاعل أكثر مع الاحداث الخارجية لزيادة الوعي والفهم للاحداث المتسارعة وكيف باستطاعتنا ان نحصن انفسنا بثوابتنا من رياح التغيير السلبية واخذ زمام المبادرة للتقدم وفرض واقع جديد على الخارج الذي لا يرانا شيئا يذكر, 

مقدمة عالميا: اكتملت عناصر الامبراطورية الامريكية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية فأصبحت تملك البحار وطرق التجارة وبفضل احتلالها لالمانيا وسيطرتها المطلقة على غرب اوروبا استطاعت الحصول من تلك الدول على العقول والتكنلوجيا وركزت كل طاقاتها التكنلوجية على السلاح والاقتصاد ، فنما اقتصادها بشكل هائل بفضل هيمنة الدولار الذي كان شرطا اساسيا للتداول به على كل الدول التي باتت تحت سيطرتها. كان الاتحاد السوفيتي هاجسها الوحيد حتى سقوطه في 26 ديسمبر 1991 وبعد ذلك استغرقت امريكا وقتها للقتال في العراق وافغانستان وكلفها ذلك غاليا وما ان استفاقت من مغامراتها الفاشلة حتى رأت في الصين ماردا وعملاقا اقتصاديا يعمل بجد واجتهاد فبدأت من جديد معركتها الاعلامية والاقتصادية ضد الصين هذه المرة ولكن كان الوقت قد فات وبدأت الصين تسجل نموا اقتصاديا كل عام رغم كل الضغوط الامريكية. وفي عام 2014 احتلت روسيا القرم فرأت امريكا في روسيا قوة عسكرية يصعب قهرها فضاعفت العقوبات الاقتصاديةعليها ولكن ذلك لم يمنع الروس من دخول اوكرانيا عام 2022 وحتلال شرقها بالكامل.

لقد انتهت الاحادية القطبية للولايات المتحدة للابد وانتهى معها البترودولار بل وحتى هيمنة الدولار الذي كان يهيمن على 82% من مجمل المعاملات الدوليه عام 1972 حتى بلغ الان 58.8% وهو مرشح للنزول اكثر بسبب التسارع الاقتصادي الصيني والعسكري الروسي الذي يضع اوروبا واقتصادها يوما يعد يوم بين المطرقة والسندان، ولا ننسى مطالبة الكثير من الدول الانضمام لتحالف دول البريكس التي عمادها الصين وروسيا، ومنها ايران والارجنتين والجزائر والسعودية والذي من المنتظر ان يكون لهم عملة خاصة للتداول وهدفهم انهاء هيمنة الدولار والتعاون الاستراتيجي المشترك خاصة ان هذه الدول تملك من الموارد البشرية والمالية ما يجعلها تتفوق على الجميع.

بعد هذه المقدمة ، اين الكويت من هذا كله؟ تصر الحكومة في تعاملاتها الخارجية على عدم الالتفات لهذه الوقائع وتتجاهلها بالكامل وتستمر في وضع الولايات المتحده نصب أعينها عندما تتعامل مع الاخرين ففي الوقت الذي اتجهت فيه كل دول الاقليم لفتح شراكات مع الصين وهنا اقصد شراكة استراتيجيه نرى حكومتنا تجدد الحوار الاستراتيجي مع امريكا ولو دققنا النظر في عناصر هذا الحوار والذي فيه:" التعاون في مجال الدفاع والأمن السيبراني، والتجارة والاستثمار الثنائي، ومكافحة تحديات الصحة وتغير المناخ، وتسهيل السفر، ودعم الشراكات التعليمية والثقافية، وتعزيز حقوق الإنسان، وتمكين المرأة  والشراكة الدفاعية الثنائية الدائمة ودعم الكويت طويل الأمد من خلال استضافة القوات الأمريكية ". لوجدنا كل هذه العناصر هي لصالح جانب واحد فقط وهو امريكا في بنود التعاون الثقافي والتجاري والدفاعي اما بنود حقوق الانسان وتمكين المرأه فتنتظر امريكا من الكويت تطبيق مفاهيمها فقط. هذا ليس حوارا وليست مشاركة انه لا يعدو كونه سحب قدمنا من اتفاقية الصين التي وقعت عام 2014، فأصبحت الكويت أول دولة في منطقة الشرق الأوسط توقع مع الصين على وثيقة التعاون بشأن التشارك في بناء «الحزام والطريق». ويعمل الجانبان على تعزيز مواءمة مبادرة «الحزام والطريق» مع «رؤية الكويت 2035،،،،، فأين أصبحت هذه الشراكة الاستراتيجة ؟

لقد حان الوقت للتطلع لمستقبل الدولة بالشراكة مع الصين في كل جوانب التنمية لانها شراكة حقيقية على عكس الشراكة الوهمية مع الامريكي الذي لا يرى فينا الا موارد مالية وساحة لتطبيق مفاهيمه الفاسدة ونفوذه السياسي والذي بدأ يتلاشى يوما بعد يوم بل حتى قدرته العسكرية اصبحت في المركز الثاني بعد التحالف الصيني الروسي فلا جدوى من هدر المال على القواعد الامريكية ولا جدوى من اقامة حوارات مع الطرف الذي ما زال يرى نفسه قطبا احاديا وسيدا مهيمنا تتقاذفه الافكار الاستعمارية البائده متناسيا بل غير مباليا بوعي الشعوب ومعرفتها لحقيقته الشريرة.

في مقولة شهيرة لهنري كيسنجر:" ان تكون عدوا لامريكا هو امر خطر ولكن ان تكون صديقا لامريكا فذلك أمر مهلك". 

نراكم ان شاء الله في الجزء الثاني خواطر كويتية ....اقليميا 

  

السبت، 11 مارس 2023

حان وقت رحيل القواعد الامريكية عن الخليج

 تاريخ القواعد الامريكية في الخليج بدأ فعليا عام 1980 أما ما سبق ذلك فكان عبارة عن قاعدة بحرية في البحرين تأسست عام 1958 حيث كان يعتمد الامريكي حينها على ما كان يسميه "العامودين" وهما ايران والسعودية لمواجهة الخطرالسوفيتي والعراق وسوريا واليمن الجنوبي. أما وبعد سقوط الشاه وقيام جمهورية ايران الاسلامية كان الامريكي قد فقد عمودا مهما، فاضطرفي عهد الرئيس كارتر الى ما يسمى بعقيدة كارتر العسكرية وتحديدا في يناير 1980عندما أسس ما يسمى بوحدة التدخل السريع وبدأ التحول في العقيدة العسكرية الامريكية في الاهتمام بالاتحاد السوفيتي وايران. تطورت فكرة القواعد العسكرية بسرعة بعد غزو الكويت وباتت فكرة قوة التدخل السريع لا تجدي نفعا فتحولت الى ما يسمى بسنتكوم وهي اختصار للقيادة الوسطى او المركزية الامريكيه التي تمكنت من حشد ما يقارب 530 ألف جندي بمعداتهم ناهيك عن القوة الجوية والبحرية. وما ان انتهت الحرب حتى بدأت سنتكوم بارساء القواعد في المنطقة على النحو المبين في الصورة


  استمرت سنتكوم في تعزيز القواعد وتوسيع رقعتها حتى عام 2003 حيث ساهمت باسقاط نظام صدام حسين حين تمكنت من حشد 192 الف جندي لتسحب قواتها عام 2011 ليتبقى فقط 150 عنصر في السفارة . بعدها اعادت سنتكوم المزيد من الجنود لمحاربة داعش ليتبقى حتى هذه الساعه ما يعادل 2500 جندي امريكي في العراق.

مصدر هذه السرد التاريخي هي مؤسسة التراث الامريكيه American Heritage Foundation وهي مؤسسة غير حكومية تقيم الدور العسكري الامريكي والفدرات القتاليه في مقال طويل نشر في 18 اكتوبر 2022. في نفس هذا اليوم نشرت المؤسسة مقالا اخر بعنوان تلخيص وتقييم لوضع الجيش الامريكي لعام 2023 قالت في مقدمته " كما هو الوضع الان، فإن القوات المسلحة الامريكية في وضع خطر لأنها غير قادرة على الدفاع عن مصالح الولايات المتحده فتقييم القوات المسلحة هو ضعيف جدا لحجم التحديات وهي نتيجة حتمية لسنوات قل فيها التمويل والميزانية وضعف فيها تعريف الاولويات بالاضافة الى التحولات الكبيرة في السياسة الامنية وضعف كبير في الالتزام بل والجدية في تحمل المسؤوليات لمواجهة التحديات الحقيقية لتضع المصالح الامريكية في خطر داهم" 

هذا ما أكدته صحيفة الوول ستريت جورنال في مقالين بتاريخ 6/3/2023 الاول مقال رئيسي بعنوان "الولايات المتحده غير مستعدة لعصر صراع القوى العظمى" حيث نقلت عن الجنرال هانوت قوله " لا أعرف كيف أصحح هذا الامر لقد لفتني مدى تطور الجيش الصيني، ان عقيدتنا العسكرية التي ما زلنا متمسكين بها قد أصبحت بالية ". والمقال الثاني كان بعنوان " طموحات الجيش الصيني المفتوحة" جاء فيها ان ميزانية الدفاع الصينية ستبلغ 224 مليار دولار هذا العام بزيادة 7.2% عن العام المنصرم ، وكان تقرير البنتاغون عن عن الجيش الصيني قد ذكر ان ميزانية الدفاع قد تضاعفت من السنوات 2012 وحتى 2021 ويعلق الادميرال  المتقاعد هاري هاريس وهو ما اخبر به الكونغرس " ان الصين تهدف لوضع القواعد والاسس لأسيا وكل العالم.


بعد كل ما سبق لما قد نحتاج قواعد عسكرية في الخليج ؟؟؟؟ فالامريكي يعترف بنفسه ان غير قادرعلى الدفاع عن نفسه ومصالحه ناهيك دفاعه عن الاخرين وان اي مغامرة أمريكية مع الصين لماذا نتحمل نحن تبعاتها بل ان الصين دولة صديقة جدا وتقريبا كل نفطنا يذهب الى الصين فالنمو الاقتصادي الصيني مهم جدا لنا لانه يحدد حجم الاستيراد النفطي. واذا كانت الصين وحليفتها روسيا سيخلقان نظاما عالميا جديدا كما بدأ الامريكي يعترف بذلك، لما قد نعارض وما هي مصلحتنا في ذلك؟ لا مصلحة لنا مطلقا وما تسميه الولايات المتحده بمصالحها يتعارض تماما مع مصالحنا السياسية والاقتصاديه ومستقبل الخليج. واذا كان الامريكي يصرح ان احدى أهداف وجوده في المنطقة هي الاستقرار ودفع الضرر عن دول الخليج من ايران فها هي السعودية تضع يدها بيد ايران وتعيد علاقاتها الدبلوماسية وما فتح السفارات بين البلدين الا ايذانا ببدء علاقات سياسية واقتصاديه ومنها ستنتقل المنطقة الى مستقبل أفضل.

لقد استنفذ الهدف من وجود القواعد العسكرية الامريكيه في الخليج وحان رحيلها!!!!   

السبت، 4 فبراير 2023

بوجود أمريكا..تكون مكافحة الفساد مزحة

 منذ مطلع القرن الماضي والاستعمار يستخدم طرقا مختلفة وأساليب عدة لفرض كلمته وهيمنته على المنطقة واستغلال كل ما فيها لمصلحته ولعل الاثر الاكبر كان لوثيقة سايكس - وبيكو حيث خلق المستعمر حدودا وقسم المنطقة الى كيانات ودول تسير بامرته.هذا التقسيم لم يتم حينها لفترة مرحلية مطلقا كما يظن البعض ولكن لمرحلة طويلة جدا تتجاوز خروجه العسكري من الدول تلك وذلك لعلمه ان خلق بؤرا للتوتر بين الدول ستقود عاجلا او اجلا لنزاعات مسلحة او قطيعة لان ذلك هو الامر الوحيد الذي يساعده على ابقاء هيمنته ولو بعد جلاء قوته العسكرية. ولكن مع مرور السنين بدأت الشعوب تقرأ وتعي ما فعله المستعمر وحاولت هذه النخب فضح هذه المؤامرات على مدى عقود ولكن على أرض الواقع لم يتغير شيء الا اليسير. هنا جاء الدور الامريكي ليرسم اساليب جديدة ليكمل مسيرة البريطاني والفرنسي ولكن باسلوب جديد.

كم سمعنا وقرأنا عن الخسائر الماليه الكبيرة للامريكي  في مغامراته الفاشلة في المنطقة وكم حللنا ان هذه الخسائر هي التي اجبرت الامريكي على التخارج من المنطقة بيد اننا نراه بين الحين والاخر يطل برأسه ليزرع فتنة هنا او هناك تستمر لسنوات يسقط فيها الكثير من الابرياء!! فهل خسر الامريكي امواله والتي تقدر بالترليونات هباء؟؟ ام استخدمها تماما كسايكس وبيكو لفترة مرحلية طويلة؟؟؟

في مقال نشرته CNBC بتاريخ 25/11/2021 للكاتبة كريستينا واليكي تحت عنوان " كيف ساهم المال الامريكي في تحطيم افغانستان" وهذا الرابط لمن يريد الاطلاع على كامل المقالhttps://www.cnbc.com/2021/09/10/9/11-millionaires-and-corruption-how-us-money-helped-break-afghanistan.html قالت فيه " ما صرفته الولايات المتحده في افغانستان هو 290 مليون دولار يوميا لمدة 7300 يوم اي ما يزيد على 2 ترليون دولار في الوقت الذي نرى الاسلحة متناثرة في كل مكان وقواعد ومشأت غير مكتملة واخرى خاوية، فأين ذهبت تلك الاموال وأين اصحاب العقود التي وقعت لانشاءها؟ هذه الاموال خلقت مجموعة من الاثرياء الذين ضمتهم امريكا تحت جناحها وأعطتهم عددا لا يحصى من العقود لادامة ثراءهم الفاحش. مع الوقت كانت هذه العقود الامريكية وقودا لفساد كبير جدا بدل ان يكون لبناء الانسان والدولة وهذا ما اكده السفير الامريكي لدى افغانستان ريان كروكر حين قال ان فشل مجهودنا لم يكن بسبب المليشيات بقدر تفشي الفساد الهائل فامريكا مسؤولة عن كل الفساد في افغانستان لانها انفقت اكثر بكثير مما يستطيع الاقتصاد الافغاني تحمله. ولقد تعدى الامر ذلك فتقرير البنتاغون في الاعوام ما بين 2010 و2012 ان 40% من 108 مليارات التي دفعها البنتاغون للعقود المحليه انتهت بيد الطالبان وجماعة حقاني ودوائر الجريمة ومهربي المخدرات ومسؤولين فاسدين. واختصر الدكتور رتنجين سباتنا المستشار الامني للرئيس كرزاي في حديثه لمسؤولين امريكيين قوله " ان الفساد ليس مشكلة لنظام الحكم لانه هو نظام الحكم نفسه.

 اما في العراق فكتب الصحفي سجاد جياد في century foundation  مقالا بعنوان "الفساد يخنق العراق " وهذا الرابط للمقال ككل https://tcf.org/content/report/corruption-is-strangling-iraq/   قال فيه  " ان سرقة العصر والتي بلغت 2.5 مليار دولار والتي تمت بمستندات مزورة بمساعدة فاسدين في الدولة لا تمثل سوى 1% من حجم الفساد في العراق منذ 2003 وهذا لا يعني ان النظام السابق لم يكن فاسدا ولكن حجم الفساد تضاعف مرات عدة . وأضاف" ان الفساد في العراق فيه لاعبين كثر وشاركت به  احزاب عدة وكل هذه التصرفات تمت بمباركة أمريكية فهي سمحت بها تحت حجة البناء (تماما كأفغانستان) في الفترة ما بين 2003 و 2011. ان مبدأ المحاصصة والذي أيدته امريكا بقوة ودعمته أسس لمجموعات ذات نفوذ تقتسم الكعكه فيما بينها ولكن هذا الفساد اسس لمجموعة من المحرومين ايضا استغلها الامريكي ايضا لاثارة الفتن. 

ما حصل في العراق هو صورة كربونية لما حصل في لبنان ايضا فتصريح ديفيد هيل وكيل وزارة الخارجية الشهير في عام 2020 والذي اعلن فيه ان الولايات المتحده قد صرفت على المجتمع المدني 10 مليارات دولار وهي لخلق مجموعة من الفاسدين ومجموعة اخرى من المحرومين.

وهنا يجب الا تفرح الدول الغنية فهي مخترقة بالفساد حتى النخاع فما لا يمرره الامريكي لمجموعة او كيانات من غسيل الاموال يفتحه على مصراعيه لاخرين ليشكل به مجموعة ثرية جدا لا تلاحق ولا يستعاد مالها حيث تقوم هذه المجموعة الثريه بمقام الامريكي في نشر الفساد في محيطيها وعادة ما تعود هذه الاموال لامريكا بشكل استثمارات او صكوك خزينة وهو بذلك يضمن تحطيم اقتصادات العالم ويخلق مجموعات مدينة له وتؤتمر بأمره وأخرى محرومة تحرق الاخضر واليابس عندما يلزم تحريكها لاشاعة الفوضى.

كلا، الامريكي لم يخسر ماله هباء فهو كالشيطان يوسوس لمن في قلوبهم مرض وينتشر كالسرطان في كل بقاع الارض، ان مكافحة الفساد نكته سمجه لا يستطيع احد فك عقدها ما دام الامريكي على قيد الحياة كقوة كبرى. واختتم بدراسة قدمتها جامعة براون الامريكية حين ذكرت ان الولايات المتحده في غضون 20 عاما أنفقت 8 ترليون دولار سقط خلالها 900،000 انسان نتيجة لها.                  الرابط للدراسة https://www.brown.edu/news/2021-09-01/costsofwar

 

الخميس، 26 يناير 2023

الدولار سلاح الهيمنة والاستعمار

 سلاح الدولار يعود تاريخه لما بعد الحرب العالمية الثانية ويستغل بين الحين والاخرللتأثير على بعض الدول التي لا تنساق معها او تعاديها ولا تملك عادة حامية عسكرية امريكية فيها، ولكن في الاونة الاخيرة ازداد استخدام سلاح الدولار والعقوبات الاقتصادية بعد الفشل العسكري لكل التدخلات الامريكية في العالم وأصبحت تضيق الخناق على العديد من الدول ايمانا منها بالخطر المحدق بهيمنتها الاقتصادية والجيوسياسية.

رغم ان الولايات المتحدة تملك فقط 20% من الاقتصاد العالمي الا ان أكثر من نصف الاحتياطي العالمي للبنوك المركزية هوبالدولار الامريكي حيث جاء هذا نتيجة مخرجات الحرب وتحديدا مؤتمر بريتون وودزعام 1944 الذي ما ان انتهت الحرب العالمية الثانية حتى طبقت بنود هذه الاتفاقية والتي كانت نتائجها باختصار:

1 - الحد من المنافسين وتحديدا بريطانيا

2 - بعد ان استخدمت اموال المودعين الاوروبيين في امريكا منذ عام 1930 لزيادة صناعاتها،جاءت الفرصة الان لفتح الاسواق الاروبيه للبضائع الامريكية.   

3 - من اهم النتائج كانت التأكيد على أهمية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي المستحدثان كمنظمتين للتحكم بالاقتصاد العالمي من خلال التدفقات المالية والتجارة الحرة وطبعا كل ذلك يتم بالدولار الامريكي مما يفيد امريكا اقتصاديا ويفرض هيمنتها.

واول ضحية كانت بريطانيا حين اقرضتها الولايات المتحده قرضا بمبلغ 20 مليار دولار تمكنت الاخيرة من الاستحواذ من خلال القرض على اصول بريطانية في العالم وكان جزءا من واجبها كذلك دعم فكرة صندوق النقد والبنك الدوليين.بل اكثر من ذلك حين استطاعت امريكا تحويل مبلغ مجمد لدى الحكومة البريطانية يقدر ب 10 مليارات جنيه استرليني لحساب مصر والهند  الى امريكا لتنهي بذلك الهيمنة البريطانية وللابد. وبدأ الاوروبيون يشعرون بتنامي هيمنة الدولار ولا أبلغ من تعبير وزير الماليه الفرنسي حينها فاليري جيسكار ديستان عام 1960 حين وصف امتياز الدولار "بالامتياز العاصف" وما زال هذا الوصف يستخدم ليومنا هذا وهو حقيقي فالولايات المتحده تستورد كل احتياجاتها بعملتها اي انها لن تواجه أزمات في ميزان المدفوعات كما ان احتياطات الدول مليئة بالدولار لكي تتمكن من استيراد احتياجاتها.

دول البريكس المكونة من الصين وروسيا والبرازيل وجنوب افريقيا والهند والارجنتين(مؤخرا)( تضم 40% من سكان العالم و25% من اقتصاد العالم) أدركت تماما كل هذا وعلمت ان منافسة الدولار بأي عملة هو امر غير واقعي فجميع العملات تقاس بالدولار ولان العملة المهيمنة يجب ان تواكب الطلب العالمي بل وانشاء منظمات شبيهة بصندوق النقد والبنك الدوليين وهو امر ليس من مبادئهم، لذا عمدت الى التجارة باستخدام العملات المحلية لكسر هيمنة الدولارومؤخرا وتحديدا في 23 يناير على لسان جريدة الوول ستريت جورنال قامت الابرازيل والارجنتين بالاتفاق على انشاء عملة مشتركة بينهما والتي ستفرض نفسها مع الوقت في امريكا اللاتينية كون الدولتين هما الاكبر في القارة وبينهم تبادل تجاري كبير، واللافت هو تصريح الرئيس البرازيلي داسيلفا حين صرح قائلا " العملة المشتركة ستستعمل للتدفقات المالية وحركة التجارة وتخفيض تأثرنا خارجيا وان هدفنا هو تقليل الاعتماد على الدولار" هذه الدول اكتشفت ان استخدام عملة غير الدولار يقلل الكلفة ويقلل من الاخطار المالية العالمية وهيمنة امريكا على مصائر الشعوب.

نعم سلاح الدولار بات اقوى من القوة العسكرية الامريكيه لذا اصبح سلاح امريكا المفضل تستخدمه في فرض العقوبات على الدول لتدمير اقتصادها وجعل العملة المحلية تتدهور امام سيطرة الدولار ومثال ذلك لبنان والعراق حيث تستخدم هذا السلاح بوحشية تامة لفرض هبمنتها على الشقيقتين بالتعاون مع كيانات سياسية بالداخل لكلا البلدين.

 والحل يكمن في امرين لا ثالث لهما اما الانصياع الكامل للامريكي او العمل على ما تقوم به دول البريكس واذا اتخذنا الخيار الثاني فيجب الاستعداد المطلق لكل ما من الممكن ان تفعله الادارة الامريكيه كردة فعل، ولكن كلما ازدادت الدول التي تتخذ مواقف صارمة تجاه الامريكي كلما اذعن الامريكي ان سلاح الدولاربدأ مفعوله يبهت لانه يعتمد على التجارة الدولية بعملته فاذا قل التعامل بالدولار دوليا قل مفعول سلاحه. هذا درس لكل الدول بما فيها الحليفة فقد رأينا ما الذي فعله بالبريطاني بعد الحرب العالمية الثانية وهذه الدول ليست بأعز من بريطانيا للامريكي لذا يجب ان تبدا بالتقليل من الاعتماد على الدولار في معاملاتها التجارية والحرص على سلة من العملات اهمها سيكون عملة دول البريكس الناشئة   

 


الاثنين، 16 يناير 2023

الصلاة في القدس... مسألة وقت!

 خرج الالاف من المحتجبن في كيان العدو لمطالبة حكومتهم بالتراجع عن قرارها بخصوص التغييرات الجذرية التي ستطال النظام القضائي هناك، وعلل المحتجون رفضهم للقرار المقترح أنه سيطمس الديمقراطية ويمنع حرية الرأي التي تمتعوا بها منذ قيام كيانهم الغاصب. ينص القرار المقترح على ان الحكومة هي من ستعين القضاة بمن فيهم أعضاء المحكمة العليا مما سيمنعهم من الغاء اي قرار تشريعي قد يخرج من الكنيست بأغلبية 61 صوتا، علما ان كيان العدو لا يملك دستورا ولكن القضاة اما يعتمدون على حالات سابقة او من تكون حجته أقوى من خلال القوانين المتاحة.

هذه الحالة تستحق الدراسة خاصة اذا ما علمنا ان معظم القضاة في المحكمة العليا الصهيونية هم من العلمانيين وهو أمر لا يسير جنبا الى جنب مع المتشددين الذين جمعهم نتنياهو في حكومته، فلما اذن  يقدم نتنياهو على استفزاز الطرف الاخر وهو يقود حكومة هشة قد تدفعه بهذا الزخم من المتظاهرين الى انتخابات مبكرة خاصة اذا علمنا ان بعض نواب الليكود قد أبدوا امتعاضهم من هذا القرار مما قد يسب خسارة حتمبة للقرار وقت التصويت؟ هل نتنياهو واثق من نجاح التصويت ام انها ظاهرة صوتية لزيادة التفاف المتشددين حوله أم انه لا يملك خيارا؟

الجميع يعلم مدى الانقسام الاجتماعي الذي يعشه كيان العدو، فلو أخرجنا 20% ممن يحملون جنسية الكيان وهم فلسطينين 48 يكون الباقي منقسما طولا وعرضا فناهيك عن الانقسام بين اليهود الاوروبيين ويدعون بالاشكناز وبين اليهود الشرق وشمال افريقيا والذين يدعون مزراحي، بل الامر يتعدى الانقسام ليصل الى العنصرية ضد اليهود الشرقيين ولمن يريد الاطلاع أكثر على حجم الانقسام بالارقام بامكانه الذهاب الى هذا الرابط https://www.timesofisrael.com/inequality-between-mizrahi-ashkenazi-jews-to-be-measured-with-new-statistics/ ، هذا من جانب ومن جانب آخر هناك انقسام ما بين العلمانيين والذين يشكلون الاغلبيه وما بين المتدينين ، كما ان المتدينين ينقسمون الى حريديم وهم المتشددين جدا وما بين مجموعة داتي وكذلك المحافظين الذين يطلق عليهم  ماسورتي . من الواضح ان مجتمعا كهذا يتطلب اما شرارة صغيرة ليشتعل او يعيد الانتخابات ليهدأ الجميع.

منذ ان استلم نتنياهورئاسة الوزراء وهو يعمد الى مجموعة من القرارات الجدلية كاعلانه في نهاية ديسمبر الماضي انه سيعتمد بناء المستوطنات في النقب والجولان وهو القرار الذي هدم جسري التطبيع والمتأملين بالمبادرة العربية مع العالم أجمع وليس مع العرب فقط، فهو يهدم الجسور محليا وعالميا ليعيد الكيان الغاصب الى حقيقته. قد يقول القارىء انه كمن يطلق النار على قدمه وهذا صحيح والسبب يعود الى انه لم يعد يملك الخيارات التي كانت متاحة سابقا فهو يرى بأم عينيه:

1 - مجتمعا منقسما لا يثق بسياسيه ولا دليل أصدق على هذا هو تشكيل 5 حكومات في 3 سنين

2 - تعاظم قوى المقاومة فمع قرب انتهاء الازمة في سوريا ستتعاظم هذه القوة اكثر واكثربل ان الصهيوني يعلم ان المقاومة في المرحلة القادمة ستكون هي المبادرة وهو تحول عن دور المتلقي وهذا امريقلق الصهاينة فمحاولاتهم المتكررة للاستفزاز في سوريا لم تسفرعن ردود افعال وهو امر يقراءه الصهيوني على ان المقاومة لن تجر الى عمليات محدودة وانها تحضر للمعركة الشاملة. 

3 - هجرات اليهود الى الخارج وهذا ما تطرقت له جريدة معاريف حيث ذكرت عن مجموعة تسمي نفسها   " لنغادرالبلاد معا" يقودها التاشط الصهيوني يانيف جورليك ورجل الاعمال الامريكي الصهيوني موردخاي كاهانا والتي تسعى لنقل 10 الاف من حملة جنسية الكيان الى الولايات المتحده حيث بلغ عدد المهاجرين اليهود الذين لا يملكون نية لهم بالعودة الى 720 الفا وهو امر ليس بالجديد فالكاتب الصهيوني ماير مارجليت قد ذكر تاريخيا ان 485 يهوديا قدموا طلبات للحصول على الجواز النمساوي عام 1947 وفي نفس العام تقدم 14,500 يهودي بطلب للسفارة البولندية للهجرة او الحصول على الجواز البولندي علما ان بولندا كانت السيطرة السوفيتية حيث فضلوا العيش هناك على البقاء في فلسطين. وللاطلاع على المزيد هنا رابط مقال الاستاذ جوزيف مسعد.   https://www.middleeasteye.net/opinion/jews-leaving-israel-disillusion-long-time

فقدان الهوية والاحساس بعدم الانتماء هي السمة الواضحه على مجتمع الكيان  بل واليقين ان هذا الكيان اصبح يعاني من مسألة وجودية ونتيجة لذلك يحاول قادة العدو افتعال الازمات تارة بالتلويح بمعركة جوية ضد ايران وتارة بإشغال شعبهم في امور استفزازيه فقط لالهائم عن حقيقة مرة وهي ان هذا الكيان اصبح ضمن العد التنازلي لبقاءه. نعم لقد باتت خياراتهم محدودة خاصة انهم ينظرون الى الدعم الامريكي الخجول لاوكرانيا ويفكرون مليا ان هذا ما سينطبق عليهم اذا ما قامت حرب في المنطقة وان ايران حيث يركزون سخطهم وغضبهم، ليست دولة صغيرة او انها لا تملك ما يكفيها من السلاح لتطال به تل أبيب وتشعلها، فلو كانوا يشعرون ان بامكانهم الكر والفر لفعلوها منذ زمن. هذا من جانب ومن جانب اخر فالمقاومة الفلسطينيه أصبحت تشكل قلقا وخوفا لهم من خلال العمليات النوعية في عام 2022، بل انهم يتحاشون التحرش بغزة فقد جربوها مرتين في العامين المنصرمين وكانت النتيجة سلبية عليهم. فالصهاينة يعلمون ان المقاومة الفلسطينية قد تحررت من التسلط العربي الذي كان يقمعها ويديرها لصالح الكيان وان محورالمقاومة أصبح يدعمها وبقوة بالسلاح والاعلام وكل ما يلزم لاكمال المسيرة النضالية ضد كيان العدو الصهيوني.   

ان الصلاة في القدس لم تعد مزحة او تهكما بل أصبحت واقعا قريبا وقريبا جدا ان شاء الله تعالى.