السبت، 10 أبريل 2021

الى متى نبقى بيادقا؟؟؟

 

أحداث الأردن الأخيرة والتي تم فيها اعتقال كبار القوم كما تم وضع الأمير حمزة بن الحسين في إقامة جبرية بقصره ، هز الوطن العربي كما تناقلته كل الصحف والفضائيات الأجنبية. لم استغرب من الاهتمام العربي فالاردن يحمل علاقات جيده مع كل العرب على المستويين الرسمي والشعبي ولكنني استغربت من اهتمام الأجانب في الامر فلم تبقى واشنطن بوست او الغارديان او النيويورك تايمز او سي ان ان الا ونقلت الخبر مع التحليلات والاثار المتوقعه، فيا ترى ما سر هذا الاهتمام الغربي؟؟؟؟؟ أعتقد ان سبب الاهتمام تسوقة عدة مسارات أولها موقع الأردن كبلد متاخم لفلسطين المحتله وسوريا وان أي عدم استقرار في الأردن ستجد تردداته على الساحتين السورية والفلسطينية المشتعلتين أصلا مما سيشكل مثلثا من سوريا والاردن وفلسطين في حالة مبهمة تطرح عدة أسئلة، منها ما ردة فعل الحكومة السورية والشعب الفلسطيني لو كتب النجاح لمسعى الأمير حمزه المعروف بتوجهاته؟ هل كان ليسعى الأمير حمزه بفتح جبهة مع سوريا؟ وكيف ستتشكل العلاقة الفلسطينية الأردنية؟ المسار الثاني الذي يقلق الغربيين والكيان الصهيوني هو ردة فعل الملك عبدالله وكيف سيتعامل مع المعتقلين خاصة انهم من كبار القوم وموالين للخارج وأضف الى ذلك اسلوب المجتمع العشائري الذي يعيشه الأردن؟ ثم كيف سيتعامل مع الدول التي ساهمت في هذه الفتنة بعد إتمام التحقيقات؟

يجمع المحللون ان إدارة ترمب كانت تريد وصول الأمير حمزة الى سدة الحكم، فاصرار الملك عبدالله على إبقاء الأوقاف في القدس تحت وصايته اثار حفيظة الإدارة الامريكية آنذاك وتحديدا في 20/3/2019 عندما زار الملك محافظة الزرقاء فقال:" عمري ما رح أغير موقفي بالنسبة للقدس، فموقف الهاشميين من القدس واضح، ونحن في المملكة الأردنية الهاشمية علينا واجب تاريخي تجاه القدس والمقدسات" وأضاف " بالنسبة لي القدس خط أحمر، وشعبي كله معي".    في الأحوال العادية عندما يزور أي حاكم شعبه يخاطبه بامور تعنى بحياته اليومية ولكن الملك كان يوجه رسالة واضحة قبل 5 أيام من زيارة نتنياهو المشؤومة الى واشنطن والتي اهدى فيها ترمب الجولان الى سيادة الكيان الصهيوني في 25-3-2019. ففي الوقت الذي كانت فيه عناصر صفقة القرن تتجمع ورحلات كوشنر المكوكية تزداد لانهاء الصفقة وبسرعة كان تصريح الملك عقبة كبيرة لانه قال "وشعبي كله معي" مما يعني امر من اثنين للإدارة الامريكية اما نقنع الملك او نزيحه والواضح ان اقناع الملك بإلغاء الوصاية الهاشميه واستبدالها بسعودية كما أرادوا (وهو ما أكده السيد حاتم عبدالقادر عضو الأوقاف الإسلامية في القدس في مقابلة مع العربي الجديد في 20 نوفمبر 2020 ورفضه رفضا قاطعا)  امر مستحيل فكان لا بد من الخيار الثاني وهو ما بدأ يتوضح قليلا فقليلا من نتائج التحقيقات والتسريبات التي تخرج من عمان كاشفة المخطط الذي بدأ بتحركات الأمير باستمالة الشعب والعشائر في مقدمة واضحة لما سيأتي ودور الأشخاص المعتقلين ومن مولهم وساندهم.

اذن ادارة ترمب بدأت تسعى للفصل ما بين الملك وشعبه وخلق شعبية للملك القادم الجديد يستطيع من خلالها الوصول لسدة الحكم واغلاق حلقة جديدة من سلسلة صفقة القرن. ولكن لم يكتب لترمب فترة رئاسية جديدة فجاء بايدن الذي لا يشاطر ترمب هذه الفكرة مطلقا فالتوجه الأمريكي الجديد مختلف كليا بل ان صيحات الدعم العربي للملك عبدالله ما كانت لتخرج مدوية لولا الموقف الأمريكي الجديد الداعم للملك، فكمية المعلومات الهائلة التي نشرتها الواشنطن بوست والنيويورك تايمز(المعروفتان بعدائهما لترمب وتأييدهما لادارة بايدن الجديدة)  بخصوص الأمير حمزة وعلاقاته كانت بايعاز واضح من ادارة بايدن مما سهل مهمة الأجهزة الأمنية في الأردن في اعتقال المتورطين وحجز الأمير حمزة.

في الوقت الذي كانت إدارة ترمب تريد إدارة الدفة في الشرق الأوسط لصالح الكيان الصهيوني وحلفاءة العرب عن طريق الضغط الشديد على الممانعين تفضل إدارة بايدن إبقاء الدفة في الوسط وخلق التوازن مع ايران وحلفاءها العرب وهي فكرة إدارة أوباما في الأصل والديمقراطيين بشكل عام فالتوازن يحبس الصراع لفترة أطول ويؤجل اية نزاع مسلح في الوقت الذي تركز فيه إدارة بايدن الخارجية على روسيا والصين حيث تفضل المواجهة مع هؤلاء وهو واضح جدا من تحريك الاساطيل الامريكية الى بحر الصين والبحر الأسود في نية واضحة لاستفزاز الصين وروسيا الامر الذي قد يولد شرارة في شرق أوكرانيا او نزاع منفرد ومعزول مع البحرية الصينية وهو ما تسعى اليه الولايات المتحده وهي ترى بوادر انحسار هيبتها ونفوذها العالمي لصالح هاتين القوتين وهي تعلم يقينا ان هذه الأمور لا تتم بيوم وليلة ولكنها بحاجة الى صبر ومراقبة مستمرة للتطورات في انتظار لحظات التصعيد.

 ومن هنا تستطيع القول انه في ظل حكم بايدن لن يتغير شيء في المنطقة ولن تتدخل الولايات المتحده الا لفرض التوازن ، وفي ظل المواقف العربية سيبقى العرب بيادق هزيلة تحركهم رياح المؤامرات متى شاءت ولاي جهة تشاء خالقة الفوضى والصدمة لشعوبهم ودولهم دامت كلمتهم مشتتة ،  ففلسطين رغم تثاقلهم عن نصرتها وتحريرها الا انها كقضية مركزية كانت محل اجماع عربي ونقطة يتوحدون حولها ولكن مع هرولتهم نحو التطبيع الكامل فقدوا كل أمل لان يكونوا قوة وازنة في المنطقة والعالم.