السبت، 9 أكتوبر 2021

الدبلوماسية الكويتية تراجعت الى الصفر

 كانت الكويت دوما سباقة في التحرك الدبلوماسي لعلاج الخلافات بين الاشقاء العرب وحتى مع الاصدقاء حتى لقب المغفور له الشيخ صباح الاحمد بشيخ الدبلوماسية العربية، وكان هذا الدور ينبع من الواجب القومي وحب الخير للاخرين وان يسود السلام بين الاشقاء كما انه نابع من الدراية بالاحداث ومتابعتها بدقة لذلك كانت دوما تلقى مبادراتها قبولا واستحسانا من الجميع، وكل ما كانت تفعله لا ترجو منه جزاءا اومكافأة او حتى نفوذ مطلقا ،بل الكويت كانت تفعل ذلك لانه الصواب ويمنع عن المنطقة شبح الحروب.

اما الان فالواضح اننا ضيعنا هذه التركة الرائعة فكلما نرى مشكلة في احدى الدول الشقيقة ننتظر بشغف دور الدبلوماسية الكويتية ولكن كنا نقابل بصدى اصواتنا وتمنياتنا لا اكثر. وهذه قائمة بالاحداث التي لم ترى اية فعالية تذكر للدبلوماسية الكويتية

1 - قطع العلاقات المغربية الجزائرية بصورة رسمية لم تتحرك الخارجية سوى برسالة واذا عدنا بالذاكرة الى عام 1970 وتذكرنا الجولات المكوكية التي قام بها الشيخ صباح رحمه الله لرأب الصدع ما بين منظمة التحرير والاردن مع الدور الكبير للراحل جمال عبدالناصر فلم تهدأ الكويت حتى وقع الطرفان على وقف القتال، اما اليوم فلا شيء يذكر

2 - ازمة لبنان المالية والنفطية والفتنة التي كادت تقع بين الاطراف السياسية، لم نجد اي تحرك او جهد بسيط يذكر 

3 - الازمة اليمنية: بعد مفاوضات الكويت عام 2016 لم تبادر الخارجية نهائيا لاعادة خط التفاوض الذي بدأته

4 - ازمة سد النهضة والاعتداء الاثيوبي الواضح على كل من مصر والسودان، هنا ايضا الكويت لم تبادر بعمل فعلي لوقف الغطرسة الاثيوبية.

5 - الحرب على غزة: تحرك الخارجية كان بطيئا للغاية في الوقت الذي كان الشارع الكويتي يراقب كل التفاصيل ويتفاعل معها وحين انتهت المعركة قمنا بارسال الاغاثة وتوقفنا عند هذا الحد .

6 - الحرب السورية: بعد الانتصارات السورية بدأت تتوافد الوفود لدمشق لاعادة العلاقات ورغم ان الكويت فيها سفارة سورية بعكس الكثير من الدول العربية وبرغم العلاقات الجيدة الا ان الخارجية لم تستثمر هذا الموقف للدفع باعادة سورية الى الحضن العربي بعد 10 سنوات من القتال والدمار هناك على الاقل للدفاع لاعادتها للجامعة العربية في تصريح او عمل دبلوماسي معين.

وغيرها من الاحداث الساخنة في المنطقة التي لم نشهد فيها تحركا دبلوماسيا مؤثرا، فلماذا يا ترى فقدت الدبلوماسية حيويتها والخارجية تأثيرها؟؟؟؟

عدة عوامل ساهمت بذلك في رايي:

1 - غياب مركزالدراسات الاستراتيجية والتي من المفروض ان تدرس الساحة بكل تفاصيلها وتبني على التاريخ والتوجهات الجديدة خاصة بعد الاصطفافات الدولية التي نشئت بعد الانسحاب الامريكي من افغانستان وصعود نجم الصين كقطب سياسي جديد وتنامي قوة منظمة شنغهاي .

2- الانشغال المبالغ بالامور المحلية

3 - عدم مواكبة تسارع الاحداث سبب ارباكا واضحا فلذلك لا نرى موقفا من الاحتلال التركي لاجزاء من العراق وسوريا او تصريحا بخصوص الحشود العسكرية على الحدود الايرانية الاذرية ولم ننطق بحرف بخصوص الحرب الاذرية الارمينية او حتى تطبيع بعض الدول مع كيان العدو الصهيوني

4 -  عدم وجود خطة بناء العلاقات مع الدول بحيث تتعدى اللقاءات الودية الى استراتيجية جيوسياسية تضع مصالح الكويت ومبادئها الراسخة في المقدمة

5 - التأثر بسياسات الدول الخليجية رغم تباينها لاننا لا نملك سياسة خاصة بنا ولاننا لا نريد الدخول في تباين مع احد منهم

وأمور أخرى لا يسعها هذا المقال، فالدبلوماسية الكويتية بعد ان كانت في القمة والان تراجعت الى الصفر لاننا نتشبث بمبدأ عدم التدخل بشؤون الغير مع ان ابداء الرأي في قضية معينة لا يعد تدخلا خاصة اذا كانت تؤثر على الكويت فنأينا بأنفسنا حتى لم يعد احد يسمع صوتنا. لا تدار الامور بهذا الشكل فما تتحاشاه قد يقع عليك عنوة وحينها يجب ان يكون لك صوت فلما لا تبادر مسبقا كي يعرف الجميع محظوراتك وما تتفق معه. كل دول المنطقة تكن للكويت احتراما كبيرا لان النظام السياسي للكويت لم يؤذي احدا بل على العكس كانت الكويت دوما تبحث عن السلام.

يجب علينا ان نستعيد مكانتنا في المنطقة من خلال وضع مراكز دراسات استراتيجية وبناء خطة تعاون مع الدول الشقيقة والصديقة وخاصة دول الجوار مبنية على مصالح الكويت ومبادئها وان نستمر بسياسة عدم التدخل والحياد في نزاعات المنطقة كي يتسنى لنا ان نكون طرفا للحل كما كنا. يجب ان يعرف العالم اننا دولة فاعلة لدينا عدو وحيد هو الكيان الصهيوني وان لا سلام مع هذا العدو وهو يطبق على فلسطين واهلها بالقمع والمصادرة والتعذيب وان نقف موقفا قويا مع كل الدول التي تعادي هذا الكيان الغاصب. كما يجب ان ننظر للصين وروسيا الاقطاب الناهضة وان تقيم معهما علاقات مميزة فالامريكي في تراجع وضمورفلا يجوز ان يكون الامريكي عثرة في علاقاتنا معهما ولا يجوز للامريكي ان يفرض علينا ما يجب وما لا يجب فعله فزمن الهيمنة قد ولى الى غير رجعة.