السبت، 4 فبراير 2023

بوجود أمريكا..تكون مكافحة الفساد مزحة

 منذ مطلع القرن الماضي والاستعمار يستخدم طرقا مختلفة وأساليب عدة لفرض كلمته وهيمنته على المنطقة واستغلال كل ما فيها لمصلحته ولعل الاثر الاكبر كان لوثيقة سايكس - وبيكو حيث خلق المستعمر حدودا وقسم المنطقة الى كيانات ودول تسير بامرته.هذا التقسيم لم يتم حينها لفترة مرحلية مطلقا كما يظن البعض ولكن لمرحلة طويلة جدا تتجاوز خروجه العسكري من الدول تلك وذلك لعلمه ان خلق بؤرا للتوتر بين الدول ستقود عاجلا او اجلا لنزاعات مسلحة او قطيعة لان ذلك هو الامر الوحيد الذي يساعده على ابقاء هيمنته ولو بعد جلاء قوته العسكرية. ولكن مع مرور السنين بدأت الشعوب تقرأ وتعي ما فعله المستعمر وحاولت هذه النخب فضح هذه المؤامرات على مدى عقود ولكن على أرض الواقع لم يتغير شيء الا اليسير. هنا جاء الدور الامريكي ليرسم اساليب جديدة ليكمل مسيرة البريطاني والفرنسي ولكن باسلوب جديد.

كم سمعنا وقرأنا عن الخسائر الماليه الكبيرة للامريكي  في مغامراته الفاشلة في المنطقة وكم حللنا ان هذه الخسائر هي التي اجبرت الامريكي على التخارج من المنطقة بيد اننا نراه بين الحين والاخر يطل برأسه ليزرع فتنة هنا او هناك تستمر لسنوات يسقط فيها الكثير من الابرياء!! فهل خسر الامريكي امواله والتي تقدر بالترليونات هباء؟؟ ام استخدمها تماما كسايكس وبيكو لفترة مرحلية طويلة؟؟؟

في مقال نشرته CNBC بتاريخ 25/11/2021 للكاتبة كريستينا واليكي تحت عنوان " كيف ساهم المال الامريكي في تحطيم افغانستان" وهذا الرابط لمن يريد الاطلاع على كامل المقالhttps://www.cnbc.com/2021/09/10/9/11-millionaires-and-corruption-how-us-money-helped-break-afghanistan.html قالت فيه " ما صرفته الولايات المتحده في افغانستان هو 290 مليون دولار يوميا لمدة 7300 يوم اي ما يزيد على 2 ترليون دولار في الوقت الذي نرى الاسلحة متناثرة في كل مكان وقواعد ومشأت غير مكتملة واخرى خاوية، فأين ذهبت تلك الاموال وأين اصحاب العقود التي وقعت لانشاءها؟ هذه الاموال خلقت مجموعة من الاثرياء الذين ضمتهم امريكا تحت جناحها وأعطتهم عددا لا يحصى من العقود لادامة ثراءهم الفاحش. مع الوقت كانت هذه العقود الامريكية وقودا لفساد كبير جدا بدل ان يكون لبناء الانسان والدولة وهذا ما اكده السفير الامريكي لدى افغانستان ريان كروكر حين قال ان فشل مجهودنا لم يكن بسبب المليشيات بقدر تفشي الفساد الهائل فامريكا مسؤولة عن كل الفساد في افغانستان لانها انفقت اكثر بكثير مما يستطيع الاقتصاد الافغاني تحمله. ولقد تعدى الامر ذلك فتقرير البنتاغون في الاعوام ما بين 2010 و2012 ان 40% من 108 مليارات التي دفعها البنتاغون للعقود المحليه انتهت بيد الطالبان وجماعة حقاني ودوائر الجريمة ومهربي المخدرات ومسؤولين فاسدين. واختصر الدكتور رتنجين سباتنا المستشار الامني للرئيس كرزاي في حديثه لمسؤولين امريكيين قوله " ان الفساد ليس مشكلة لنظام الحكم لانه هو نظام الحكم نفسه.

 اما في العراق فكتب الصحفي سجاد جياد في century foundation  مقالا بعنوان "الفساد يخنق العراق " وهذا الرابط للمقال ككل https://tcf.org/content/report/corruption-is-strangling-iraq/   قال فيه  " ان سرقة العصر والتي بلغت 2.5 مليار دولار والتي تمت بمستندات مزورة بمساعدة فاسدين في الدولة لا تمثل سوى 1% من حجم الفساد في العراق منذ 2003 وهذا لا يعني ان النظام السابق لم يكن فاسدا ولكن حجم الفساد تضاعف مرات عدة . وأضاف" ان الفساد في العراق فيه لاعبين كثر وشاركت به  احزاب عدة وكل هذه التصرفات تمت بمباركة أمريكية فهي سمحت بها تحت حجة البناء (تماما كأفغانستان) في الفترة ما بين 2003 و 2011. ان مبدأ المحاصصة والذي أيدته امريكا بقوة ودعمته أسس لمجموعات ذات نفوذ تقتسم الكعكه فيما بينها ولكن هذا الفساد اسس لمجموعة من المحرومين ايضا استغلها الامريكي ايضا لاثارة الفتن. 

ما حصل في العراق هو صورة كربونية لما حصل في لبنان ايضا فتصريح ديفيد هيل وكيل وزارة الخارجية الشهير في عام 2020 والذي اعلن فيه ان الولايات المتحده قد صرفت على المجتمع المدني 10 مليارات دولار وهي لخلق مجموعة من الفاسدين ومجموعة اخرى من المحرومين.

وهنا يجب الا تفرح الدول الغنية فهي مخترقة بالفساد حتى النخاع فما لا يمرره الامريكي لمجموعة او كيانات من غسيل الاموال يفتحه على مصراعيه لاخرين ليشكل به مجموعة ثرية جدا لا تلاحق ولا يستعاد مالها حيث تقوم هذه المجموعة الثريه بمقام الامريكي في نشر الفساد في محيطيها وعادة ما تعود هذه الاموال لامريكا بشكل استثمارات او صكوك خزينة وهو بذلك يضمن تحطيم اقتصادات العالم ويخلق مجموعات مدينة له وتؤتمر بأمره وأخرى محرومة تحرق الاخضر واليابس عندما يلزم تحريكها لاشاعة الفوضى.

كلا، الامريكي لم يخسر ماله هباء فهو كالشيطان يوسوس لمن في قلوبهم مرض وينتشر كالسرطان في كل بقاع الارض، ان مكافحة الفساد نكته سمجه لا يستطيع احد فك عقدها ما دام الامريكي على قيد الحياة كقوة كبرى. واختتم بدراسة قدمتها جامعة براون الامريكية حين ذكرت ان الولايات المتحده في غضون 20 عاما أنفقت 8 ترليون دولار سقط خلالها 900،000 انسان نتيجة لها.                  الرابط للدراسة https://www.brown.edu/news/2021-09-01/costsofwar