الخميس، 24 ديسمبر 2015

التنين الأخضر

لدراسة حاجات الدول الصناعيه المستقبليه للطاقه واستراتجياتها يجب ان تكون الصين في مقدمة هذه الدول فنهمها للطاقه يعادل صناعاتها اللامتناهيه، ومن هنا كانت مراقبة ارقام انتاج الكهرباء مهمة للمتابعين لانها تعطي انطياعا وان لم يكن دقيقا الا انه قريب من النمو بالصناعة وبالتالي الاقتصاد. والمتابعين لا ينظرون الى السعة الحاضرة لمراكز توليد الطاقه وحسابها بالجيجاوات او الميغاوات فببساطه لان هذه المراكز قد لا تعمل شتاء كما تعمل صيفا او العكس فحسب حاجة البلد تقوم بالعمل المطلوب منها ، وانما ينظرون الى كمية الطاقة المنتجه وتقاس بالجياوات ساعه GWh  أو تيراوات ساعه TWh وبذلك يعرفون امور عده منها كم برميل من النفط الخام المكافىء تم استخدامه وما مصادر الطاقه وغيرها الكثير من الامور.
 وللعلم فان مقدار الطاقه الذي ينتجه 614000 برميل من النفط المكافىء = 1TWh

عانت الصين كثيرا من الانبعاثات الكربونيه حيث ارتفعت حالاات الاختناق والاصابات بسبب تلوث الجو فبدأت جديا منذ عام 2009 بوضع الخطط وبدأت فعليا العمل في 2011 للتقليل من الانبعاثات الكربونيه ثم بدات الدراسات بالازدياد عام 2014 حيث لاحظوا بما لا يقبل الشك ان الصين ونتيجة للاستثمارات الكبيره في السنوات الماضيه بدأت تجني ثمار انجازها في التحول الى الطاقة المتجدده وهي الشمسيه والهوائيه والمائيه واختصارا لهذه الطاقات الثلاث سنستخدم اختصارا كلمة "شهم" للدلالة على شمس هواء ماء، واختصارا للنفط والغاز والفحم كلمة "حراري" اذ ان الثلاث يطلقون الطاقة عند حرقها والمعروف ان هذه المصادر الثلاث تطلق نسبة متفاوتة من ثاني اكسيد الكربون الملوث للبيئه ومن اخطر الغازات تأثيرا على ظاهرة الاحتباس الحراري في العالم ورفع درجات الحراره، وسوف تكون كل الجداول لحساب الطاقة الكهربائيه باستخدام تيراوات ساعه TWh وهو في الحقيقه مليار كيلووات ساعه التي تستخدم في عدادات الكهرباء في المنازل.


خرجت هذه الارقام في يوليو 2015 وكان جميع المراقبين بانتظارها خاصة بعد معرفتهم ان انتاج الفحم قد هبط بمعدل 3% في عام 2014 عن 2013 اي ما يعادل 132 مليون طن وهو اول هبوط في انتاج الفحم منذ 14 عام حيث يعتبر الفحم هو المصدر الاساسي لانتاج الكهرباء حيث تبلغ حصته حوالي 60% من انتاج الطاقة الكلي، فلذا تعد 2014 هي نقطة التحول في استراتيجية الصين بالتحول تدريجيا الى الطاقات الخضراء ولا دليل أكبر (كما موضح بالجدول) من انتاج الكهرباء بالمصادر الاحفوريه او الحراريه هبوط يعادل 1.1%.
فالانتاج الكلي تصاعد 173 TWh ما بين 2013 و 2014 ولتوضيح مساهمات جميع مصادر الطاقه في هذه الزياده في الانتاج الفعلي توضح لنا هذه الصورة الوضع اكثر

هنا اخفت مساهمة الفحم والغاز والنفط بمقدار 48TWh وعوض هذا النقص وجود مصادر اخرى فالطاقة المائيه عند السدود ارتفعت بشكل ملحوظ والطاقه الهوائيه والشمسيه اعطيا 33 TWH وهو ما يعادل نصف حاجة الكويت من الطاقة لكهربائيه

والان اوضح مقدار نمو كل مصدر من مصادر الطاقة التي تنتج الكهرباء في العام 2014 (نسبة نمو كل مصدرعن العام 2013)



فاستراتيجية الصين باتت واضحه بتقليل استخدام الفحم في انتاج الطاقه الكهربائيه والاعتماد اكبر على الطاقة الخضراء وجاءت ارقام النصف الاول لعام 2015 لتؤكد الاستمرار بتنفيذ هذه الاستراتيجيه، وهذه مقارنه مع النصف الاول لعام 2014

من الجدول نلاحظ اهتمام الصين بالطاقة الشمسيه حيث نرى نموا بمقدار 77%  عن العام المنصرم 2014 ولا يوجد من يجاريها  بمعدلات النمو فللعام الثاني على التوالي تشهد الطاقة الخضراء نموا في انتاج الطاقة الكهربائيه وبالتحديد الطاقة الشمسيه تسير بمعدلات نمو كبيرة فمساهمة الطاقة الشمسيه في عام 2014 كاملا كانت 15TWh من الطاقة الكهربائية بينما في نصف عام من 2015 انتجوا 19TWhمن الطاقة الكهربائيه . وهذه النتيجه لم تأتي عبثا فهي نتاج عمل سنين من التخطيط والاستثمار حتى بلغ حجم الاستثمار في 2014 مبلغ 89.5$ مليار وهو رقم اكبر من ميزانية الكويت لعام واحد، صرف فيه 31.5$ مليار على الطاقة الشمسيه و 35.5$ مليار على الطاقة الهوائيه والباقي على باقي مصادر الطاقة السبعه التي تعتمد عليها الصين.

ويبقى السؤال أين تذهب ملايين البراميل من النفط التي تستوردها الصين خاصة اذا علمنا ان النفط الخام لا يشكل حتى 1% من احتياج الصين للكهرباء؟
تنتج الصين 4.6 مليون برميل من النفط يوميا وتستورد ما يعادل 6 الى 8 مليون برميل يوميا ولها طاقة تكريريه تعادل 14.2 مليون برميل يوميا وتسعى لزيادة سعة المصافي الى 16.5 مليون برميل في عام 2020 لانتاج مكونات مختلفة من مشتقات النفط لخدمة صناعاتها المتنوعه كما تسعى الصين لخلق مخزون استراتيجي من النفط وهي تعمل ليل نهار لبناء هذه المخازن فاستراتيجيتها تقضي ان يكون لديها مخزونا استراتيجيا يعادل 600 مليون برميل في عام 2020 وكما يقول الخبراء ان الطريقة التي تشتري بها الصين النفط وهو باسعار رخيصة جدا سيجعلهم يصلون الى هذا الرقم قبل 2020 وهو مما سيخدم خططهم المستقبليه والاهم انهم سيصبحون مؤثرين على اسعار النفط مستقبلا بهذا الكم الهائل من مخزونهم النفطي فقد تعلموا الدرس من ارتفاع الاسعار من 2010 وحتى 2014 وكي لا يقع اقتصادهم ضحية للمضاربات في اسعار النفط مرة أخرى. ومن المؤكد ان لديهم خطة اخرى للمخزون النفطي للفتره من 2020 وحتى 2030 ولا نعلمها ولكن من المتوقع ان يرفعوا مخزونهم الى مليار برميل ، فكل زياده او نقصان مستقبلا لهذا المخزون سيؤثر على الاسعار العالميه.

فبات من الواضح ان الصين اصبحت تقلل من الاعتماد على الطاقات الحراريه ومنها النفط والفحم واصبحت تخزنهم كانتاج استراتيجي وفي المقابل تستثمر بقوة في الطاقات الخضراء، وما تتوقعه الوكالة الدوليه للطاقه للعام 2035 للصين وكانت هذه دراستهم في 2013 انهم بحلول 2035 ستنتج الصين 1880 TWhمن الطاقه ولعله من الواضح ان الصينين سيصلون الى هذه الارقام قبل 2035 بمعدلات السرعه الا انه لا باس من عرض الصورة
فكما هو واضح ان الصينين سينتجون اكثرمما ستنتج الولايات المتحده واليابان والاتحاد الاوروبي مجتمعين.

ولكن ماذا عن السيارات وهم ينتجون ويستعملون اعدادا خيالية منها؟ وماذا عن وسائل النقل العام ككل؟
في الحلقة القادمه سنركز على وسائل النقل العام والخاص والذيهو جزء مما عرضنا من استراتيجية الصين وتحولها خضراء


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق