السبت، 9 أكتوبر 2021

الدبلوماسية الكويتية تراجعت الى الصفر

 كانت الكويت دوما سباقة في التحرك الدبلوماسي لعلاج الخلافات بين الاشقاء العرب وحتى مع الاصدقاء حتى لقب المغفور له الشيخ صباح الاحمد بشيخ الدبلوماسية العربية، وكان هذا الدور ينبع من الواجب القومي وحب الخير للاخرين وان يسود السلام بين الاشقاء كما انه نابع من الدراية بالاحداث ومتابعتها بدقة لذلك كانت دوما تلقى مبادراتها قبولا واستحسانا من الجميع، وكل ما كانت تفعله لا ترجو منه جزاءا اومكافأة او حتى نفوذ مطلقا ،بل الكويت كانت تفعل ذلك لانه الصواب ويمنع عن المنطقة شبح الحروب.

اما الان فالواضح اننا ضيعنا هذه التركة الرائعة فكلما نرى مشكلة في احدى الدول الشقيقة ننتظر بشغف دور الدبلوماسية الكويتية ولكن كنا نقابل بصدى اصواتنا وتمنياتنا لا اكثر. وهذه قائمة بالاحداث التي لم ترى اية فعالية تذكر للدبلوماسية الكويتية

1 - قطع العلاقات المغربية الجزائرية بصورة رسمية لم تتحرك الخارجية سوى برسالة واذا عدنا بالذاكرة الى عام 1970 وتذكرنا الجولات المكوكية التي قام بها الشيخ صباح رحمه الله لرأب الصدع ما بين منظمة التحرير والاردن مع الدور الكبير للراحل جمال عبدالناصر فلم تهدأ الكويت حتى وقع الطرفان على وقف القتال، اما اليوم فلا شيء يذكر

2 - ازمة لبنان المالية والنفطية والفتنة التي كادت تقع بين الاطراف السياسية، لم نجد اي تحرك او جهد بسيط يذكر 

3 - الازمة اليمنية: بعد مفاوضات الكويت عام 2016 لم تبادر الخارجية نهائيا لاعادة خط التفاوض الذي بدأته

4 - ازمة سد النهضة والاعتداء الاثيوبي الواضح على كل من مصر والسودان، هنا ايضا الكويت لم تبادر بعمل فعلي لوقف الغطرسة الاثيوبية.

5 - الحرب على غزة: تحرك الخارجية كان بطيئا للغاية في الوقت الذي كان الشارع الكويتي يراقب كل التفاصيل ويتفاعل معها وحين انتهت المعركة قمنا بارسال الاغاثة وتوقفنا عند هذا الحد .

6 - الحرب السورية: بعد الانتصارات السورية بدأت تتوافد الوفود لدمشق لاعادة العلاقات ورغم ان الكويت فيها سفارة سورية بعكس الكثير من الدول العربية وبرغم العلاقات الجيدة الا ان الخارجية لم تستثمر هذا الموقف للدفع باعادة سورية الى الحضن العربي بعد 10 سنوات من القتال والدمار هناك على الاقل للدفاع لاعادتها للجامعة العربية في تصريح او عمل دبلوماسي معين.

وغيرها من الاحداث الساخنة في المنطقة التي لم نشهد فيها تحركا دبلوماسيا مؤثرا، فلماذا يا ترى فقدت الدبلوماسية حيويتها والخارجية تأثيرها؟؟؟؟

عدة عوامل ساهمت بذلك في رايي:

1 - غياب مركزالدراسات الاستراتيجية والتي من المفروض ان تدرس الساحة بكل تفاصيلها وتبني على التاريخ والتوجهات الجديدة خاصة بعد الاصطفافات الدولية التي نشئت بعد الانسحاب الامريكي من افغانستان وصعود نجم الصين كقطب سياسي جديد وتنامي قوة منظمة شنغهاي .

2- الانشغال المبالغ بالامور المحلية

3 - عدم مواكبة تسارع الاحداث سبب ارباكا واضحا فلذلك لا نرى موقفا من الاحتلال التركي لاجزاء من العراق وسوريا او تصريحا بخصوص الحشود العسكرية على الحدود الايرانية الاذرية ولم ننطق بحرف بخصوص الحرب الاذرية الارمينية او حتى تطبيع بعض الدول مع كيان العدو الصهيوني

4 -  عدم وجود خطة بناء العلاقات مع الدول بحيث تتعدى اللقاءات الودية الى استراتيجية جيوسياسية تضع مصالح الكويت ومبادئها الراسخة في المقدمة

5 - التأثر بسياسات الدول الخليجية رغم تباينها لاننا لا نملك سياسة خاصة بنا ولاننا لا نريد الدخول في تباين مع احد منهم

وأمور أخرى لا يسعها هذا المقال، فالدبلوماسية الكويتية بعد ان كانت في القمة والان تراجعت الى الصفر لاننا نتشبث بمبدأ عدم التدخل بشؤون الغير مع ان ابداء الرأي في قضية معينة لا يعد تدخلا خاصة اذا كانت تؤثر على الكويت فنأينا بأنفسنا حتى لم يعد احد يسمع صوتنا. لا تدار الامور بهذا الشكل فما تتحاشاه قد يقع عليك عنوة وحينها يجب ان يكون لك صوت فلما لا تبادر مسبقا كي يعرف الجميع محظوراتك وما تتفق معه. كل دول المنطقة تكن للكويت احتراما كبيرا لان النظام السياسي للكويت لم يؤذي احدا بل على العكس كانت الكويت دوما تبحث عن السلام.

يجب علينا ان نستعيد مكانتنا في المنطقة من خلال وضع مراكز دراسات استراتيجية وبناء خطة تعاون مع الدول الشقيقة والصديقة وخاصة دول الجوار مبنية على مصالح الكويت ومبادئها وان نستمر بسياسة عدم التدخل والحياد في نزاعات المنطقة كي يتسنى لنا ان نكون طرفا للحل كما كنا. يجب ان يعرف العالم اننا دولة فاعلة لدينا عدو وحيد هو الكيان الصهيوني وان لا سلام مع هذا العدو وهو يطبق على فلسطين واهلها بالقمع والمصادرة والتعذيب وان نقف موقفا قويا مع كل الدول التي تعادي هذا الكيان الغاصب. كما يجب ان ننظر للصين وروسيا الاقطاب الناهضة وان تقيم معهما علاقات مميزة فالامريكي في تراجع وضمورفلا يجوز ان يكون الامريكي عثرة في علاقاتنا معهما ولا يجوز للامريكي ان يفرض علينا ما يجب وما لا يجب فعله فزمن الهيمنة قد ولى الى غير رجعة.

 


   


الأحد، 12 سبتمبر 2021

المكالمة الصاخبة بين بلينكن ووانغ يي

 أنقل لكم وقائع المكالمة الصاخبة التي تمت بين وزيري الخارجية الامريكي والصيني نهاية اغسطس الماضي، هذه الوقائع منقولة عن شينخوا وهي المؤسسة الاعلامية الرسمية لجمهورية الصين باللغة العربية بينما النص الانجليزي موجود على موقع الخارجية الصينية وهو يتطابق تماما مع الترجمة اما موقع الخارجية الامريكي فلم يعطي كل هذه التفاصيل وللقارىء ان يصل الى معرفة السبب مع نهاية قراءة النص. النص الرسمي بالحرف الكبيرالاسود وتعليقي ببين الفقرات بالحرف الصغير الملون.

بكين 29 أغسطس 2021 (شينخوا) أجرى عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي محادثة هاتفية مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اليوم (الأحد)، وتبادلا وجهات النظر بشأن الوضع في أفغانستان والعلاقات الصينية-الأمريكية.

وخلال المحادثة، قال بلينكن إنه في غضون ذلك الوقت الحرج الذي يقترب فيه الانسحاب العسكري الأمريكي والإجلاء من أفغانستان من نهايته، تعتقد واشنطن أن مجلس الأمن الدولي يجب أن يتحدث بصوت واضح وموحد لإظهار أن المجتمع الدولي يتطلع إلى أن تضمن طالبان الإجلاء الآمن للمواطنين الأجانب وحصول الشعب الأفغاني على المساعدات الإنسانية، وأن تضمن ألا تصبح الأراضي الأفغانية بؤرة للهجمات الإرهابية أو ملاذا آمنا للإرهاب.

كلمات بلينكن هنا تظهراعترافا امريكيا بمدى الفوضى التي تم الانسحاب بها وان كل ما قاله بايدن عن تحقق اهداف الحملة العسكرية على افغانستان لا يعدو كونه هراء فخوف الامريكان من ان تصبح افغانستان بؤرة للارهاب يظهر اما عجز الولايات المتحدة عن محاربة الارهاب والقضاء عليه وإما انها لا ترغب في ذلك، كما يظهرعدم اهتمامها بحلفاءها عندما يطالب بلينكن بالاجلاء الآمن لهم، فلو كان الامريكان يحترمون حلفاءهم لأجلوهم قبل خروج قواتهم. كما يظهرمن جديث بلينكن عندما قال " حصول الشعب الافغاني على المساعدات الانسانية" مدى التهورالامريكي بشعب احتل اراضيه لمدة 20 عاما ليتصدق عليه الان بالمساعدات التي يطلبها من الجميع بدل ان يوفي بالتزاماته كمحتل وان يضمن له العيش الكريم عند خروجه دون اجبار.

وقال وانغ إن الوضع في أفغانستان شهد تغيرات جوهرية، وإنه يتعين على جميع الأطراف إجراء اتصالات مع طالبان وتوجيهها بشكل فعال.

وأضاف أن الولايات المتحدة، على وجه الخصوص، بحاجة إلى العمل مع المجتمع الدولي لإمداد أفغانستان بالمساعدات الاقتصادية وسبل العيش والمساعدات الإنسانية العاجلة، ومساعدة الهيكل السياسي الأفغاني الجديد في الحفاظ على العمل الطبيعي للمؤسسات الحكومية، والحفاظ على الأمن الاجتماعي والاستقرار، والحد من انخفاض قيمة العملة والتضخم، والشروع في رحلة إعادة الإعمار السلمي عاجلا.

هنا يوضح الوزير الصيني ان الولايات المتحدة مسؤولة مسؤولية كاملة بصفتها المحتل عن تهيئة كل ما ذكر الوزير وانغ يي

وأوضح وانغ أن الحقائق أثبتت مجددا أن حرب أفغانستان لم تحقق هدف القضاء على القوى الإرهابية في أفغانستان مطلقا، مضيفا أن الانسحاب المتعجل لقوات الولايات المتحدة والناتو قد يصبح بمثابة فرصة لمختلف الجماعات الإرهابية في أفغانستان للظهور من جديد.

ودعا وانغ الولايات المتحدة، انطلاقا من مبدأ احترام سيادة أفغانستان واستقلالها، إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لمساعدة أفغانستان في مكافحة الإرهاب والعنف، بدلا من ممارسة المعايير المزدوجة أو مكافحة الإرهاب بشكل انتقائي.

وأشار إلى أن الجانب الأمريكي يعرف بوضوح أسباب الوضع الفوضوي الحالي في أفغانستان، مضيفا أن أي إجراء يتخذه مجلس الأمن الدولي يجب أن يسهم في تخفيف التوترات بدلا من زيادتها، وفي انتقال سلس للوضع في أفغانستان بدلا من العودة إلى الاضطراب.

الواضح هنا ان الوزير الصيني يعطي الامريكي درسا في البروتكول الدبلوماسي ودرسا في الاخلاق وتحمل المسؤولية كما انه يستهجن اقدام الولايات المتحدة لاصدار قرارت من خلال الامم المتحده لزيادة التوتر في افغانستان ويعتبر ان الممارسات الامريكية ذات معايير مزدوجة. هذه حقا كلمات شديدة تخللها تعنيف ومحاضرة للولايات المتحدة التي تعودت ان تلقي محاظراتها على العالم أجمع ومن الواضح ان الصينين يريدون من هذه الكلمات ايصال رسالة اننا دولة عظمى الان وهندما تخاطب دولى عظمى يجب ان تتغير نبرتك في فرض ارادتك علينا. 

وأعرب بلينكن عن تفهمه واحترامه لشواغل الصين بشأن القضية الأفغانية.

الصدمة واضحة على بلينكن حين لم يجب بشيء على كل ما طرحه وانغ يي والواضح ايضا ان لم يتوقع شيئا من هذه النبرة المرتفعة من الصينين بل انه لم يتوقع المحاضرة المطولة للوزير يانغ يي.

وفيما يتعلق بالعلاقات الصينية-الأمريكية، أشار وانغ إلى أن البلدين أجريا اتصالات حديثا بشأن قضايا مثل الوضع في أفغانستان وتغير المناخ.

وأوضح أن الحوار أفضل من المواجهة، والتعاون أفضل من الصراع، مضيفا أن الجانب الصيني سينظر في كيفية الانخراط مع الولايات المتحدة بناء على موقفها تجاه الصين.

هذه الكلمات القليلة تبين بما لا يقبل الشك ان الصينيون مستاؤون من الطريقة الامريكية في التعامل الثنائي وان الاسلوب الامريكي ان لم يتغير فالصين لها كلام آخر.الوزير الصيني يشيربوضوح الى الاعلام الامريكي والى الاستفزاز العسكري في بحر الصين وان الصين تفضل لغة الحوار على لغة المواجهة ولكن الاهم هي الكلمات الاخيرة " الجانب الصيني سينظر في كيفية الانخراط مع الولايات المتحدة" فالذي نفهمه من هذه الكلمات ان استراتيجية الصين قادمة على التغيير فاسلوب الحوار دام من طرف واحد فانه لن يحصل اي تقدم عند مناقشة اي موضوع واذا كانت الولايات المتحدة تفضل لغة المواجهة فإن الصين ستقوم بذلك أيضا وهي قادرة على ذلك

وقال إنه إذا كان الجانب الأمريكي يأمل كذلك في إعادة العلاقات الثنائية إلى المسار الصحيح، فعليه أن يكف عن تشويه سمعة الصين ومهاجمتها بشكل أعمى، وأن يتوقف عن تقويض سيادة الصين وأمنها ومصالحها التنموية.

وهنا تأكيد على ما ذكرت في الفقرة السابقة بالاضافة الى اشارة الى تقويض سيادة الصين وامنها في اشارة الى الدور الذي تقوم به امريكا في هونغ كونغ وتايوان من تأجيج للاحزاب المحلية والمجموعات الغير حكومية ضدها، ولكنه يضيف امرا جديدا " تقويض المصالح التنموية الصينية" وهذا أمرهام لانه يأتي في سياق السيادة والامن فهو يخص ما تفعله امريكا داخل هونغ كونغ وتايوان من تعزيز للقيم الغربية من خلال التعليم والثقافة والنظام الرأسمالي وهو ما يوضح ما تخطط له الصين بما يخص الكيانين اللذان تعتبرهما الصين جزءا لا يتجزأ من الجمهورية الصينية .

وأضاف أنه يتعين على الجانب الأمريكي أن يأخذ على محمل الجد القائمتين اللتين قدمتهما الصين إلى الولايات المتحدة خلال المحادثات في تيانجين، وكذلك المطالب الأساسية الثلاثة كخطوط أساسية تتمسك بها الصين بقوة.

وأشار وانغ إلى أن الصين تعارض بحزم ما يسمى تقرير التحقيق بشأن أصول فيروس كورونا الصادر عن الاستخبارات الأمريكية حديثا.

وقال إن تسييس تتبع الأصول عبء سياسي خلفته الحكومة الأمريكية السابقة، مضيفا أنه كلما أسرع الجانب الأمريكي في التخلص من هذا العبء، كان من الأسهل الخروج من المأزق الحالي.

كما قال وانغ إن الصين تحث الولايات المتحدة مجددا على التوقف عن تسييس تتبع أصول الفيروس، والتوقف عن الضغط على منظمة الصحة العالمية، والتوقف عن تقويض تضامن المجتمع الدولي ضد المرض والتعاون العلمي العالمي بشأن تعقب الأصول والتدخل في كل منهما.

الوزير الصيني كان قد قدم قائمتين لويندي شيرمان نائبة بلينكن أثناء زيارتها ويبدو ان القائمتين يشملان مجموعة من المطالب الصينية ولما تجاهل الامريكيون الاجابة عليها استغل وانغ يي الفرصة ليذكره بهما وربما ما بلغه في هذه المكالمة جزء من تلك المطالب

وقال بلينكن إن الولايات المتحدة لا تعتزم إلقاء اللوم على أي دولة في تتبع أصول الفيروس. وبصفتهما دولتين رئيسيتين، تتحمل كل من الولايات المتحدة والصين مسؤولية توفير كافة المعلومات اللازمة، والتحقيق الشامل في أصول الفيروس وتجنب تكرار حدوث جائحة.

وأعرب عن استعداد الولايات المتحدة للبقاء على اتصال مع الصين في هذا الصدد.

اضطر بلينكن في نهاية الحديث الى الاذعان عندما قال "بصفتهما دولتين رئيسيتين" نسبة الى حجم الصين الدولي الذي ساوى فيه كلتا الدولتين من ناحية التاثير. أعتقد ان بلينكن تلقى درسا لن ينساه بل ان الادارة الامريكية تلقت هذا الدرس ايضا وانها اي الولايات المتحدة لن تستطيع ان تستمر في معاملة الصين بقلة الاحترام فالوزير الصيني كان واضحا للغاية فإما ان تحترمون مطالبنا واما لن تلقون منا المساعدة التي تريدون. عندما تنقل الصين هذه المكالمة بكل تفاصيلها فهي تريد العالم ان يقرأها فهي تتحدث عن نفسها واهتماماتها وامنها وسيادتها بل خطوطها الحمراء كلها وذلك لا يشمل الولايات المتحدة فحسب بل انه اعلان للجميع عن التغيير القادم في العلاقات التي تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع الجميع وان الخلافات لا تحل الا بالحوار وان اسلوب الكاوبوي الامريكي هو زمان قد انتهى، وأول بشائر هذه الرسالة ظهرت اليوم عندما طالب ممثل كتلة الاحزاب الاوروبية المحافظة في الاتحاد الاوروبي مانفريد فيبر تأسيس جيش اوروبي بعد نقاش حول جدوى الاعتماد على الجيش الامريكي في اوروبا مما يعكس نفس التوجس الصيني من التصرفات المتهورة للولايات المتحدة.


السبت، 11 سبتمبر 2021

الجيوسياسة بعيون غاز السيل الشمالي 2

ما أن تصدر خبر انجاز خط الغاز الروسي السيل الشمالي 2 حتى بدأ الاوكرانيون يندبون حظهم وفي نفس الوقت يهددون ويتوعدون من خلال رئيسهم الذي قال " ان حربا شاملة قد تندلع بيننا وبين الروس بسبب خط الغاز الجديد نورد ستريم 2". وكانت المستشارة الالمانية قد زارت كييف نهاية اغسطس الماضي لتطمئن الاوكرانيين وتحاول ايجاد صيغة اوربية لحل ليس مشكلة اوكرانيا يل شرق اوروبا ايضا.

فما أهمية خط انابيب الغاز هذا للاوكرانين؟ ولماذا ألتف الروس بهذا الخط ليحرموا اوكرانيا من الغاز؟ وهل هو فعلا سلاح جيوسياسي فعال كما يقول الاوربيون والامريكان؟

انابيب الغاز الروسية كانت تمر على اوكرانيا وبولندا وبلروسيا (روسيا البيضاء) وهي الدول بالاحمر كما في الصورة اما خطوط السيل الشماليةN1,N2 فهي تعبر بحر البلطيق مباشرة بين روسيا والمانيا وكان السيل الشمالي 1 قد انجز عام 2011 بقدرة 55 مليار متر مكعب ومع انجار خط السيل الشمالي 2 وبدء الضخ في ديسمبر من هذا العام فسيصل الى المانيا ما مقداره 110 مليار متر مكعب من الغاز سنويا




هناك اسباب متعددة لانزعاج الامريكيين والاوربيين وبينهم الاوكرانيين بالخصوص من خطوط الغاز الروسية سأعددها:

1 - اوكرانيا سنفقد 2 مليار دولار اجور الترانزيت سنويا وستفقد كل من بلروسيا وبولندا 500 مليون دولار سنويا

2- هذه الدول ستفقد اهميتها الجيوسياسية بالنسبة لاوروبا كدول ترانزيت للغازوبالذات اوكرانيا التي سعت حثيثا للاانضمام للاتحاد

3 - الاتفاق الالماني الروسي يقلق الاوربيين والامريكان على حد سواء 

4 - التخارج العسكري الامريكي من العالم واوروبا خاصة.

5 - تعاظم النفوذ الالماني في اوروبا فأجورالترانزيت والتوزيع على اوروبا اصبحت بايدي المانية الان

اذا تغاضينا عن النقطة الاولى رغم اهميتها الاقتصادية لاوكرانيا التي تعاني من تدهور اقتصادي يتمثل بهبوط 5% من ناتجها الاجمالي السنوي بسبب جائحة كورونا التي منعت الكثير من السياح زيارتها كما انها لم تحل مشاكلها بما يتعلق بالملكية العقارية الامر الذي أبعد الكثير من المستثمرين. النقطة الثانية هي مصدر قلق الاكرانيين فالامر الذي كانت تلوح به اوكرانيا وتظهر اهميتها لاوروبا هو خط الغاز الروسي الذي يمر باراضيها ويتوزع الى اوروبا ومع ذلك كان الاوربيون متوجسين من اوكرانيا الامر الذي دعا وزير الامن والدفاع لشتم الالمان والفرنسيين على التلفزيون لانهم لم يفوا بوعودهم بالوقوف معهم في ازمتهم مع روسيا وانضمامهم للااتحاد الاوروبي، فهم جيران لدولة عظمى عسكريا كروسيا التي تسلح الثوار في شرق اوكرانيا كما احتلوا جزيرة القرم وفي نفس الوقت الاوربيون تقاعسوا عن الدعم لان لهم مصالح مع روسيا خاصة فيما يتعلق بالطاقة. الاوكرانيون تعلموا الدرس ولكن بالطريقة الصعبة والتي مع استمرار الضغوط الاقتصادية والاهمال الغربي لها قد لا يجد زيلنسكي نفسه رئيسا في الانتخابات القادمة او ربما قبلها ولكن من سيأتي بعده لن يجد بدا سوى من التقارب مع روسيا. 

اما النقاط المتبقية فهي تقلق جميع الاوربيين فالتاريخ الروسي الالماني متارجح ما بين علاقات وطيدة وخلافات ولكن ما يخشى منه الاوروبيون والامريكان هو توطد العلاقات بين العملاقين الاوربيين فالتاريخ يذكر ان العلاقات بدأت بالتوطد من عام 1682حين حكم بطرس الكبير روسيا واستمر حكمه حتى عام 1725 عندما اعتلت زوجته كاثرين عرش الامبراطورية الروسيه. في هذه السنوات فتحت الامبراطورية الروسية ابوابها للالمان الذين ساهموا في تطوير وتنمية النظام الصحي والتعليمي والعسكري فتركت البصمة الالمانية في كل ذلك . وتوطدت العلاقات اكثر بعد الانتصار الروسي الكبير على نابليون عام 1812 على يد القيصر الروسي الكسندر الاول فلقي هذا الانتصار ترحيبا كبيرا من بروسيا التي كانت تحت الاحتلال الفرنسي لنابليون وجاء نتيجتها توحيد المانيا على يد فردريتش فالهالم الثالث. استمرت العلاقات الوطيدة ما بين الروس والالمان في الفترة ما بين الحربين العالميتين حيث كانتا منبوذتان في اوروبا فعملا سويا الى ان اتت الحرب الثانية لتنهار كل تلك العلاقات. المانيا بعد الحرب انقسمت ولكنها كانت تعلم ان لا اوروبا دون روسيا فالالمان يعيشون حتى يومنا هذا شعورا مختلطا مع الروس فهم يتعاطفون معهم لمعرفتهم العميقة بهم وفي نفس الوقت يخشون ان الضغط المستمر على الروس قد يولد انفجارا في اوروبا لذلك كانت علافتهم دائما الاستباق الى الحوار وهو ما بدا واضحا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي حيث سارع الالمان للمساعدة ولكن اصابتهم خيبة الامل حين وجدوا ان الروس حينها ليسوا معنين بالتنمية الى ان جاء ديميتري ميدفيدف عام 2008 وبعده بوتين حيث عادت العلاقات الى عام 2014 حين احتل الروس جزيرة القرم فامتعض الالمان كثيرا فصاروا جزءا من سياسة العقوبات الامريكية. .

بعد هذه المقدمة التاريخية يتخوف الاوربيون من اية تقارب روسي الماني فأسس الجيوسياسة تقوم على التاريخ ودائما التاريخ يعيد نفسه فرغم الحذر بين الطرفين الا ان الالمان لن يتوقفوا من استيراد المواد الخام الروسيه ولن يتوقف الروس من استيراد الصناعات الالمانية المتفنة ويبقى التقارب الثقافي متميزا ببينهما اما في السياسة فلا ننسى ان ميركيل رغم رفضها لخط انابيب السيل الشمالي في البداية الا ان مجموعة لا بأس بها داخل حزبها الديمقراطي المسيحي عارضتها واجبرتها على الموافقة فلذا لا نستهين بالنفوذ الروسي داخل أروقة السياسة الالمانية. 

وتبقى الاسئلة: في خضم شتاء اوروبا القارص، ورغبة الاوربيين بمصدر طاقة رخيص ونظيف، ماذا سيتبقى من العقوبات الامريكية على روسيا من طرف الاوربيين؟ وأين سيكون موقع العلاقات الروسية الالمانية مستقبلا؟ وهل سيفرضان نفسيهما القوى العظمى في اوروبا؟ سننتظر ونراقب  


الأحد، 5 سبتمبر 2021

هل استوعب العدو درس الصواريخ السورية؟؟؟

 مرة أخرى يعتدي الكيان الصهيوني على سوريا ومرة أخرى تسقط الدفاعات السورية تلك الصواريخ وتبعث برسالة الى شمال تل أبيب وهي عيارة عن صاروخ انفجر فوق البحرولكن نقلا عن موقع المونيتور فقد سمع الانفجار في غوش دان قرب تل ابيب كما نقلت عن موقع كان الاخباري هذه الصورة، فهل كان هناك صاروخان؟ 


  ان كان صاروخا او اثنين فالرسالة  قد وصلت الكيان بل عاصمة الكيان ومصنع القرار وقبل ان نسترسل لا بد ان نسأل أنفسنا، قد تكون هذه المرة الرابعه لاسقاط صورايخ الكيان فلما الاستمرار؟ ما موقف الروس؟ وما مكنون الرسالة الصاروخية لتل أبيب؟

من 19 وحتى 25 يوليو نفذ العدو 3 هجمات صاروخية على سوريا وواحدة في اغسطس الماضي وفي كل مرة كان الادميرال الروسي فانديم كوليت مساعد مدير المركز العسكري الروسي في سوريا يظهر بتصريح يؤكد فيه سقوط معظم الصاريخ نتيجة لنجاح الدفاعات السورية للتصدي لها باستخدام الصواريخ الروسية Buk-M2 متوسطة المدى. هذه التصاريح من شخصية عسكرية روسية مرموقة لن تتم حتما دون موافقة وزارة الدفاع في  موسكو التي بدورها نقلا عن صحيفة الشرق الاوسط يوم 24 يوليو" قد سئمت ونفذ صبرها من الممارسات الصهيونية" وذلك رغم وجود غرفة بين الطرفين الروسي والصهيوني يحذر فيها الروس العدو من التأثير على اي من العمليات العسكرية او اماكن تواجد قواته بعد حادث الطائرة الروسية اليوشن -20 عام 2018 والتي استقدم الروس بعدها نظام S-300 الامر الذي بدأ يجبر العدو باطلاق صواريخة من خارج الحدود السورية .

لا بد ان المخطط العسكري في كيان العدو يفكر مليا الان قبل اطلاق هجومه على سوريا، فصواريخه تسقط متلازما مع استياء روسي واخيرا رسالة او رسالتين سورية ممثلا بصاروخ او اثنين يسقطان قرب عاصمة الكيان ولكنه رغم ذلك يقدم عليه وذلك بسبب:

1 - لشعوره بالعجز عن القيام بأي أمر آخر

2 - سوريا بدات تنفض غبار حرب دامت 10 سنوات لتنهض اقوى وأشد تمسكا بمبادئها

3 - الصهاينة يقرأون جيدا سوريا ما بعد الحرب ولابد ان احدى قراءاتهم اصابتهم بالذعروأفزعتهم.

4 - الان الوجود الروسي العسكري والاقتصادي وغدا سيجتمع معه الصيني الذي يأتي بمشاريع اقتصادية ضخمة لذا هو يحاول المستحيل كي لا يرى المستثمر الجديد فرصة آمنة لاستثماره 

5 - الكيان لا يريد ان يرى سورية قوية اقتصاديا وسياسيا وعسكريا في آن واحد 

6 - العدو يرى نفسه وحيدا فرغم قربه من الامريكي الا انه يعرف ان أقصى ما يمكن ان يفعله الامريكي الان هو غض الطرف عن اعتداءاته وادانة السوريين ان قصغوا الكيان.

7 - رؤية قوات الدفاع الجوي السورية تتدرب في صور بثتها المؤسسة العسكرية الروسية في مايو الماضي على منظومات ال Buk-M2 وكذلك S-75 ولم يمضي 3 اشهرعلى تدريبهم واجادة استخدامها فذلك يعني تطورا نوعيا في وسائل الدفاع وكادرا مميزا يفكر عميقا فيها الصهيوني لان ذلك يعني عدم القدرة على التفوق الجوي في الحروب التقليدية القادمة.  

اذن الكيان يرى بأم عينيه الانسحاب الامريكي الوشيك من الشمال السوري قادم وتفاوض قسد للعودة للوطن ومن الشرق تغيير الحكومة في العراق وكل المؤشرات تشير الى سقوط الكاظمي وربما عودة عادل عبدالمهدي مما يعني ان التقارب العراقي السوري سيكون في قمته، ولا يبعد عن ذلك الجنوب السوري حيث المحادثات تسير بايجابية مع الاردن وكذلك ستكون مباحثات في مصر من اجل ايجاد السبل لامداد خط الغاز والكهرباء الى لبنان ناهيك عن التقدم العسكري للجيش السوري في درعا مما يعني ان الجبهة الجنوبية ستكون اكثر امانا.

لذلك لاذ الصهيوني بالامريكي فزيارة بينت لم تتطرق للملف النووي الايراني فقط وانما اراد الصهيوني دورا فاعلا اكبر من الامريكي في المنطقة وان يضغط بايدن على حلفاء امريكا لزيادة التقارب مع العرب فكانت زيارة رئيس الكيان للاردن باكورة هذا التحرك ثم عرض الكيان نسبة التبادل التجاري مع الدول العربية كما في الصورة المخزية للعرب ليبين ان معظم العرب في صفه في رسالة لتطمين الداخل قبل الخارج 


  

استطيع ان اجزم ان الكيان الصهيوني يشعربالخطر الوجودي وانه رغم كل الحيل واالفتن لم يستطيع ازالة الخطر عليه بل هو يرى تعاظم القوة في سوريا كما يعلم تماما ان العرب الذين هم في صفه كما نسوا فلسطين والقدس سينسونه ان حاق به الخطر فهم يدركون انهم في عزلة رغم التكثيف الاعلامي لاظهار عكس ذلك.



 

الاثنين، 30 أغسطس 2021

الجيوسياسة وتجارب الامم

 رغم كتابتي للكثير من المقالات التي تندرج تحت العلم الجيوسياسي إلا أني لم أتطرق للتعريف الخاص بهذا العلم وكيف استخدمته الدول للوصول الى أهدافها والى تنفيذ خططها. لذا في هذا المقال سأتطرق الى وجهات النظر المختلفة للدول وكيفية تعريفها لديهم. الجيوسياسة تحاول ان تدرس العلاقة ما بين الجغرافيا والسياسة وكيفية استخدام هذا التحليل لرسم الخطط في العلاقات الدولية ، بل وأحيانا تتعدى هذه الدراسة هذه الاطر لتدخل قي الدراسات الاستراتيجية والامنية وقد انكبت الدول في العقود الاخيرة على الدراسات الجيو اقتصادية وربما أفضل مثال على ذلك هي المبادرة الصينية لخطة الطريق والحزام والتي كانت تدعى سابقا بطريق الحرير، فهذه الدول تتمتع بمراكز دراسات تقوم بتحاليل معمقة لاقليم ما وذلك بدراسته من جميع الجوانب سياسية كانت ام اقتصادية وديمغرافية. 

منذ النصف الثاني للقرن التاسع عشر وحتى تاريخ الحرب الباردة كان مفهوم الجيوسياسية هو مفهوم استعماري بامتياز تستخدمه الدول العظمى وخاصة بريطانيا التي كانت تتبع اسلوب والد الجيوسياسة البريطاني هالفورد ماكيندر الذي كان يؤمن ان من يسيطر على اسيا الوسطى بامكانه السيطرة على العالم أجمع ومفهومه يرتكز على أن القوة على الارض لها مفعول أكبر من القوة في البحرلذا تبنت بريطانيا الاستعمارية انزال جيوشها والسيطرة العسكرية والسياسية على مستعمراتها رغم قدراتها البحرية، وهذا ما خالفه فيه ألفريد ماهان وهو مؤرخ عسكري أمريكي يؤمن ان السيطرة على البحار تعني السيطرة على طرق التجارة ومن هنا تبنت الحكومات الامريكية المتعاقبة بناء الاساطيل الكبيرة واستطاعت وخاصة بعد الحرب العالمية الثانية من السيطرة على كل الممرات المائية. وكان ألفريد يخالف السياسة التي كانت تتبناها الحكومات الامريكية في فرض طريقتها على الشعوب فهو من قال" على الولايات المتحدة الا تحاول بناء الدول من منظورها للقيم الامريكية في الديمقراطية والمساواة" وهذه المقولة هي تحديدا السياسة التي اتبعها البريطانيين في حكمهم للمستعمرات في الوقت الذي فشل الامريكيون فشلا ذريعا في محاولة فرض طريقتهم على الشعوب. 

الالمان جاؤوا متأخرين نوعا ما على القوى الاستعمارية لكن ذلك لم يمنع فريدريك راتزل وكارل هاسهوفر من ابداء رأيهم في الجيو سياسة حيث ارتكز رأيهما على ضرورة التمدد وكانا يمثلان الدول كالانسان فهو يحتاج جسما صحيا وحالة ذهنية صافية كذلك الدول بحاجة الى أراض خصبة وتضاريس قابلة للدفاع عنها لكي يضمن لها الاستمرار والعمل في خضم الفوضى الدولية. فقدر الجغرافيا في نظرهما اما يستخدم لزيادة القوة او حاجز ومعوق للقدرة على التحرك وهذا الرأي تبناه الروس وما زالوا يفعلون فالروس لا يرغبون بأية دولة قوية او معادية في حدودهم الجنوبية والغربية لانها لا تستطيع الدفاع عنها ولانهما رئة روسيا للتجارة والنفوذ،  لذا كان الروس في صراع دائم مع الاتراك ومن هنا ايضا تبرز اهمية جزيرة القرم للروس. أما في الجهة الغربية فعيون الروس كانت دائما شاخصة على اوروبا وهذا ما حاول الغرب استغلاله في موقع اوكرانيا والتي تعرف تماما حساسية الروس من المنطقة الغربية.  

قد يكون الصينيون اكبر المستفيدين من كل هذه الافكار والتجارب بل واضافوا عليها امرا جديدا وهو الشق المرافق للجيوسياسة الا وهو الجيو اقتصاد، فالصينيون يربطون علاقاتهم الدولية وصداقتهم بالاقتصاد من خلال بناء الدول المحتاجة ويزيدون عليها بافكارهم واستثماراتهم ومشاركتهم بالتكنلوجيا الحديثة رغم انهم لم يتركوا تلك التجارب السابقة فهم يبنون جيشا جرارا وبحرية ضخمة ولا يقبلون من احد الاقتراب من بحر الصين جنوبا او شرقا تماما كتفكير الروس كما انهم يشاركون البريطانيين فكرتهم بأهمية اسيا الوسطى وقد تمكنوا منذ عام 2013 من الدخول ومشاركة الروس في مشاريع عملاقة مع دول الاتحاد السوفيتي السابق. استشعرت الولايات المتحدة الخطر الصيني على هيمنتهم على العالم فلم يخفي ترمب الامر عندما قال " ان الصين تعتبر التحدي الجيوسياسي الاول على امريكا وعلى هيمنتها على العالم " . لذا عمد الامريكان الى سياسة جديدة ضد الصين، فبدل المواجهة فضل الامريكان سياسة الاحتواء فجمعوا ما يسمى بالقوى الرباعية التي تشمل استراليا واليابان والهند بالاضافة للولايات المتحدة دون ادنى مراعاة من طرف الصين التي تمضي في سياساتها دون الالتفات لما يقوم به الامريكان فلغة الارقام تتحدث بوضوح عن التفوق الصيني والصورة التالية من الايكونومست تظهر مقدار هذا التفوق وكيف نجحت الصين من خلال سياساتها الجيوسياسيه من خلق شركاء تجاريين في غضون 20 عام


في الاقليم تعتبر ايران دولة صاعدة في هذا العلم وربما افضل مثال هو علاقة ايران بحركة طالبان وقد استقيت هذه المعلومات من مقابلة للدكتور محمد مراندي من جامعة طهران حيث قال:بعد هزيمة طالبان من القوات الأمريكية وتحالف الشمال عام 2001 انعزلت طالبان تماما وحتى من المقربين لها في باكستان الذين لم يستطيعوا ان يقدموا اي شيء للحركة.إيران في المقابل عاملتهم بطريقة مختلفة فرغم الدعم الإيراني لتحالف الشمال والذي انتصر في النهاية ورغم مقتل 4 دبلوماسيين إيرانيين في القنصلية الإيرانية على يد طالبان والاعتداءات المتواصلة من طالبان على الأقليات كالطاجيك والأوزبك وكذلك الهزارة  الا ان ايران بدأت بالحديث مع طالبان ولم تتدخل عسكريا في أفغانستان .

في عام 2011 بدأت تتطور المحادثات بين الطرفين ولقيت إيران تشجيعا من التغيير الجذري الذي حصل في تنظيم طالبان عندما خلع الكثير من القياديين المتصلبين والذين لم يوافقوا على التغيير. تركزت هذه المحادثات إبان الاحتلال الأمريكي لأفغانستان على أمور أربع:

1 – عدم التعرض للأقليات

2 – عدم زعزعة أمن الحدود مع إيران

3 – ألا يعقدوا أية صفقات مع الامريكان

4 – عدم الدخول في حرب أهلية

صدقت طالبان في وعودها ومازال الإيرانيون يراقبون الاوضاع في افغانستان و يتباحثون مع دول الجوار وتكون ايران قد نجحت  بحماية حدودها من جهة وضمنت بقاء الخط التجاري مفتوحا مع افغانستان وربما تحديث طريق الحرير بعد وصول الصين وحركة طالبان الى تفاهمات جديدة خاصة بعد وصول العلاقات الصينية الايرانية الى مراتب عالية ضمنت اخيرا مقعدا لايران في منظمة شنغهاي للتعاون فأصبحت جزءا من منظومة اقتصادية هائلة.

كخلاصة فاننا نلاحظ بوضوح الفوارق ما بين الامم في سياساتها الدولية وتعاملها مع الدول بناء على الدراسات الجيوسياسيه وعلينا كدول متلقية لهذه الاستراتيجيات ان ندرس سياسات الدول والتي تنشر هذه الدراسات على الملأ بأن نسلك طريقا يفيد أمتنا ويحفظ كرامتنا، فاتباع الولايات المتحدة والائتمار بأمرها يجب ان نضعه وراءنا فقد انتهى عصر القطب الواحدوباتت الولايات المتحدة تتلقى الهزيمة تلو الاخرى،ولا أبلغ من قول  عميد السياسات الخارجية الامريكية هنري كيسنجر حين قال " ان تكون عدوا للولايات المتحدة فذلك أمر خطر وأما أن تكون صديقا لها فذلك أمر مهلك"



الجمعة، 13 أغسطس 2021

مؤتمر الكاظمي - رسالة الامريكان - تفكيك الكيان

أدهشتني الدعوة التي وجهها رئيس وزراء العراق السيد مصطفى الكاظمي لدول الجوار العراقي لحضور مؤتمر نهاية أغسطس في بغداد على مستوى القمة ثم تم التعديل لاجتماع وزراء الخارجية لكل دول الجوار أضف اليهم فرنسا وربما مصر ولبنان بغرض المصالحة والبحث في الشؤون الامنية والاقتصادية. قد يكون العنوان اجتماع لدول الجوار ولكن المضمون حتما أعمق من ذلك بكثيرفهويأتي بعد زيارة الكاظمي لواشنطن مما يجعل الامر واضحا انها رغبة امريكية، ولكن يبقى السؤال كيف سيجلس الجانب التركي بالقرب من الجانب السوري او حتى السعودي؟ كيف يمكن لحرب عمرها 10 سنوات وما زالت مستعرة تجمع المتخاصمين على طاولة واحدة؟ وما الدور الذي تريده الولايات المتحده من جميع الاطراف؟ ولماذا أسند هذا المؤتمر الضخم للعراق وفي هذا التوقيت؟

قبل الخوض في محاولة اجابة هذه التساؤلات لنطرح مسلمات السياسة الامريكية في المنطقة:

1 - أمن كيان العدو الصهيوني

2 - تهميش الدور الصيني - الروسي في المنطقة

3 - تحجيم نفوذ المحور الذي تقوده ايران في المنطقة

4 - ضمان استمرار تدفق الطاقة من الخليج الى العالم وبالدولار الامريكي

وهنا الامريكي أمام أمرين وهما اما أنه يريد ايصال رسالته وفيها تهديد ووعيد وهذا مستبعد جدا فهو ينسحب من افغانستان والعراق ومستعد للانسحاب من سوريا وهو قد أعلن عن فلسفته الجديدة كما طرحها بايدن في مؤتمره بتاريخ 8-7-2021 يوم اعلان انسحاب قواته من اقغانستان حين قال "20 عاما صرفنا فيها المليارات وارواح اكثر من 2000 جندي امريكي حققنا اهدافنا ونحن نهم بالرحيل" والعالم اجمع يعرف انه لم يحقق سوى هدف واحد وهو القضاء على اسامة بن لادن فقط اما بقية الاهداف فبمجرد متابعة اخبار افغانستان اليوم تتضح للمتابع وبسهولة حجم الهزيمة الامريكية التي ليس فقط لم تقضي على القاعدة وداعش بل من المحتوم ان تتمكن طالبان من السيطرة على الحكم هناك ، لذا رسالة التهديد والوعيد مستبعدة. اما الامر الاخر المتاح له هو الحوار والتفاوض والحقيقة أنه بمجرد قبول فكرة الحوار والتفاوض فهو يقر انه لم يعد قادرا على ضمان أي من النقاط الاربعة التي ذكرت، وهو يريد التفاوض للخروج بأقل الخسائر الممكنة

يجد الامريكي في شخصية مصطفى الكاظمي القدرة على التواصل مع جميع الاطراف وفي نفس الوقت القبول بطرح الاجندة الامريكية فالامريكان يتابعون الوضع العراقي بدقة ويعلمون ان الانتخابات باتت على الابواب وان فرصة الكاظمي تبدو ضعيفة مما يعني ان عودة عادل عبدالمهدي اصبحت واردة جدا ومما يعني ان تمرير اجندتهم اصبحت مهمة شبه مستحيله، لذا فمن المهم جدا بهذا التوقيت اعطاء الضوء الاخضر للكاظمي للقيام بهذا العمل لتلميع صورته امام الناخب العراقي وفي نفس الوقت بحجة الاستمرارية ومتابعة قرارات هذا المؤتمر الضخم الذي قد يتطلب شهورا وربما اكثر بعد ان يتم انتخابه. ولكن كيف سيستطيع ان يقنع سوريا بالجلوس مع الاتراك وهم يقتطعون الجزء الشمالي من سوريا؟ الحقيقة ان الحكومة السورية كانت جزء من مؤتمر استانا الذي ضم روسيا وتركيا وايران والمعارضة واستمع الوفد السوري لكل الاراء وابدى وجهة نظرة ، ولما لم تتفق الاراء لم تتقدم المفاوضات .اليوم سوريا ليست كما كانت عام 2017 فالروسي والصيني يعملان جنب الى جنب داخل سوريا وللتو انتهت من انتخابات رئاسية ، ووقعت اتفاقية الطاقة الاستراتيجية مع الصين كما انها  في غاية الاصرار على خروج القوات التركية قبل اي حديث، فلذلك ما حصل بعد استانا سيحدث في بغداد، فهل سيقدم الكاظمي شيئا يكون حافزا لاستمرار المفاوضات كرفع العقوبات او انسحاب القوات الاجنبيه الغير شرعية؟ لا اعتقد ذلك فمجرد توزيع الدعوات دون التمهيد من خلال لقاء جميع الاطراف مسبقا والتحضير الجدي لن يجدي نفعا !!!

ايران التي تعرضت لاعتداءات من جانب العدو الصهيوني على بواخرها ومنشأتها النوويه وغيرها ردت على تلك الاعتداءات باصابات عدة لسفن الكيان فبدى الامر وكأننا مقبلون على حرب وصل فيها الامريكي باستنتاج عواقبها الكارثية على الكيان، فلا بد ان الامريكي حمل الكاظمي مسؤلية التهدئة لتكون جزءا من مباحثات بغداد، فهل في جعبة الكاظمي ضمان امريكي بعدم الاعتداء من الجانب الصهيوني مستقبلا او تخفيفا للعقوبات؟ حتى لو سلمنا بذلك جدلا يكون الكاظمي قد أخطأ الحسابات فلو راجع الشخصيات التي استقبلها الرئيس الايراني الجديد ابراهيم رئيسي بعد تنصيبه لوجد انه استقبل كل قادة المحور دون استثناء بمعنى ان هذا المحور يعمل كوحدة واحدة مما يعني ان الضمان المقبول هو بعدم اعتداء الامريكان والصهاينة على كل من ايران، لبنان، فلسطين والعراق شاملا جميع الفصائل وهو ضرب من الخيال لا يمكن تحقيقه لعدة اسباب لعل أهمها ان هذا الكيان ليس سوى مجموعة من العصابات وظيفته مشروع استعماري يخلق الفتن في كل مكان في العالم العربي ومتى ما سنحت له الفرصة اغتنمها ضاربا بعرض الحائط كل الاتفاقيات والتعهدات والضمانات والسبب المهم الاخرهو حال الانقسام السياسي الذي تتنافس فيها القوى لاسباب مختلفة لضمان تقدمها في الانتخابات وذلك باظهار عدائها الواضح من خلال الاعتداءات على الفلسطينين او الاستيطان او حتى الهجوم العسكري وباختصار ان هذا الكيان لا يوجد في قاموسه كلمة سلام ناهيك عن السلام العادل والشامل الذي يضم حق العودة والقدس !!!!

بعد كل ما سبق هل حكم على مؤتمر بغداد بالفشل؟ قد يكون من السابق لاوانه الحكم فكيفية ادارة هذا المؤتمر هي الحكم فان كان واقعيا ويترجم الاوضاع كما هي على الارض ووظيفته حلحلة بعض العقد هنا وهناك وسقف المطالب ضمن الحدود وكسر الجليد، ربما، وان كانت مجرد رسالة من الامريكي تعد الجميع بالسلام والمساهمة المالية في قطاعات مختلفة فالمنطقة اصبحت لا تهتم بهكذا رسائل وتعتبرها نوعا من المخدروأخيرا ان كان المؤتمر للمقايضة على أمن كيان العدو الصهيوني كان في سوريا او لبنان او فلسطين فمصيره الفشل الحتمي ذلك ان الكيان قد ظهرت عورته في 2021 رغم كل الدعم الذي يلقاه الا انه واهن وهش وفي طريقه للتفكيك والزوال.

وأخيرا استطيع القول انه كما هزم الامريكي في في شرق ووسط اسيا ها هو اليوم يستجدي السلام والهدوء في غرب اسيا كأنه لا بعلم ان "تفكيك الكيان" (وهو مصطلح ابتكره المفكر العربي الكبير ناصر قنديل) اصبح في الافق ولا عودة عنه، وهو اعادة الزمن لعام 1948 عندما لم يكن للكيان الصهيوني وجود وفيها يعود الحق لاصحاب الحق وتسقط فيها اخر معاقل الاستعمار في الوطن العربي. 






 


الجمعة، 23 يوليو 2021

الولايات المتحدة ....نهاية امبراطورية

 

رغم المساؤى المتعدده للرئيس ترمب الا أنه كان من النوع الذي لا يخفي شيئا، مما شكل معضلة لادارته والدولة العميقة التي حرصت ألا ينتخب مرة أخرى، ففي الوقت الذي كان يضغط فيه الديمقراطيون على مسألة واحدة وهي التدخل الروسي في الانتخابات الامريكية رفض ترمب الامر بشكل قاطع وأكد الامر اثناء لقاءه مع بوتين في هلسنكي حين خرج على الصحفيين قائلا أن "الروس لم يفعلوا شيئا، هكذا أخبرني بوتين ولا يسعني الا ان أصدقه" مما اغضب الديمقراطيين كثيرا وكذلك الدولة الامريكية العميقة التي لا يهمها اذا تدخل بوتين في الانتخابات الرئاسية أم لم يتدخل لكن ما يهمها هو تحجيم روسيا وتحجيم طموحاتها في ان تكون دولة عظمى كما كانت.

في المقابل لم يتردد ترمب لحظة في الضغط على الصين حين فرض رسوما إضافية على الواردات الصينية وكان هذا الضغط آنيا وقابلا للتفاوض والهدف منه تكسب انتخابي لا أكثر ولا أقل، ولم يمضي وقت طويل حتى فرض الصينيون رسوما بالمثل مما أثارالشركات الامريكية ضد خطة ترمب وأثار حفيظة ادارته والدولة العميقة التي تعلم تماما ان الصين تملك 1.1 ترليون دولار من صكوك الخزينة الامريكيه وهو ما يعادل 4% من ديون الولايات المتحدة البالغة حتى الان 28 ترليون دولار وتكون بذلك الصين أكبر مشتري للديون الامريكية في العالم، لذا كانت تعلم إدارة ترمب أنه اذا ما قرر الصينيون بيع هذه الصكوك سيكون لذلك عظيم الأثر سلبا على الاقتصاد الأمريكي.

الواضح ان هناك دولتان وهما الصين وروسيا في طريقهما للصعود بسبب تعاونهما سويا مقابل هبوط للامبراطورية الامريكية ولا يملك بايدن أمرا سوى إدارة أفول هذه الإمبراطورية للحد من الخسائر ورسم طريق للتعامل مع هذين الماردين الصاعدين، فبدأ بالخروج من آسيا وما أفغانستان والعراق الا نموذجين لذلك وسيعقبهما خروجه من سوريا مع محاولة الإبقاء على صفوف داخل هذه الدول تدين بالولاء لامريكا لضمان تدفق السلع وطرق التجارة مع الولايات المتحدة .

لم يكن الوضع في أوروبا بأفضل حال فبايدن لم يستطع إيقاف أو تعطيل خط السيل الشمالي – 2 الذي سينقل الغاز الروسي الى ألمانيا في اغسطس او سبتمبرمن هذا العام بأنابيب تحت بحر البلطيق ولكن بطريقة إلتفافية حول أوكرانيا(أي حرمان اوكرانيا من اجور الترانزيت) التي كانت تأخذ ضرائب ترانزيت سنوية تقدر ب 3مليار دولار(مصادر اوكرانية) على خط السيل الشمالي-1 مما أثار الاوكرانيين فظهراوليسكي دانيلوف وزير مجلس الامن والدفاع الأوكراني على التلفزيون المحلي ليشتم علانية الالمان والفرنسيين ويوبخ الامريكان الذين تخلوا عن أوكرانيا بعدم إدخالها حلف الناتو او إلغاء خط السيل الشمالي -2، وما زاد الطين بلة هو رفض الروس اللقاء مع الرئيس زلنسكي رئيس أوكرانيا حين قال الرئيس بوتين" ماذا هناك لنتباحث به مع زلنسكي فهو قد أعطى إدارة البلد للغرب فاذا اردنا الحديث فسنجريه مع الغرب".

هذا المثال بدات تشعر به كل دول أوروبا خاصة الشرقية منها ولا شيء يعبر أكثر عن هذا الشعور مثل اللقاء الذي اجراه بايدن في بريطانيا مع السبعة الكبار في يونيو الماضي حين حاول بايدن بقوة رأب الصدع الذي سببه ترمب بخلافاته مع الاوربيين في فترته الرئاسية لكي يستطيع ان يخلق تحالفا قويا، ولكن تلك الخلافات ألقت بضلالها على المباحثات حيث ظهر الحرج واضحا على الاوربيين حين طلب منهم بايدن الوقوف معه ضد روسيا وكأن لسان حالهم كان يقول أننا أصبحنا بين السندان والمطرقة. المستشارة ميركيل كانت واضحة "لا إيقاف للغاز الروسي الى المانيا" فألمانيا بحاجة ماسة الى هذا الغاز وتعلم انه لا توجد مقارنة في السعر والتكلفة ما بين الغاز الروسي والغاز المسال الذي قد يأتي من الولايات المتحدة او قطر. فذهب بايدن للقاء يوتين وهو لم يملك الأدوات التي كان يتمنى أن يمكلكها للضغط عليه فكان لقاء وديا سمع خلاله بوتين ما أراد بايدن قوله فرد بالمثل وهكذا انتهى اللقاء.

الامريكان يقرأون جيدا التقارير الاقنصادية التي تظهر تنامي الطلب العالمي على العملة الصينية اليوان فمنذ ان أصبحت العملة الصينية عام 2016 جزء من سلة صندوق النقد الدولي للعملات ذات الاحتياطات الضخمة واليوان يسجل أرقاما كبيرة على الطلب الدولي خاصة قبل سنتين عندما سمحت الصين للمؤسسات المالية العالمية للدخول في السوق المحلي ، ناهيك عن 70 بنكا مركزيا حول العالم في نهاية 2019 بدأوا وضع اليوان في سلاتهم من النقد الأجنبي وعلى هذا المنوال يقول تقرير مورغان ستانلي ان الوقت لن يطول حتى يصبح اليوان ثالث اكبر احتياطي بعد الدولار واليورو. لا تكمن مشكلة الامريكان في هذه المعلومات رغم أنها تقلقهم ولكن ما يسبب مشكلة للامريكان هو التبادل التجاري للصين بالعملة المحلية وخاصة مع الروس حيث بلغ التبادل التجاري في الأشهر الأربعة الأولى من2021 ما يعادل $40.207 مليار دولار، وهذا ما تقوم به روسيا التي طلبت من المانيا الدفع بالروبل او اليورو لشحنات الغاز الحالية والقادمة، وهذا أيضا ما تقوم به ايران في تبادلها التجاري مع الصين وروسيا ، وما يخشاه الامريكان زيادة عدد الدول التي ستتعامل باليوان حين تفرض الصين ذلك .

المثل الشعبي القائل " كل يرى الناس بعين طبعه " ينطبق على الامريكان وسياساتهم الخارجية وتعاملهم مع حلفاءهم وتعاملهم مع الصين وروسيا ، فالامريكان يعتبرون ان لغة المصالح هي اللغة الوحيدة المستعملة بين الأمم واعتقدوا خاطئين ان اللغة التي بينهم وبين الاوربيين هي ذاتها وبحذافيرها ما بين الروس والصينين وهنا كان تشخيصهم خاطئا، فعندما ألقى الرئيس الصيني خطابه الشهير في أوزبكستان بتاريخ 7-9-2013 يدعوهم للمشاركة في طريق الحزام او الحرير، اعتقد الامريكان ان هذا سيزعج الروس لانها منطقة نفوذهم ومصدر قوة روسيا الجيوسياسية وانه سيزعج بوتين بشكل شخصي، ولكن سرعان ما تمخضت مجموعة من الاجتماعات عن ولادة اتفاقية التعاون الصينية اليورواسيوية عام 2018 وذلك على مستوى جماعي اما على المستوى الفردي فقد سبق هذا التاريخ مساهمة روسيا والصين وايران بانشاء العديد من محطات الطاقة والاستثمار في البنيات التحتية لهذه الدول، وكان بوتين من الداعمين الرئيسين لهذه الدول كي تتخذ هذه الفرصة لبناء دولها. حينها فقط اقتنع الامريكيون ان عزل روسيا عن الصين لن يجدي نفعا ولكنهم مازالوا يراهنون على احداث ما قد تساهم بوقف التعاون بينهما ، ولا يقوم الامريكيون بذلك عبثا وإنما في إطار إدارة الأفول القطبي لامريكا.

 

ويبقى السؤال : " الى متى تستطيع الولايات المتحدة الإبقاء على كيان العدو الصهيوني بعد كل هذا" ؟؟؟؟؟؟

القدس أقرب