الأحد، 12 سبتمبر 2021

المكالمة الصاخبة بين بلينكن ووانغ يي

 أنقل لكم وقائع المكالمة الصاخبة التي تمت بين وزيري الخارجية الامريكي والصيني نهاية اغسطس الماضي، هذه الوقائع منقولة عن شينخوا وهي المؤسسة الاعلامية الرسمية لجمهورية الصين باللغة العربية بينما النص الانجليزي موجود على موقع الخارجية الصينية وهو يتطابق تماما مع الترجمة اما موقع الخارجية الامريكي فلم يعطي كل هذه التفاصيل وللقارىء ان يصل الى معرفة السبب مع نهاية قراءة النص. النص الرسمي بالحرف الكبيرالاسود وتعليقي ببين الفقرات بالحرف الصغير الملون.

بكين 29 أغسطس 2021 (شينخوا) أجرى عضو مجلس الدولة ووزير الخارجية الصيني وانغ يي محادثة هاتفية مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن اليوم (الأحد)، وتبادلا وجهات النظر بشأن الوضع في أفغانستان والعلاقات الصينية-الأمريكية.

وخلال المحادثة، قال بلينكن إنه في غضون ذلك الوقت الحرج الذي يقترب فيه الانسحاب العسكري الأمريكي والإجلاء من أفغانستان من نهايته، تعتقد واشنطن أن مجلس الأمن الدولي يجب أن يتحدث بصوت واضح وموحد لإظهار أن المجتمع الدولي يتطلع إلى أن تضمن طالبان الإجلاء الآمن للمواطنين الأجانب وحصول الشعب الأفغاني على المساعدات الإنسانية، وأن تضمن ألا تصبح الأراضي الأفغانية بؤرة للهجمات الإرهابية أو ملاذا آمنا للإرهاب.

كلمات بلينكن هنا تظهراعترافا امريكيا بمدى الفوضى التي تم الانسحاب بها وان كل ما قاله بايدن عن تحقق اهداف الحملة العسكرية على افغانستان لا يعدو كونه هراء فخوف الامريكان من ان تصبح افغانستان بؤرة للارهاب يظهر اما عجز الولايات المتحدة عن محاربة الارهاب والقضاء عليه وإما انها لا ترغب في ذلك، كما يظهرعدم اهتمامها بحلفاءها عندما يطالب بلينكن بالاجلاء الآمن لهم، فلو كان الامريكان يحترمون حلفاءهم لأجلوهم قبل خروج قواتهم. كما يظهرمن جديث بلينكن عندما قال " حصول الشعب الافغاني على المساعدات الانسانية" مدى التهورالامريكي بشعب احتل اراضيه لمدة 20 عاما ليتصدق عليه الان بالمساعدات التي يطلبها من الجميع بدل ان يوفي بالتزاماته كمحتل وان يضمن له العيش الكريم عند خروجه دون اجبار.

وقال وانغ إن الوضع في أفغانستان شهد تغيرات جوهرية، وإنه يتعين على جميع الأطراف إجراء اتصالات مع طالبان وتوجيهها بشكل فعال.

وأضاف أن الولايات المتحدة، على وجه الخصوص، بحاجة إلى العمل مع المجتمع الدولي لإمداد أفغانستان بالمساعدات الاقتصادية وسبل العيش والمساعدات الإنسانية العاجلة، ومساعدة الهيكل السياسي الأفغاني الجديد في الحفاظ على العمل الطبيعي للمؤسسات الحكومية، والحفاظ على الأمن الاجتماعي والاستقرار، والحد من انخفاض قيمة العملة والتضخم، والشروع في رحلة إعادة الإعمار السلمي عاجلا.

هنا يوضح الوزير الصيني ان الولايات المتحدة مسؤولة مسؤولية كاملة بصفتها المحتل عن تهيئة كل ما ذكر الوزير وانغ يي

وأوضح وانغ أن الحقائق أثبتت مجددا أن حرب أفغانستان لم تحقق هدف القضاء على القوى الإرهابية في أفغانستان مطلقا، مضيفا أن الانسحاب المتعجل لقوات الولايات المتحدة والناتو قد يصبح بمثابة فرصة لمختلف الجماعات الإرهابية في أفغانستان للظهور من جديد.

ودعا وانغ الولايات المتحدة، انطلاقا من مبدأ احترام سيادة أفغانستان واستقلالها، إلى اتخاذ إجراءات ملموسة لمساعدة أفغانستان في مكافحة الإرهاب والعنف، بدلا من ممارسة المعايير المزدوجة أو مكافحة الإرهاب بشكل انتقائي.

وأشار إلى أن الجانب الأمريكي يعرف بوضوح أسباب الوضع الفوضوي الحالي في أفغانستان، مضيفا أن أي إجراء يتخذه مجلس الأمن الدولي يجب أن يسهم في تخفيف التوترات بدلا من زيادتها، وفي انتقال سلس للوضع في أفغانستان بدلا من العودة إلى الاضطراب.

الواضح هنا ان الوزير الصيني يعطي الامريكي درسا في البروتكول الدبلوماسي ودرسا في الاخلاق وتحمل المسؤولية كما انه يستهجن اقدام الولايات المتحدة لاصدار قرارت من خلال الامم المتحده لزيادة التوتر في افغانستان ويعتبر ان الممارسات الامريكية ذات معايير مزدوجة. هذه حقا كلمات شديدة تخللها تعنيف ومحاضرة للولايات المتحدة التي تعودت ان تلقي محاظراتها على العالم أجمع ومن الواضح ان الصينين يريدون من هذه الكلمات ايصال رسالة اننا دولة عظمى الان وهندما تخاطب دولى عظمى يجب ان تتغير نبرتك في فرض ارادتك علينا. 

وأعرب بلينكن عن تفهمه واحترامه لشواغل الصين بشأن القضية الأفغانية.

الصدمة واضحة على بلينكن حين لم يجب بشيء على كل ما طرحه وانغ يي والواضح ايضا ان لم يتوقع شيئا من هذه النبرة المرتفعة من الصينين بل انه لم يتوقع المحاضرة المطولة للوزير يانغ يي.

وفيما يتعلق بالعلاقات الصينية-الأمريكية، أشار وانغ إلى أن البلدين أجريا اتصالات حديثا بشأن قضايا مثل الوضع في أفغانستان وتغير المناخ.

وأوضح أن الحوار أفضل من المواجهة، والتعاون أفضل من الصراع، مضيفا أن الجانب الصيني سينظر في كيفية الانخراط مع الولايات المتحدة بناء على موقفها تجاه الصين.

هذه الكلمات القليلة تبين بما لا يقبل الشك ان الصينيون مستاؤون من الطريقة الامريكية في التعامل الثنائي وان الاسلوب الامريكي ان لم يتغير فالصين لها كلام آخر.الوزير الصيني يشيربوضوح الى الاعلام الامريكي والى الاستفزاز العسكري في بحر الصين وان الصين تفضل لغة الحوار على لغة المواجهة ولكن الاهم هي الكلمات الاخيرة " الجانب الصيني سينظر في كيفية الانخراط مع الولايات المتحدة" فالذي نفهمه من هذه الكلمات ان استراتيجية الصين قادمة على التغيير فاسلوب الحوار دام من طرف واحد فانه لن يحصل اي تقدم عند مناقشة اي موضوع واذا كانت الولايات المتحدة تفضل لغة المواجهة فإن الصين ستقوم بذلك أيضا وهي قادرة على ذلك

وقال إنه إذا كان الجانب الأمريكي يأمل كذلك في إعادة العلاقات الثنائية إلى المسار الصحيح، فعليه أن يكف عن تشويه سمعة الصين ومهاجمتها بشكل أعمى، وأن يتوقف عن تقويض سيادة الصين وأمنها ومصالحها التنموية.

وهنا تأكيد على ما ذكرت في الفقرة السابقة بالاضافة الى اشارة الى تقويض سيادة الصين وامنها في اشارة الى الدور الذي تقوم به امريكا في هونغ كونغ وتايوان من تأجيج للاحزاب المحلية والمجموعات الغير حكومية ضدها، ولكنه يضيف امرا جديدا " تقويض المصالح التنموية الصينية" وهذا أمرهام لانه يأتي في سياق السيادة والامن فهو يخص ما تفعله امريكا داخل هونغ كونغ وتايوان من تعزيز للقيم الغربية من خلال التعليم والثقافة والنظام الرأسمالي وهو ما يوضح ما تخطط له الصين بما يخص الكيانين اللذان تعتبرهما الصين جزءا لا يتجزأ من الجمهورية الصينية .

وأضاف أنه يتعين على الجانب الأمريكي أن يأخذ على محمل الجد القائمتين اللتين قدمتهما الصين إلى الولايات المتحدة خلال المحادثات في تيانجين، وكذلك المطالب الأساسية الثلاثة كخطوط أساسية تتمسك بها الصين بقوة.

وأشار وانغ إلى أن الصين تعارض بحزم ما يسمى تقرير التحقيق بشأن أصول فيروس كورونا الصادر عن الاستخبارات الأمريكية حديثا.

وقال إن تسييس تتبع الأصول عبء سياسي خلفته الحكومة الأمريكية السابقة، مضيفا أنه كلما أسرع الجانب الأمريكي في التخلص من هذا العبء، كان من الأسهل الخروج من المأزق الحالي.

كما قال وانغ إن الصين تحث الولايات المتحدة مجددا على التوقف عن تسييس تتبع أصول الفيروس، والتوقف عن الضغط على منظمة الصحة العالمية، والتوقف عن تقويض تضامن المجتمع الدولي ضد المرض والتعاون العلمي العالمي بشأن تعقب الأصول والتدخل في كل منهما.

الوزير الصيني كان قد قدم قائمتين لويندي شيرمان نائبة بلينكن أثناء زيارتها ويبدو ان القائمتين يشملان مجموعة من المطالب الصينية ولما تجاهل الامريكيون الاجابة عليها استغل وانغ يي الفرصة ليذكره بهما وربما ما بلغه في هذه المكالمة جزء من تلك المطالب

وقال بلينكن إن الولايات المتحدة لا تعتزم إلقاء اللوم على أي دولة في تتبع أصول الفيروس. وبصفتهما دولتين رئيسيتين، تتحمل كل من الولايات المتحدة والصين مسؤولية توفير كافة المعلومات اللازمة، والتحقيق الشامل في أصول الفيروس وتجنب تكرار حدوث جائحة.

وأعرب عن استعداد الولايات المتحدة للبقاء على اتصال مع الصين في هذا الصدد.

اضطر بلينكن في نهاية الحديث الى الاذعان عندما قال "بصفتهما دولتين رئيسيتين" نسبة الى حجم الصين الدولي الذي ساوى فيه كلتا الدولتين من ناحية التاثير. أعتقد ان بلينكن تلقى درسا لن ينساه بل ان الادارة الامريكية تلقت هذا الدرس ايضا وانها اي الولايات المتحدة لن تستطيع ان تستمر في معاملة الصين بقلة الاحترام فالوزير الصيني كان واضحا للغاية فإما ان تحترمون مطالبنا واما لن تلقون منا المساعدة التي تريدون. عندما تنقل الصين هذه المكالمة بكل تفاصيلها فهي تريد العالم ان يقرأها فهي تتحدث عن نفسها واهتماماتها وامنها وسيادتها بل خطوطها الحمراء كلها وذلك لا يشمل الولايات المتحدة فحسب بل انه اعلان للجميع عن التغيير القادم في العلاقات التي تقوم على الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة مع الجميع وان الخلافات لا تحل الا بالحوار وان اسلوب الكاوبوي الامريكي هو زمان قد انتهى، وأول بشائر هذه الرسالة ظهرت اليوم عندما طالب ممثل كتلة الاحزاب الاوروبية المحافظة في الاتحاد الاوروبي مانفريد فيبر تأسيس جيش اوروبي بعد نقاش حول جدوى الاعتماد على الجيش الامريكي في اوروبا مما يعكس نفس التوجس الصيني من التصرفات المتهورة للولايات المتحدة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق