الجمعة، 13 أغسطس 2021

مؤتمر الكاظمي - رسالة الامريكان - تفكيك الكيان

أدهشتني الدعوة التي وجهها رئيس وزراء العراق السيد مصطفى الكاظمي لدول الجوار العراقي لحضور مؤتمر نهاية أغسطس في بغداد على مستوى القمة ثم تم التعديل لاجتماع وزراء الخارجية لكل دول الجوار أضف اليهم فرنسا وربما مصر ولبنان بغرض المصالحة والبحث في الشؤون الامنية والاقتصادية. قد يكون العنوان اجتماع لدول الجوار ولكن المضمون حتما أعمق من ذلك بكثيرفهويأتي بعد زيارة الكاظمي لواشنطن مما يجعل الامر واضحا انها رغبة امريكية، ولكن يبقى السؤال كيف سيجلس الجانب التركي بالقرب من الجانب السوري او حتى السعودي؟ كيف يمكن لحرب عمرها 10 سنوات وما زالت مستعرة تجمع المتخاصمين على طاولة واحدة؟ وما الدور الذي تريده الولايات المتحده من جميع الاطراف؟ ولماذا أسند هذا المؤتمر الضخم للعراق وفي هذا التوقيت؟

قبل الخوض في محاولة اجابة هذه التساؤلات لنطرح مسلمات السياسة الامريكية في المنطقة:

1 - أمن كيان العدو الصهيوني

2 - تهميش الدور الصيني - الروسي في المنطقة

3 - تحجيم نفوذ المحور الذي تقوده ايران في المنطقة

4 - ضمان استمرار تدفق الطاقة من الخليج الى العالم وبالدولار الامريكي

وهنا الامريكي أمام أمرين وهما اما أنه يريد ايصال رسالته وفيها تهديد ووعيد وهذا مستبعد جدا فهو ينسحب من افغانستان والعراق ومستعد للانسحاب من سوريا وهو قد أعلن عن فلسفته الجديدة كما طرحها بايدن في مؤتمره بتاريخ 8-7-2021 يوم اعلان انسحاب قواته من اقغانستان حين قال "20 عاما صرفنا فيها المليارات وارواح اكثر من 2000 جندي امريكي حققنا اهدافنا ونحن نهم بالرحيل" والعالم اجمع يعرف انه لم يحقق سوى هدف واحد وهو القضاء على اسامة بن لادن فقط اما بقية الاهداف فبمجرد متابعة اخبار افغانستان اليوم تتضح للمتابع وبسهولة حجم الهزيمة الامريكية التي ليس فقط لم تقضي على القاعدة وداعش بل من المحتوم ان تتمكن طالبان من السيطرة على الحكم هناك ، لذا رسالة التهديد والوعيد مستبعدة. اما الامر الاخر المتاح له هو الحوار والتفاوض والحقيقة أنه بمجرد قبول فكرة الحوار والتفاوض فهو يقر انه لم يعد قادرا على ضمان أي من النقاط الاربعة التي ذكرت، وهو يريد التفاوض للخروج بأقل الخسائر الممكنة

يجد الامريكي في شخصية مصطفى الكاظمي القدرة على التواصل مع جميع الاطراف وفي نفس الوقت القبول بطرح الاجندة الامريكية فالامريكان يتابعون الوضع العراقي بدقة ويعلمون ان الانتخابات باتت على الابواب وان فرصة الكاظمي تبدو ضعيفة مما يعني ان عودة عادل عبدالمهدي اصبحت واردة جدا ومما يعني ان تمرير اجندتهم اصبحت مهمة شبه مستحيله، لذا فمن المهم جدا بهذا التوقيت اعطاء الضوء الاخضر للكاظمي للقيام بهذا العمل لتلميع صورته امام الناخب العراقي وفي نفس الوقت بحجة الاستمرارية ومتابعة قرارات هذا المؤتمر الضخم الذي قد يتطلب شهورا وربما اكثر بعد ان يتم انتخابه. ولكن كيف سيستطيع ان يقنع سوريا بالجلوس مع الاتراك وهم يقتطعون الجزء الشمالي من سوريا؟ الحقيقة ان الحكومة السورية كانت جزء من مؤتمر استانا الذي ضم روسيا وتركيا وايران والمعارضة واستمع الوفد السوري لكل الاراء وابدى وجهة نظرة ، ولما لم تتفق الاراء لم تتقدم المفاوضات .اليوم سوريا ليست كما كانت عام 2017 فالروسي والصيني يعملان جنب الى جنب داخل سوريا وللتو انتهت من انتخابات رئاسية ، ووقعت اتفاقية الطاقة الاستراتيجية مع الصين كما انها  في غاية الاصرار على خروج القوات التركية قبل اي حديث، فلذلك ما حصل بعد استانا سيحدث في بغداد، فهل سيقدم الكاظمي شيئا يكون حافزا لاستمرار المفاوضات كرفع العقوبات او انسحاب القوات الاجنبيه الغير شرعية؟ لا اعتقد ذلك فمجرد توزيع الدعوات دون التمهيد من خلال لقاء جميع الاطراف مسبقا والتحضير الجدي لن يجدي نفعا !!!

ايران التي تعرضت لاعتداءات من جانب العدو الصهيوني على بواخرها ومنشأتها النوويه وغيرها ردت على تلك الاعتداءات باصابات عدة لسفن الكيان فبدى الامر وكأننا مقبلون على حرب وصل فيها الامريكي باستنتاج عواقبها الكارثية على الكيان، فلا بد ان الامريكي حمل الكاظمي مسؤلية التهدئة لتكون جزءا من مباحثات بغداد، فهل في جعبة الكاظمي ضمان امريكي بعدم الاعتداء من الجانب الصهيوني مستقبلا او تخفيفا للعقوبات؟ حتى لو سلمنا بذلك جدلا يكون الكاظمي قد أخطأ الحسابات فلو راجع الشخصيات التي استقبلها الرئيس الايراني الجديد ابراهيم رئيسي بعد تنصيبه لوجد انه استقبل كل قادة المحور دون استثناء بمعنى ان هذا المحور يعمل كوحدة واحدة مما يعني ان الضمان المقبول هو بعدم اعتداء الامريكان والصهاينة على كل من ايران، لبنان، فلسطين والعراق شاملا جميع الفصائل وهو ضرب من الخيال لا يمكن تحقيقه لعدة اسباب لعل أهمها ان هذا الكيان ليس سوى مجموعة من العصابات وظيفته مشروع استعماري يخلق الفتن في كل مكان في العالم العربي ومتى ما سنحت له الفرصة اغتنمها ضاربا بعرض الحائط كل الاتفاقيات والتعهدات والضمانات والسبب المهم الاخرهو حال الانقسام السياسي الذي تتنافس فيها القوى لاسباب مختلفة لضمان تقدمها في الانتخابات وذلك باظهار عدائها الواضح من خلال الاعتداءات على الفلسطينين او الاستيطان او حتى الهجوم العسكري وباختصار ان هذا الكيان لا يوجد في قاموسه كلمة سلام ناهيك عن السلام العادل والشامل الذي يضم حق العودة والقدس !!!!

بعد كل ما سبق هل حكم على مؤتمر بغداد بالفشل؟ قد يكون من السابق لاوانه الحكم فكيفية ادارة هذا المؤتمر هي الحكم فان كان واقعيا ويترجم الاوضاع كما هي على الارض ووظيفته حلحلة بعض العقد هنا وهناك وسقف المطالب ضمن الحدود وكسر الجليد، ربما، وان كانت مجرد رسالة من الامريكي تعد الجميع بالسلام والمساهمة المالية في قطاعات مختلفة فالمنطقة اصبحت لا تهتم بهكذا رسائل وتعتبرها نوعا من المخدروأخيرا ان كان المؤتمر للمقايضة على أمن كيان العدو الصهيوني كان في سوريا او لبنان او فلسطين فمصيره الفشل الحتمي ذلك ان الكيان قد ظهرت عورته في 2021 رغم كل الدعم الذي يلقاه الا انه واهن وهش وفي طريقه للتفكيك والزوال.

وأخيرا استطيع القول انه كما هزم الامريكي في في شرق ووسط اسيا ها هو اليوم يستجدي السلام والهدوء في غرب اسيا كأنه لا بعلم ان "تفكيك الكيان" (وهو مصطلح ابتكره المفكر العربي الكبير ناصر قنديل) اصبح في الافق ولا عودة عنه، وهو اعادة الزمن لعام 1948 عندما لم يكن للكيان الصهيوني وجود وفيها يعود الحق لاصحاب الحق وتسقط فيها اخر معاقل الاستعمار في الوطن العربي. 






 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق