الخميس، 26 يناير 2023

الدولار سلاح الهيمنة والاستعمار

 سلاح الدولار يعود تاريخه لما بعد الحرب العالمية الثانية ويستغل بين الحين والاخرللتأثير على بعض الدول التي لا تنساق معها او تعاديها ولا تملك عادة حامية عسكرية امريكية فيها، ولكن في الاونة الاخيرة ازداد استخدام سلاح الدولار والعقوبات الاقتصادية بعد الفشل العسكري لكل التدخلات الامريكية في العالم وأصبحت تضيق الخناق على العديد من الدول ايمانا منها بالخطر المحدق بهيمنتها الاقتصادية والجيوسياسية.

رغم ان الولايات المتحدة تملك فقط 20% من الاقتصاد العالمي الا ان أكثر من نصف الاحتياطي العالمي للبنوك المركزية هوبالدولار الامريكي حيث جاء هذا نتيجة مخرجات الحرب وتحديدا مؤتمر بريتون وودزعام 1944 الذي ما ان انتهت الحرب العالمية الثانية حتى طبقت بنود هذه الاتفاقية والتي كانت نتائجها باختصار:

1 - الحد من المنافسين وتحديدا بريطانيا

2 - بعد ان استخدمت اموال المودعين الاوروبيين في امريكا منذ عام 1930 لزيادة صناعاتها،جاءت الفرصة الان لفتح الاسواق الاروبيه للبضائع الامريكية.   

3 - من اهم النتائج كانت التأكيد على أهمية البنك الدولي وصندوق النقد الدولي المستحدثان كمنظمتين للتحكم بالاقتصاد العالمي من خلال التدفقات المالية والتجارة الحرة وطبعا كل ذلك يتم بالدولار الامريكي مما يفيد امريكا اقتصاديا ويفرض هيمنتها.

واول ضحية كانت بريطانيا حين اقرضتها الولايات المتحده قرضا بمبلغ 20 مليار دولار تمكنت الاخيرة من الاستحواذ من خلال القرض على اصول بريطانية في العالم وكان جزءا من واجبها كذلك دعم فكرة صندوق النقد والبنك الدوليين.بل اكثر من ذلك حين استطاعت امريكا تحويل مبلغ مجمد لدى الحكومة البريطانية يقدر ب 10 مليارات جنيه استرليني لحساب مصر والهند  الى امريكا لتنهي بذلك الهيمنة البريطانية وللابد. وبدأ الاوروبيون يشعرون بتنامي هيمنة الدولار ولا أبلغ من تعبير وزير الماليه الفرنسي حينها فاليري جيسكار ديستان عام 1960 حين وصف امتياز الدولار "بالامتياز العاصف" وما زال هذا الوصف يستخدم ليومنا هذا وهو حقيقي فالولايات المتحده تستورد كل احتياجاتها بعملتها اي انها لن تواجه أزمات في ميزان المدفوعات كما ان احتياطات الدول مليئة بالدولار لكي تتمكن من استيراد احتياجاتها.

دول البريكس المكونة من الصين وروسيا والبرازيل وجنوب افريقيا والهند والارجنتين(مؤخرا)( تضم 40% من سكان العالم و25% من اقتصاد العالم) أدركت تماما كل هذا وعلمت ان منافسة الدولار بأي عملة هو امر غير واقعي فجميع العملات تقاس بالدولار ولان العملة المهيمنة يجب ان تواكب الطلب العالمي بل وانشاء منظمات شبيهة بصندوق النقد والبنك الدوليين وهو امر ليس من مبادئهم، لذا عمدت الى التجارة باستخدام العملات المحلية لكسر هيمنة الدولارومؤخرا وتحديدا في 23 يناير على لسان جريدة الوول ستريت جورنال قامت الابرازيل والارجنتين بالاتفاق على انشاء عملة مشتركة بينهما والتي ستفرض نفسها مع الوقت في امريكا اللاتينية كون الدولتين هما الاكبر في القارة وبينهم تبادل تجاري كبير، واللافت هو تصريح الرئيس البرازيلي داسيلفا حين صرح قائلا " العملة المشتركة ستستعمل للتدفقات المالية وحركة التجارة وتخفيض تأثرنا خارجيا وان هدفنا هو تقليل الاعتماد على الدولار" هذه الدول اكتشفت ان استخدام عملة غير الدولار يقلل الكلفة ويقلل من الاخطار المالية العالمية وهيمنة امريكا على مصائر الشعوب.

نعم سلاح الدولار بات اقوى من القوة العسكرية الامريكيه لذا اصبح سلاح امريكا المفضل تستخدمه في فرض العقوبات على الدول لتدمير اقتصادها وجعل العملة المحلية تتدهور امام سيطرة الدولار ومثال ذلك لبنان والعراق حيث تستخدم هذا السلاح بوحشية تامة لفرض هبمنتها على الشقيقتين بالتعاون مع كيانات سياسية بالداخل لكلا البلدين.

 والحل يكمن في امرين لا ثالث لهما اما الانصياع الكامل للامريكي او العمل على ما تقوم به دول البريكس واذا اتخذنا الخيار الثاني فيجب الاستعداد المطلق لكل ما من الممكن ان تفعله الادارة الامريكيه كردة فعل، ولكن كلما ازدادت الدول التي تتخذ مواقف صارمة تجاه الامريكي كلما اذعن الامريكي ان سلاح الدولاربدأ مفعوله يبهت لانه يعتمد على التجارة الدولية بعملته فاذا قل التعامل بالدولار دوليا قل مفعول سلاحه. هذا درس لكل الدول بما فيها الحليفة فقد رأينا ما الذي فعله بالبريطاني بعد الحرب العالمية الثانية وهذه الدول ليست بأعز من بريطانيا للامريكي لذا يجب ان تبدا بالتقليل من الاعتماد على الدولار في معاملاتها التجارية والحرص على سلة من العملات اهمها سيكون عملة دول البريكس الناشئة   

 


هناك تعليق واحد:

  1. شكرا على المقال الرائع ذو المحتوى 👍🏼

    ردحذف