الثلاثاء، 28 يونيو 2016

لنتعلم من الدرس البريطاني

رغم التحذيرات الامريكيه المتكرره لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي والتي تمثلت برسائل متعدده من الرئيس اوباما وكذلك ما كتبته مجموعة من وزراء الخارجيه والدفاع والماليه ومدراء للاستخبارات المركزيه الامريكيه السابقين في صحيفة التايمز اللندنيه الشهر الماضي كرسالة واضحه للناخب البريطاني تعبر عن مخاوفها لما ستؤول اليه الاموراذا انفصلت بريطانيا عن الاتحاد الاوروبي امنيا واقتصاديا ولم يخفي هؤلاء مقدار ما ستتضرر مصالج الولايات المتحده في اوروبا والتي تعتبر بريطانيا حليفها الرئيسي وبوابتها للقارة الاوروبيه. كما لم ينجح الاتحاد الاوروبي رغم العروض المغريه التي قدمها لبريطانيا كتكريس عضويتها بصفة خاصة بحيث لا تتحمل اعباء سقوط اقتصادات اوروبيه كتلك التي اصابت اليونان ووقف الضغط لتحويل العمله البريطانيه الى اليورو ، الا ان كل هذه التحذيرات والمغريات باءت بالفشل عندما اختار البريطانيون الانفصال عن الاتحاد الاوروبي.
حتى الان بلغت خسائر سوق الاسهم البريطانيه (FTSE)
140 مليار جنيه استرليني، وتم تخفيض درجة الائتمان البريطانيه من موديز، كما فقد الجنيه 11% من قيمته وهي أدنى قيمه للجنيه منذ 30 عام مما سيدفع دون ادنى شك البنك المركزي البريطاني على تخفيض الفائده وهو اعلان عن توقف النمو الاقتصادي وقد يكون مدخلا للركود الاقتصادي وارتفاع التضخم كما ان ارتفاع الضريبه امر محتمل. ياتي ذلك من مخاوف المستثمرين الكبار خاصة البنوك الاجنبيه مثل سوسيتي جنرال الفرنسي ودويتشه بانك الالماني وجي بي مورغان الامريكي وهؤلاء يعتبرون لندن مركزا ماليا مهما ورئيسيا لنشاطاتها الماليه والاستثماريه من مستقبلهم وقدرة البريطانيين على الخروج من هذه الازمه ومقدار قدرتهم على التفاوض مع الاتحاد أثناء خروجهم على حجم التداول التجاري المستقبلي ضمن عقود واضحه تعيد للمستثمر ثقته بمستقبل الاستثمار في بريطانيا.
وأضيف على ما سبق الاخطر الاكبر وهو خطر انقسام بريطانيا والذي بات يلوح به من طرف الاسكتلندين والايرلنديين حيث قالت الوزيرة الاسكتلندية الاولى اننا ضد الخروج من الاتحاد وان كان ذلك يعني اعادة الاستفتاء على استقلال اسكتلندا حيث من المرجح نجاح الاستفتاء هذه المرة وان تم ذلك فسيكون ذلك ضربة قاسية للاقتصاد البريطاني ومستقبل لندن كمركز مالي حيث تسعى ادنبره العاصمه الاسكتلنديه لاحتلال هذا الموقع المهم عالميا.

ويبقى السؤال، رغم كل هذه التحذيرات والاغراءات والمخاطر والمجهول،،، ماذا دفع الناخب البريطاني الى هذا الاختيار؟؟؟ اهو جهل بالخيارات ام ثقة بالنفس ؟
كل التحذيرات والاغراءات كانت بعيده عن مناقشة هواجس المواطن البريطاني الذي يرى
1 - تدفق المهاجرين من شرق اوروبا حاصدين مستقبلهم وفرص عملهم
2 - ضياع الهويه البريطانيه،،، فمعظم القرارات المصيريه تتخذ في بروكسل وليس لندن
3 - استمرار التقشف حيث انها من سياسات الاتحاد الاوربي الذي بدا يفرض نفسه على السياسات الاقتصاديه للدول الاعضاء وخاصة الدول العشر التي تعطي اكثر مما تاخذ ومنها بريطانيا
4 - الهاجس الامني بسبب تدفق اللاجئين من سوريا والعراق وافغانستان

كل هذه الهواجس البريطانيه لم يلتفت اليها الامريكي او الاوربي فكانت النتيجة حتميه، ولم يعتقد حتى الساسة البريطانيين انفسهم ان النتيجه ستكون بهذا الشكل. ان الناخب البريطاني ليس جاهلا بالمخاطر والعواقب كما يعتقد بعض المحللين ولكن لديه ثقه ليس بنفسه وانما بالنظام الذي رسمه لسنين عديده ، فهو يعرف انه حسب القانون سيسقط كاميرون وان اوزبورن وزير الخزانه سيخرج ويشرح مخاطر المرحله ويبحث عن الحلول المستقبليه بكل شفافيه كما يعلم انه اصعب خيار سيمر على بريطانيا من الحرب الثانيه وقد يمزق البلد الى فريقين متصارعين سياسيا ولكن ضمن القانون وبالتالي هذه هي الديمقراطيه التي لا يجد بديل عنها وتبناها لسنين، فالقرار والفتره التي تليه سيصمد فيها البريطانيون نتيجة
1 - ايمانه بالديمقراطيه
2 - ايمانه بالنظام السياسي وقوانينه التي تفرض على المسؤولين الشفافيه كما تفرض عليهم توظيف الكفاءات
3 - علمه بالصعوبات من خلال متابعة الحملات للفريقين والمشاركة بهما
4 - حسه الوطني وعدم الرضا بسلب قراره
5 - ايمانه بنظام المحاسبه على المقصرين

وأخيرا انا هنا لست مع هذا الفريق او ذاك فهذا قرارهم وبلدهم والوقت كفيل بان يوضح من كان على صواب ، ولكني هنا بمعرض انه رغم صعوبة وخطورة القرار الا انه بسبب نظامهم السياسي القائم على ديمقراطيه حقيقيه ونظام دولة المؤسسات الحقيقيه اقدموا على الاستفتاء فدون وجود نظام سياسي متكامل لما تجرأ البريطانيون للذهاب الى الاستفتاء ناهيك عن اتخاذ قرار بهذا الحجم،،،،فمتى سنبني نظاما شبيها يتيح للمواطن تحديد مصيره دون جر الدوله الى الانهيار، نظاما لا يعتمد على الاشخاص الذين يغيرون القوانين كلما تغير احدهم،، هل نتعلم من الدرس البريطاني؟؟؟؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق