السبت، 6 أبريل 2019

مأساة العرب

لا بد للمواطن العربي عندما ينظر حوله أن يشعر بالاسى على حال أمته وهو يراها على هامش ما يجري في العالم ،فالدول الكبرى والكيانات الاقتصاديه الكبرى ترسم خططها الجيو سياسيه والجيو اقتصاديه بما يخدمها لسنوات عديدة قادمه بينما نبقى نحن في فراغ من كل هذا ولا نعدو كوننا مستهلكين فقط لا نملك الطموح ولا المبادرة لان نكون جزءا فعالا يفيد جميع العرب ويحفظ لهم دورهم في اللعبة العالميه، فماذا ينقصنا لكي نكون قوة يحسب لها حساب؟ الحقيقة باختصار،ينقصنا القليل من الخبرة والكثير من الاستقلالية، حيث تكمن مشكلتنا في نهج التفكير الذي لا يعير الامه أبة أهمية (علما ان دولة لوحدها من الدول ال 22 العربيه  لا تستطيع ان تكون لاعبا متميزا)، ويكمن سوء نهجنا الفكري اننا نفكر ضمن صندوق اسود لا يتيح لنا الرؤية من خلال أضلاعه الا بما يريد لنا الغرب ان نراه بغض النظر ان كان بصبغة سياسيه تخدم مصالحه او ذو صبغة اقتصاديه كصندوق النقد الدولي او البنك العالمي اللذان يداران من قبل الاستخبارات الغربيه، لا يرى الا بما يخدم مصالح الدول الكبرى وسأعطي مثالا ليتضح الموضوع.

يقول جون بيركنز في كتابه اعترافات قاتل اقتصادي(confessions of an economic hitman) كنت موظفا لامعا فتم تدريبي في اروقة ال CIA لاكون قاتلا اقتصاديا وأثناء تدريبي شرحوا لي قصة محمد مصدق رئيس وزراء ايران عام 1953 والذي كان يؤمن ان نفط ايران للايرانيين فسعى لتحييد الشركات النفطيه وهو ما لم يعجبنا فأرسلنا له كيرمت روزفلت وهو من أقرباء الرئيس الامريكي روزفلت استطاع في فترة وجيزه مع بضعة دولارات من خلق مؤامرة اطاحت بمصدق وجيىء بالشاه من الخارج.حينها قيل لي ان ما فعلناه كان خطر جدا ان فشل، فتبعيته على الحكومه واثره سيكون كبيرا ، لذا فمن الان وصاعدا ستكون وحدك انت ومن معك نعطيكم الاهداف ونسندكم من بعيد.

اما في غواتيمالا فقد حكمها جاكوبوا جوزمان عام 1954 الذي اراد اعطاء الاراضي للفلاحين لكن ذلك لم يعجب اتحاد الفاكهة الامريكي فأرسلواا له قاتلا اقتصاديا اشاع ان الرئيس لا يعدوا كونه دمية سوفيتيه فشحن الاعلام والكونغرس والشعب الامريكي حتى تمت ازالته من منصبه . وهو تماما ما حصل في الاكوادور عام 1981 حيث اسقطوا طائرة الرئيس الاكوادوري أجيليوا ولم يسمح لاحد بالاقتراب منها عدا القوات الامريكيه وكل ما اراده الرئيس الاكوادوري ان يتم احترام شعبه من الامريكان وان توزع عائدات الاقتصاد على الشعب فقط. أما أومار توميهوز حاكم بنما فيتحدث عنه الكاتب بالتفصيل، الى ان قال له " بامكانك ان تكون غنيا جدا لو تستمع الينا " فأجابه الرئيس البنمي " لا ترشيني يا جون لقد جئت لخدمة شعبي واريد اعادة كل الاموال التي تدين بها امريكا لشعبي بما فيها اموال القناة, وقد أبلغت عائلتي ان هذا قدري " حتى تم اغتياله عام 1981 من قبل فرقة اغتيالات ال CIA.
ويختم بيركنز بقوله " نحن نتحرك عندما نرى مصالحنا في خطر فنبدأ برشوة الرئيس واذا فشل هذا أغرقنا البلد بالديون بحيث انه يستحيل الخروج منها وهذا دور صندوق النقد الدولي وان فشلت الخطه اغتلنا الرئيس وان فشلت هذه ايضا يتم الغزو العسكري وهو ما حصل تماما في العراق، ولو ان صدام وهو ولدنا الذي ربيناه أطاعنا لكان يحكم العراق الى يومنا هذا.

لا يهم الامريكان ان كان الرئيس صادقا ام كاذبا، مخلصا لشعبه ام طاغية، المهم ان ينصاع للاوامر وهم ينظرون بحذر شديد فاذا كانت الدوله في حلف قوي فذلك يصعب من مهمتهم كثيرا ويكلفهم مبالغه هائله لذلك هم اعتمدوا في الفترة الاخيرة من حكم ترمب الى النظر لا على الدوله او الحلف المعني فحسب وانما الى من سيمول هذه المؤامره؟؟

لننظر الى صفقة القرن وهو تعبير اول من استخدمه كان جون بيركنز مؤلف الكتاب عند وصفه للصفقة التي تمت بين الولايات المتحده والسعوديه والتي كان نتاجها البترودولار الذي بمقتضاه يتم بيع السندات الاميركيه بكميات ضخمة على ان تكون عائدات هذه السندات للشركات الامريكيه تبني فيها المصافي والمنشات الضخمه ومن خلالها استطاع الامريكان ان يجعلوا اقتصادهم يناطح السماء وعززوا قيمة الدولار ووووو....كما استطاعوا ان يفرضوا بيع كل نفوط العالم بالدولار مساندين عملتهم بذلك بدل الذهب على ان تعاقب الدول حسب حجمها بالمقاطعه الاقتصاديه او غيرها ان رفضت ذلك.

في صفقة القرن الاخيره تمكن الامريكي والصهيوني من الحصول على التمويل اللازم كما اعترف رئيس وزراء قطر السابق بذلك في مقابلنه الشهيره، هذه الصفقه تقضي بأن يكون الكيان الصهيوني اللاعب الثالث في المنطقه مع الايراني والتركي ولما كانت فكرة العدو الصهيوني تتركز في أمرين باختصار، الاول عدم القيام باتفاقات مع دول ولكن مع كيانات يسهل التعامل معها والسيطرة عليها والثاني ايجاد عمق لاراضيهم تتيح لهم حرية الحركه وايجاد بدائل توطين للفلسطينين كما يمنع اي انبوب نفطي او غازي يمر عبر الاراضي العراقية والسورية الى البحر الابيض المتوسط . فالهدف الاول يكمن في تمزيق العراق تحديدا غربه وشماله وسوريا تحديدا جنوبه وشماله الى كيانات كرديه ودرزيه وغيرها ليتمكنوا من التعامل معهم بسهولة ويسر من خلال الضغط الامريكي وهذا بالنتيجة يعني دورا كبيرا للاردن في ايجاد مايسمى بالاردن الكبير ليكون ممرا آمنا للصهاينه الى الكيانات المتفرقه، ولكن !!!!! سقط هذا المشروع بقوة بفضل تضحيات العراقيين والسوريين والفلسطينيين ففشلت صفقة القرن،،، الحقيقة انها فشلت في الجانب الشمالي فقط لذا اتجهت الانظار جنوبا وتحديدا خليج العقبة، حيث سيبدأ بشق قناة من خليج العقبة الى البحر الابيض المتوسط وربطه بالبحر الاحمر.

كان لا بد في البدايه من تغيير وضع جزيرتي تيران وصنافير والتي كانت بحوزة المصريين ونقلها للسعوديه لانهما تطلان على مدخل البحر الاحمر من خليج العقبه فالمصريين لا يحكمهم جمال عبدالناصر ولكن من يدري غدا؟؟ فكان لا بد من ازالة القبضة المصريه عن الجزيرتين ثم البدء بالتحضير في السيطرة على موانىء البحر الاحمر واستطاعت موانىء دبي من عقد اتفاقات مع كل من الصومال ومصر وجيبوتي والسنغال ولم يتبقى الا اليمن بميناء الحديده وغيره وباب المندب لذا نرى الصراع العسكري المرير على هذه الموانىء بالاضافة الى جزيرة سقطرى .كل هذه الاتفاقيات تسهل حركة مرور السفن لصالح الدول الموقعة على صفقة القرن وتجعل هذه الموانىء أقرب ما تكون الى شركة الهند الشرقيه التي كانت تسيطر لا على المنافذ البحرية فحسب وانما على الدول عن طريق خلق مليشيات مواليه في هذه المناطق وتسليحها جيدا ثم قليلا فقليلا دمجها في العملية السياسيه لتلك الدول واخيرا انتزاع كل الاتفاقات التي تريدها الدول المموله.

صفقة القرن حقيقة وواقع وهي نوع من الاستعمار الجديد بمشاركة بعض العرب لصالح الامريكي والصهيوني حيث سيتمكن الاخيرين في النهايه من الهيمنة وشركاءهم العرب لن يكونوا الا تابعين لهم ومتى ما اختلفوا ارسلوا لهم قاتلا اقتصاديا لينهي الموضوع. ان الاهتمام بالجانب الجبوسياسي والاقتصادي امر مهم جدا فعجلة المستعمر لا تتوقف وهي تسحق كل من يقف امامها الا اذا كان صلبا عنيدا وقويا من خلال تحالف كبير يجعل الوقوف امامه كالند للند ليضمن حقوق الشعوب الحرة ويشعرها بالعزة والكرامه ، ولكم في فنزويلا وما يفعله الامريكان هناك مثالا واقعيا ولم تصمد فنزويلا الا عندما شمر حليفاه الروسي والصيني عن ساعديهما ووقفوا مع مادوروا الذي صمد فترة سمحت لهم بالتدخل ولم يسقط فجأة كما حصل في اوكرانيا. وهنا لا بد ان اشير بأن الروسي أيضا يعمل جاهدا في خططه ايضا فالاستلاء على جزر القرم ضمن سيطرته على البحر الاسود بالاضافة الى بحر قزوين وانتهاء بوجوده في اللاذقية ضمن سيطرته على جنوب البحر المتوسط ونحن نعلم ان من يسيطر على البحار يسيطر على العالم ، فالصراع مستمر، ويبقى السؤال اين نحن من كل ذلك؟؟؟؟

 ان الشعوب العربيه لها الحق ان تعيش بكرامة وعزة وان تكون جزءا فاعلا ومؤثرا على الميدان الدولي وهي تملك كل المقومات الطبيعية والجغرافية والبشرية لذلك، واذا كان العرب قد وصلوا الى القاع في الدورة الطبيعية للحضارات والقوى الفاعله فاننا لا بد ان ننهض لتعود الدورة الطبيعية الى الصعود ونعود لدورنا الريادي في نشر الحضارة. 

     







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق