الخميس، 12 فبراير 2015

بوتين يقلب الطاوله على الغرب

لعل من اليوم الاول للانقلاب في أوكرانيا في فبراير 2014 على رئيسها الشرعي فيكتور يانكوفيتش عرف العالم ان ما هو قادم كبير جدا خاصة وان منذ الساعات الاولى لخروج الرئيس الاوكراني خرجت تصاريح تقريبا فورية من الغرب بتحذير روسيا من مغبة اية تحركات عسكرية والتي من جانبها لم تطيل النظر فدخلت جزيرة القرم بسهولة لاهميتها الاستراتيجية والعسكرية للاسطول الروسي وكانت تلك الشرارة التي ينتظرها الغرب ، فبدأت بالتلويح بالعقوبات وبدأ الناتو باجتماعاته الطارئة لتقييم الوضع، في تحركات لوضع روسيا في موقف يحرجها اذا أذعنت وانسحبت من القرم أو وضع حكومة موالية للغرب كجار لصيق لروسيا.
والان وبعد مرور عام على أحداث اوكرانيا ، ماذا يقول المحللون الامريكان بعد فشل كل المحاولات السياسيه والاقتصاديه ضد روسيا.
كتبت بلومبرغ بيزنيس الامريكيه بتاريخ 9 فبراير الجاري مقالا بعنوان " هل يغير بوتين شكل النظام العالمي" كتبه جيمس نوغر قال فيه ، في الوقت الذي أحكم فيه بوتين قبضته على شرق اوكرانيا ها هو يتجه الى الجبهة التاليه في مواجهة الامريكان وحلفاءها الاوربيين وبالتحديد الى دول البلطيق ، فضغطه على كازخستان وعلاقته الوطيدة مع اليونان هي وسيلة لشق الصف في الاتحاد الاوروبي وهذا ما أكده لامبيرتو زانير الدبلوماسي الايطالي الذي يحضر اجتماعات ميونيخ  للامن قائلا " لقد بدأنا نرى بداية خطوط التقسيم في الاتحاد الاوروربي في الوقت الذي كنا نحاول فيه وقف قتال اوكرانيا واحتواء بوتين".
ما أذهل المسؤولين الاوروبيين والامريكان هو قدرة بوتين على تحويل الصعوبات الاقتصادية لصالحه فما زالت شعبيته تعادل 85% حيث استعمل بوتين صمود بلاده امام النازيين في الحرب العالمية الثانيه في خطاباته كمثال يحتذى به في خطوة لاظهار صراعه لتغيير ما حدث بعد 1989 يوم تفتت الاتحاد السوفيتي وخرجت الولايات المتحده كقوة عظمى وحيدة على الساحة العالميه. ففي خطابه السبت الماضي في مدينة سوشي قال بوتين "ان النفوذ الاوحد للولايات المتحده هو بمثابة احتلال صوري للعالم وهذا شيء لانقبله ولا نصبر عليه".
وعلى هامش اجتماع ميونيخ الامني اجمع الاوربيون والامريكان على نشر الاسواق الحره والديمقراطيه فاعترض الروس بقولهم ان مفاهيمكم بعيدة المنال في جهدكم لاعادة روسيا الى مرحلة ما بعد الحقبة السوفيتيه مباشرة. لذا عمل الروس على شق صف  الاوروبين والامريكان وظهر هذا واضحا عندما قامت المستشارة الالمانيه مع مسؤولين اوربيين الطلب من الولايات المتحده بعدم تسليح القوات الاوكرانيه في الوقت الحالي، كما استطاعت  الدبلوماسية الروسية بوضع هنغاريا واليونان في صفها مما يجعل استمرار العقوبات الاوربيه امرا صعبا لانه يتطلب مواقفة الدول ال 28 الاعضاء  لتمرير قرار العقوبات. وعلى ذات الصعيد مارست روسيا ضغطا اقتصاديا على كل من لاتفيا واستونيا العضوتين في الناتو والاتحاد الاوروبي، بواسطة متحدثي اللغة الروسيه للتعاطف مع الكريملين فكل هذه الدول تتذكر تماما كيف دخل الروس الى جورجيا عام 2008 وجزيرة القرم في 2014.

كل هذه الامور قادت الى رأيين في ادارة اوباما ، الاول يرى عزم بوتين على قلب الطاوله على الغرب ويتطلب حزما عسكريا والرأي الثاني والذي يميل اليه اوباما وهو انتظار ردة فعل بوتين للعقوبات الاقتصاديه مع تحشيد بعض القوات في شرق اوروبا وهذا ما أكده بايدن نائب الرئيس الامريكي حين قال سيكون لهذا الامر صدى جيد ليس في اوكرانيا فحسب وانما العالم أجمع وكذلك الرئيس الليتواني الذي قال ان الفشل في مواجهة الروس في اوكرانيا يعني أننا سنكون لقمة سائغة بعدها. انتهى

الى ماذا تقودنا هذه الاستنتاجات والتحليلات الامريكيه؟ ان تغيير بوتين لشكل النظام العالمي في الشرق الاوسط بالتحديد من خلال وقفته القويه مع سوريا وايران اربك المخطط الصهيواميركي فكان لا بد من تأجيج الاوضاع في اوكرانيا وتخفيض أسعار النفط وتحريك جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق في خطوة لكبح جماح الدب الروسي ولكن الامور لم تسير كما ارادو فالتاريخ يعلمنا ان الروس لهم نفس طويل جدا وجلد لتحمل ما يصيبهم ، فلخص الرئيس الفنلندي ساولي نينستو ذلك بقوله " لا أحد منا يعرف ماذا يريد بوتين ولكنه بالتأكيد يريد اوكرانيا غير مستقره وينتظر لعل شيئا جديدا يحدث". وهذا بالضبط ما يحدث الان في منسك من مباحثات مباشرة مع الاوكرانيين والفرنسيين والالمان دون وجود طرف امريكي في المباحثات!!!! 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق