الخميس، 6 مارس 2025

حرب ترمب الاقتصاديه ، بين المعلن والخفي...

في 4 مارس الحالي دخل قانون ترمب لزيادة التعرفة الجمركية حيز التنفيذ وفيه زيادة هائلة على جيرانه كندا والمكسيك بمقدار 25% وعبى الصين بمقدار 10% مما اثار غضب جيرانه الذين فرضوا زيادة مماثلة على الولايات المتحدة، اما الصين فقد قدمت شكوى على الولايات المتحدة امام منظمة التجارة الدولية. يخشى البعض من المحللين ان الامر قد يتعدى الحرب الاقتصادية الى حرب سياسية واعلامية وهو في نظري امر مؤكد، فتصريح دوغ فورد النائب الكندي الناري حين أوضح " اننا لا نريد هذه الحرب ولكن اذا أصر الامريكان على ذلك فإننا سنقطع عنهم خطوط الطاقة حيث من المعلوم ان كندا تمد الولايات المتحدة بما مقداره 38.9 مليون ميغاوات\ساعة من الكهرباء في العام اضافة الى ما مقداره 98 مليار دولار من النفط الخام كل عام والمعلوم ان كندا هي المورد الرئيسي للنفط الخام لامريكا.
بالارقام فإن 76% من صادرات كندا تذهب للولايات المتحده وهو ما يشكل 90% من الناتج المحلي الاجمالي لكندا، اما المكسيك فانها تصدر 37% من مجموع صادراتها للولايات المتحده وهو ما يشكل 78% من ناتجها الاجمالي. بالمقابل فان الولايات المتحده تتأثر فقط ب 2.7% من ناتجها الاجمالي من التعامل مع البلدين وهو مقدار ضئيل اذا ما قورن مع البلدين ولذلك فربما تكون هذه النقطة التي يرتكز عليها ترمب.
هذه الزيادة سيتأثر بها المواطن الامريكي والتجارة المحلية بشكل عام ، فلو فرضنا ان شحنة من الحديد الكندي كانت تكلفتها 100 الف دولار قبل 4 مارس تصبح الان بقيمة 125 الف دولار، كما ان التأثر سيطال الولايات التي تجتاحها الثلوج حيث تعتمد بشكل كبير على الخظروات والفواكه المكسيكية، مما سيكون لها عظيم الاثر على التضخم الاقتصادي!!! اذن على ماذا يراهن ترمب؟؟؟ وما هي خطته الغير معلنة؟؟ ولماذا الغى الاتفاق الذي قام به هو شخصيا في ولايته الاولى مع كندا في التجارة الحره بين البلدين؟؟؟
ترمب اعطى هذه الدول خيارا اخر وهو الانتقال بمصانعهم الى الولايات المتحده حينها لن تطالهم هذه الزيادات وهو ما نجح به واعطاه زخما اعلانيا هائلا مع شركة TSMC التايوانية وهي اكبر شركة لتصنيع رقائق الكمبيوتر في العالم والتي استثمرت ب 100 مليار دولار في الولايات المتحده وقد اعلن عنها قبل يومين. فهو بهذه الطريقة ادخل التكنلوجيا التايوانية الى امريكا اولا، ثم قلل من البطالة المهارية في بلده وزاد في الناتج الاجمالي الامريكي. قد يبدو هذا عملا رائعا ولكنه على حساب ناتج تايوان الاجمالي وعلى حساب البطالة في تايوان وهذا بالضبط ما يريدة ترمب فهو لا يحفل بما يحصل في هذه الدول طالما ان شحنة قوية لاقتصاده المحلي قد حصلت وتحسنت ارقام البطاله لديه.
ترمب لم يكن يمزح حين قال في 9 فبراير الماضي " انا افكر جديا ان تكون كندا الولاية ال 51 " بل ان الكنديين انفسهم لا ينظرون الى هذا الامر انه نوع من المزاح، فتوردو رئيس الوزراء الكندي قال في جلسة مغلقة مع بعض الاقتصاديين الكنديين " انه امر حقيقي!! ولاحقا مع شبكة سي بي سي الكندية قال " انها افضل طريقة لاستعاب بلدنا انه يعلمون مواردنا الطبيعية ويريدون الاستيلاء عليها" (نقلا عن مجلة التايم الامريكية بتاريخ 9 فبراير 2025).
ما يقوم به ترمب مع جيرانه ما هي الا البداية للتعامل مع العالم اجمع والسبب في بدءه مع الجيران هي خطوط الامداد القصيرة  وقصر المسافة مما يجعل نقل البضائع من والى الولايات المتحده باستخدام العديد من وسائل الشحن البحري والجوي والارضي سهلة ورخيصة وان كل هذه الوسائل ستتأثر سلبا مما سيشكل ضغطا اقتصاديا ومحاولة التأثير والضغط السياسي الكبير على هاتين الدولتين مما قد يولد عدم استقرار فيهما نتيجة الانكماش الاقتصادي حتى يذعنوا ، وبما ان المسافة قصيرة بينهما فان هذا الامر قد يشجع البعض للقيام فعلا بنقل مصانعهم من المكسيك وكندا الى الولايات المتحدة. 
هذا التفكير الشيطاني لترمب هو جزء من عولمته الجديده التي طالما ذكرتها في تغريداتي وحذرت من ان الادارة الامريكية الجديدة تسعى وبكل قوة لتنفيذ هذه المخططات الجهنمية على العالم اجمع عن طريق الضغط الاقتصادي والدعم الاعلامي الكبير للسيطرة على عقول الشعوب ان الطريقة الامريكية الجديدة هي الحلم الامريكي الجديد الذي يصبح فيه العالم اجمع جزء من سيطرة الامريكي على طريقة العيش.  
الاوربيون ادركوا هذا الامر جيدا وما كان من تصريح الرئيس الفرنسي ماكرون الا دلالة على استعابه لما سيقوم به ترمب حيث اعلن ان اوروبا يجب ان تتعاضد وتنفق على السلاح من الخطر الروسي المحتمل بعد انتهاء الحرب الروسية الاوكرانية لان الامريكي لن يقدم الدعم للناتو او لغيره من المؤسسات المشتركة بينهما  مما سيترك الاوربيين وحيدين وهو امر لم يحصل منذ الحرب العالمية الثانية. والامر لا يتوقف عند هذا الحد فالتعرفة الجديدة على اوروبا ستقصم ظهرها اقتصاديا، خاصة اذا ما علمنا ان المانيا الالة الاقتصادية الاولى في اوروبا تعاني من انكماش اقتصادي للسنوات الثلاث الاخيرة.
الحقيقة ان ما يقوم به ترمب هو ابتزاز بكل معنى الكلمة وللقارىء ان يتخيل طريقة الابتزاز القادمة لدولنا العربية وهي ما عليه من انقسام وتشرذم مما سيترك كل دولنا العربيه في انغماس اكبر في حضن العولمة الجدبدة. القادم من الايام سيشهد على متغيرات كبيرة في المنطقة من تقسيمات وضغط سياسي وتغيير في نظم العمل وكلها ستصب في مصلحة الامريكي فقط لا غير.
وأخيرا هنيئا لمن شخص منذ زمن الفكر الشيطاني للحكومات والادارات الامريكية المتلاحقة وربما من الاجدر بكل الحكومات اتباع هذا النهج للخلاص من السطوة الحديدية القادمة للامريكي.     
 

  
 

    

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق