التسارع في الاحداث في وقتنا الحالي هو أمر ملفت ومعظم الاحداث هي من الوزن الثقيل مما يجعلنا نفكر مليا لسبب هذا التسارع ! نحن نعلم ان من يفرض معظم الاحداث هي الادارة الامريكية التي يبدو أنها تسابق الزمن ، فمن يلاحقها او ماذا يلاحقها ؟ فما ان تنتهي من أمر ما حتى تراها قد انشغلت بامر آخر لا يقل عن الاول خطورة وأهمية!!
لعل العاملين المهمين والذي تتمحور حوله حركة الادارة الامريكيه الحالية هما الاقتصاد المتذبذب وتراجع الهيمنة الامريكية. فرغم زعم الادارة الامريكية ان الاقتصاد في وضع جيد جدا وهو ما اعلنه ترمب للصحفيين منذ ايام " انظروا الى الاسواق والاقتصاد انهما في وضع رائع." الخبراء الاقتصاديون يحذرون مما سيحصل بعد الاول من اغسطس وهو اليوم الذي ستنفذ فيه التعرفة الجمركية الجديدة على الاتحاد الاوروبي مما سيؤدي الى المزيد من التضخم كما ان الاسواق ستتأثر مباشرة بهذه الزيادة التي سيدفع ثمنها المواطن الامريكي وهذا ايضا سيجبر اصحاب الاعمال الى الاستغناء عن بعض الموظفين لتقليل الخسائر المتوقعة. هذين الشبحين المتوقعين ارتفاع مستوى البطالة والزيادة في التضخم كفيلين بسحب ثقة المستثمرين وهبوط ارقام الاسواق، ثم لا ننسى انه وعد الناخب الامريكي اثناء حملته الانتخابية الا زيادة في الضريبة اثناء فترة توليه الحكم؟؟؟ فكيف سيعوض النقص خاصة اذا علمنا ان الناتج الاجمالي المحلي الحقيقي في الربع الاول من هذا العام قد انخفض الى -0.5% كما تشير ارقام الموقع الحكومي الرسمي مكتب التحليل الاقتصادي BEA. أمر اخر ستظهر نتائجه بشكل اوضح نهاية العام هو نفاذ الكميات المخزنة من البضائع بسعر ما قبل زيادة التعرفة واستخدام الاسعار الجديدة بعدها ، وربما ستظهر الاسعار الجديدة قبل ذلك. ربما يفوق كل هذه العناصر وتأثيرها على الاقتصاد هو عدم مصداقية ترمب وتغيير اراءه بين ليلة وضحاها وربما يكون ترمب اكثر رئيس امريكي فاقد للمصاقية في تاريخ الولايات المتحدة وهو الامر الذي لا يشجع المستثمرين الدوليين بالدخول الى السوق الامريكي رغم بلطجته المعهودة.
على المستوى الدولي وعلى وجه الخصوص بمنطقتنا يسعى الامريكي بشكل واضح الى رسم معالم جديدة وما يحصل في سوريا لهو خير مثال، فالسرعة التي يهرول بها الشرع للتطبيع مع كيان العدو الصهيوني غير طبيعية تمثلت بلقاء حكومتة مع ممثلين من الكيان باكثر من دولة اخرها كان في باكو اذربيجان رغم احتلال الكيان لاراضي شاسعة في سوريا، هنا يظهر بوضوح الدفع الامريكي للوصول الى هذه النتيجة باسرع وقت، فعن ماذا يبحث الامريكي هناك؟؟
1- مد خطوط الغاز على الاراضي السورية قادمة من الخليج وتامين اوروبا دون الحاجة لروسيا
2 - تأمين الحدود السورية مع فلسطين المحتلة بحيث تصبح الجولان امام ممر امني يفصلها عن سوريا
3 - تقسيم سوريا الى دويلات كلها تسير وفق المنهج الامريكي
4 - اغلاق الطريق على خط الحرير الصيني حيث ان سوريا كانت هي الممر البحري لاوروبا .
5 - في هذه النقطة قد يختلف الكثير من القراء معي وهي جعل سوريا اسرائيل جديدة حيث ان اسرائيل القديمة شاخت وبدأت باظهار عجزها امام تنفيذ الارادة الامريكية واصبحت كيان يمقته العالم بتصرفاتها الغير انسانية والعنصرية المفضوحة والغير قابلة للتغطية كما كان سابقا، كما ان سوريا لا تحتاج الى تطبيع من العرب وغيرهم على ان ينفذ الشرع نفس الاهداف التي وضعا المستعمر لكيان العدو.
الامريكي يعلم تماما انه لا يستطيع اكمال الرسمة النهائية لمنطقتنا دون ايران فحاول استخدام القوة معها فارتدت عليه النتيجة فاصبح يعلم ان الخيار العسكري غير ممكن مستقبلا، بل ان الخيار العسكري مع حزب الله وانصار الله غير ممكن ايضا فهو رغم نشر اضاليله بالاعلام ان حزب الله انتهي واتمام تحييد انصار الله الا انه يعلم يقينا ان نشرات اخباره والاعلام العربي المضلل لهو هراء وان تجربة اخرى كالتي سبقت قد تنهي الكيان ككل وتفككه. لذا ليس له خيار سوى الاستمرار بهذا النهج الاعلامي وتأليب المجتمعات في كل من ايران ولبنان عليهما وهو يعلم ان هذه الخطة مكلفة وربما تكون نتائجها عكسية ولكنه سيحاول على اية حال لان لا شيء اخر متاح امامه.
واخيرا فعدم مصداقية ترمب في كل احاديثه قد لا يكون هو الملام الوحيد عليها، فهو معروف بثرثرته وقوة الأنا لديه وهاتين الصفتين قد لا تكونا على المقاس الذي تفرضه حكومة الشركات العميقة التي تتحكم بالمشهد الامريكي، فهذه الحكومة العميقة هي من يملك التريليونات والتي تدير الاقتصاد الامريكي بكل معنى الكلمه، لذا فهم يصوبونه ويضطر الى تغيير ما قاله سابقا بغض النظر اذا ما قاله كان صحيحا ام لا ولكنه مجبر وليس مخيرا ان لا يتماشى مع رغبة حكومة الشركات العميقة وهي من يملك المصالح في كل دول العالم ويهمها جدا الا ترى انخفاضا في هيمنة الدولار او الهيمنة السياسية الامريكية وتعرف يقينا ان الصين هي واقع اقتصادي وسياسي وعسكري كبير وتضم معها دول البريكس الكبيرة الذين باستطاعتهم قطع هيمنة الدولار وهيمنة امريكا السياسية وهو الامر الذي سيؤدي الى فقدان الحكومة العميقة لهيمنتها وهي تفعل ذلك دون اهتمام لمصلحة المواطن الامريكي العادي مما سيؤدي مع ضعف الهيمنة وتراجع الاقتصاد الى اوضاع امنية بالغة في الولايات المتحده في القادم من الاشهر!!!!!
ان طوفان الاقصى رغم عذاباته والتضحيات الجسيمة التي قدمتها اطراف المحور الا انها تركت امريكا كالذي تخبطه الشيطان من المس فهو يدور في حلقة مفرغة يغير كلامه ويعدل عن تصرفاته وافعاله ولا يعلم الى اين ستؤدي به الامور لذا فالامريكي احرص ما يكون بعد الان ان لا يكون هناك طوفانا جديدا فهو بالتأكيد لن يحتمله، لذا فهو سيضغط بعنف على من يقدر عليه ويفرض عليه مخططه الشيطاني دون التفات لمصائرهم او مستقبل دولهم،،، وسيتراجع للخلف امام متحديه ومن يقفون بوجهه ويقولون كفى.